هل تحققت الشراكة الوطنية بالعراق؟ بقلم احمد صبري

هل تحققت الشراكة الوطنية بالعراق؟ بقلم احمد صبري
آخر تحديث:
شهد العراق تشكيل عدة حكومات أطلق عليها حكومات الشراكة الوطنية، وهذه التجربة في الحياة السياسية العراقية لم تحقق أهدافها في تجسيد مبدأ الشراكة وتقاسم السلطات في إدارة شؤون العراق، طبقا للمحاصصة السياسية التي كانت سمة النظام الجديد في العراق.
ولم تستطع تلك الحكومات بالتوافق على تكريس حال الانسجام بين أطرافها في مواجهة التحديات التي تعصف بالعراق، لا سيما المتعلقة بحاجات وتطلعات العراقيين وسبل توفير الظروف اللائقة لهم، واستثمار الأموال الطائلة التي تحققت من العوائد النفطية.
فبدلا من تكريس تلك الأموال الهائلة خلال السنوات العشر الماضية لإسعاد ورفاهية العراقيين وتخفيف وطأة الفقر ومعالجة آثاره، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وإعادة البناء والإعمار وتقديم الخدمات الحياتية لهم، فقد ذهبت معظم تلك الأموال إلى غير مقاصدها وراحت إلى جيوب اللصوص والمفسدين الذين تفادوا المساءلة والملاحقة والمحاسبة القانونية.
إن الإخفاق الحكومي السياسي والاقتصادي والخدمي في الحفاظ على أموال العراق، تعمق مع فقدان الثقة بين أطراف العملية السياسية إلى حد التخوين واستخدام ورقة الابتزاز السياسي في تصفية الخصوم، ما كشف هشاشة أسس الشراكة التي جمعتهم طيلة السنوات العشر الماضية.
إن انعدام الثقة بين أطراف الائتلاف الحاكم في إدارة الدولة وشؤونها أدى إلى تعطيل البرلمان وشل فاعليته جراء الانقسام والاستقطاب الطائفي والسياسي الذي يعيشه العراق. وأصبحت الأزمة التي يعيشها العراق طبقا للواقع المعاش متداخلة، لا سيما تأثرها بارتدادات ما يجري بالإقليم العربي والمنطقة عموما التي جعلها أسيرة التوافقات الإقليمية والدولية، وهي بالأحوال كافة تتقاطع مع إرادة العراقيين وتطلعاتهم بوطن آمن ومستقر ومنيع من الاختراق.
وإذا كان خيار تشكيل حكومة الأغلبية السياسية بديلا عن حكومة الشراكة الوطنية الذي تتداوله بعض الأطراف السياسية محاولة لتقليل آثار عدم التوافق وحال الانقسام، فهو بالأحوال لا يحل المشكلة، فضلا عن أنه محاولة للهروب عن استحقاقات طال انتظارها ينبغي على شركاء الحكم البحث عن خيارات واقعية تعزز أسس الشراكة وتعزز الثقة، لتعطي الأمل للعراقيين بتغير الحال ورؤية النور في نهاية النفق.
فمن دون تلبية اشتراطات العيش والمصير المشترك، وتجسيد مبدأ الشراكة الحقيقية بين المكونات العراقية، سيبقى العراق عليلا ومتداعيا وغير قادر على مواجهة المشاريع الخارجية التي تستهدف أسس الوحدة الوطنية؛ لأنها الضمانة الحقيقية لقوته وديمومة استمراره موحدا ومستقرا وآمنا

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *