الإعلام والأدب

الإعلام والأدب
آخر تحديث:

عالية طالب

أغلب الأدباء في العراق يعملون في منافذ إعلامية، ويحتم عملهم لغة إعلامية خاصة،  لا بد أن تبتعد عن مناطق”السرد” وتفاعلاته الممتزجة بلغة الشعر ربما، او بلغة النثر التأويلي الخاص بإثارة مناطق الإحساس والتصوير اللفظي الذي ينقل المتلقي ليتمثل النص ويعيش داخل بيت  بطل القصة متفرجا على الأحداث من مكان مستتر يشبه الكاميرا الخفية .اشتراطات لغة الإعلام لا بد لها أن تبقى بمنطقتها، وكذلك لغة الأدب، وحين نعمل على مزج الاثنين  في منطقة لا تصلح لها ، سيكون الوليد تائها لا يعرف لمن ينتمي ويترك القارئ في دوامة الدخول في متاهات لغة “ جميلة” لكن مكانها  مشتبك بعدم احقية المكان .أقرأ قصصا ومقالات وتقارير وأعرف جيدا  أين يقع خلل الخلط ، وأين يستوجب الأمر مقصا تصحيحيا كان لا بد أن يدخل في “ الفلترة” من الكاتب والمصحح سواء بسواء، لكن الواقع  الأدبي والإعلامي “المختلط  النسب” يدلق علينا اليوم صورا لا علاقة لها بالتجنيس فتضيع  مسافات الوعي بالنص لتدخل في متاهات  التوقف عند القراءة وكأننا تعرضنا  لحاجز نفسي فعل فعله في صد رغبتنا في المواصلة.
الإعلام الذي يخصص  مساحة للأدب والثقافة  في الصحافة وفي البرامج وفي المسموع، لا بد أن يخضع لسؤال مباشر: هل الثقافة تجيز للناشر أن يعمل على تخريبها بإصرار متوحش كما يحصل في أغلب  هذه المنافذ؟ وهل تسويد الصفحات  يحقق مبتغاه كبديل عن النشر بالوجه “الأبيض” الذي ربما يحقق فائدة أكبر لمقتني الصحيفة لجعلها مسودة للكتابة، فلربما تنفع بأكثر مما تفعله في تهشيم معنى القصة والقصيدة والمقالة والتحقيق والمتابعة.جمل لا يجمعها رابط، وفكرة لا تصل إلى الآخر، وقصة  تحفل بالطرد لمن يقرأها إن كان متمتعا بوعي متوسط فما بالكم بمهتم بالأدب والفكر والفلسفة والبحث، وهو يجد  عبارات لا يحق لها أن تذكر في مجلس “عامي” فكيف بصفحة متخصصة تحمل اسم “ ثقافة” .ما يجري  واقعا تتحمله جهات متعددة بعضها تربوي وأكاديمي وأخرى منظمات ونقابات  ومؤسسات ومنافذ إعلامية “ غير مؤهلة”،  لا يبدو ان أغلبها تهتم لواجباتها المفترضة ازاء مجتمع عاش  مفتخرا بتاريخه الحضاري والفكري وأطلق صفة “ الفترة المظلمة” على زمن تردت فيه بعض مظاهر الحياة الثقافية، ولكن بقي هناك الكثير من المعرفة وصلنا عن تلك الفترة بما يشكل إضاءات على مسيرة الأدب والفكر، فكيف بفترة يقال عنها تجاوزت الظلام لكنها أغفلت الوصول إلى الأزرار الحقيقية للضوء! 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *