اجازة الخمس سنوات بين الرفض والقبول ..الفساد سيد القرارات في العراق

اجازة الخمس سنوات بين الرفض والقبول ..الفساد سيد القرارات في العراق
آخر تحديث:

بغداد/شبكة أخبار العراق- منذ ان طرح قرار منح الموظف اجازة اعتيادية لمدة خمس سنوات براتب اسمي مع احتساب سنوات الخدمة والتقاعد ، والموضوع يشغل الموظفين ويثير تساؤلاتهم حول ماهية القرار وان كان يصب في مصلحتهم ام سيؤثر عليهم مستقبلا ..سناء ابراهيم ، الموظفة في وزارة التربية تعد القرار فرصة ذهبية لها لتتفرغ لتربية اطفالها وايصالهم الى سن مناسبة ، فهم بحاجة الى وجودها معهم ، فضلا عن توفيرها اجور الحضانة والروضة واجور النقل التي تنفقها للوصول الى دائرتها ، عدا التكاليف الاخرى من ملابس ومستلزمات تحتاجها المرأة الموظفة وتؤثركثيرا على راتبها .
وترى ان تسلمها راتبها الاسمي فقط سيقابله امتلاكها الحرية والراحة والبقاء مع الاطفال ، مشيرة الى ان بعض الدول تعمل في حالة الازمات المالية على تفييض موظفيها ، لكن مثل هذا الحل سيحافظ على حقوق الموظف العراقي .. وللموظفة في وزارة الثقافة آمال عدنان اسباب مختلفة لتأييد هذا القرار ، فهي تجد ان السنوات الخمس ستمكنها من انجاز مشاريع كثيرة كانت مؤجلة لديها ، كممارسة العمل الصحفي الذي ابتعدت عنه كثيرا بسبب ارتباطها بالوظيفة ، كما انها ستقترب بعد انقضاء السنوات الخمس من سن التقاعد الذي انتظرته كثيرا دون ان تضطر للدوام اليومي وممارسة بطالة مقنعة .وتشير الى ان رواتب وزارة الثقافة ، على سبيل المثال ، غير مجزية ، لذا يرتبط بعض الموظفين باعمال اخرى لتحسين مستواهم المعيشي . كما تعد هذه الخطوة جريئة من قبل الحكومة بهدف عدم ارهاق ميزانية الدولة اذ يمكن بهذه الطريقة تأمين رواتب لموظفين آخرين .. اما سها الحكيم الموظفة في احد المصارف ، فلها رأي مختلف ولاتؤيد مثل هذا القرار ، لانه غير مضمون من وجهة نظرها ، ذلك ان ابتعاد موظف ما عن العمل مدة خمس سنوات قد يجعله فائضا في نظر الدولة وليست هناك حاجة فعلية لجهوده بعد ان استغنت عنه كل تلك المدة ..وترى ان هذا القرا مخصص لمن ينوي السفر او ممارسة عمل مربح مع المحافظة على وظيفته ، وهكذا سيستفيد الموظف ويبقى العاطل عن العمل عاطلا ..وترى الحكيم :”ان الحل يكمن في تقليل سن التقاعد او على الاقل تخصيص هذه الاجازة للنساء فقط ليتفرغن لتربية اولادهن ، وهذا النظام معمول به في بعض البلدان المتقدمة”..

من الناحية الاقتصادية ، انقسم الخبراء الاقتصاديون والمتخصصون مابين مؤيد لهذا القرار ورافض له . فمن جهته ، اكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح :” ان هذه الخطوة تعني اقتراض جزء من راتب الموظف على ان تعيده الى الوظيفة بعد انتهاء الاجازة مع احتساب الخدمة التقاعدية ، وفي ذلك ضمان لحقوق الموظف خاصة وان الدولة ملزمة بدفع رواتب لاعداد كبيرة من الموظفين يربو عددهم على الاربعة ملايين موظف ، مايرهق ميزانية الدولة في الوقت الذي يمكن فيه للموظف المجاز ممارسة اعمال اخرى في قطاع السوق مايؤدي الى الحصول على انتاجية اعلى “.فيما يرى الخبير الاقتصادي علي الموسوي :” ان تعطيل الموظف مدة خمس سنوات دون فائدة يقدمها للدولة ، سيتسبب بمضاعفة ظاهرة البطالة . وبدلا من حل مشكلة العاطلين عن العمل سيظهر لهم من “ينافسهم ” في بطالتهم”، مشيرا الى ضرورة وضع ضوابط لهذه الاجازة ليستفيد منها الموظف والدولة على السواء .واوضح :” ان من الممكن ، مثلا ، السماح لموظف ما بالحصول على هذه الاجازة في حالة عجزه عن الاحالة على التقاعد بسبب عدم اتمامه السن القانونية ، ذلك ان وجود اكثر من مليوني عاطل عن العمل يلزم الدولة بتوفير فرص عمل لهم وانقاذهم من البطالة وآثارها السلبية “.

ويلخص المحامي الدكتور عبد القادر القيسي ” مساوىء ” القانون بانه قد يحول الدولة الى مؤسسة كبيرة للرعاية الاجتماعية بقيامها بتعيين موظفين ثم منحهم اجازة لمدة خمس سنوات براتب اسمي كامل ، دون ان يقدموا شيئا للدولة . كما ان الموظف ، حسب رأي القيسي ، قد يستغل اجازته في ممارسة عمل لايتفق مع مقتضيات وظيفته او يظهر بمظهر من شأنه الاخلال بكرامة الوظيفة او عمل فيه شبهة وزلل، او ينتفع من منصبه الوظيفي في ممارسة اعمال تجارية مربحة ، وهذا محظور قانونيا لكنه لن يحاسب عليه ..ويشير القيسي الى نقطة مهمة اخرى ، فقد يرتكب الموظف خلال اجازته فعلا جنائيا يعرضه للحبس ولا تعلم دائرته بذلك بل يمكنه العودة الى وظيفته بعد خروجه من السجن . وهذا خطر كبير اذ انه يكون بذلك قد اقترف فعلا مخلا بالشرف ،منبها ايضا الى :” ان هذه الاجازات ستفتح الباب لهجرة الكوادر الكفوءة الى الخارج ، وبالتالي زيادة خروج العملة الاجنبية ، مايدل على ان هذا القرار قد يشير الى ان العراق منهار اقتصاديا وسينعكس سلبا على التنمية الاقتصادية ، سيما وان الدولة ستلتزم ايضا بدفع الرواتب التقاعدية للموظفين المجازين دون عمل “.لكن الخبير الاقتصادي رشيد عبدالجبار يرى بعض المزايا في القانون ، اذ سيعود بالنفع على الموظفين من الدرجات الدنيا فيتيح لهم فرصة السفر او ممارسة اعمال اخرى او تحسين مستواهم العلمي ، وسيخفف من الترهل الوظيفي والبطالة المقنعة ويقلل من الضغط على الموازنة العامة للدولة من خلال خفض النفقات التي تكمن في المخصصات التي تصل الى ثلاثة اضعاف الراتب الاسمي ، كما سيساعد النساء على رعاية اطفالهن..ويعتقد عبد الجبار :” ان تخفيض سن التقاعد او تقليص مدة الاجازة الى سنتين قد يؤدي غرضا افضل لتقييم مدى فشل او نجاح القرار “، مشددا على ضرورة اهتمام الحكومة بالاستثمارات الخاصة لامتصاص البطالة وتحقيق توازن اقتصادي .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *