الاعلام حين يكون ( ارهابا) !! … بقلم الدكتور حميد عبد الله

الاعلام حين يكون ( ارهابا) !! … بقلم الدكتور حميد عبد الله
آخر تحديث:

صار الارهاب ثوبا فضفاضاً يمكن إعادة فصاله على أي مقاس، وغدا تهمة جاهزة تحمل مادتها الصمغية اللاصقة التي يمكن ان تلتصق بأي (مشاكس) ترى فيه الحكومة مصدراً للقلق والازعاج!.

أنت جريء إذاً انت ارهابي، أنت صاحبُ قلم لايساوم، إذاً انت مع الجماعات المسلحة، أنت تفضحُ الفساد والفاسدين، إذاً أنت ضد العملية السياسية، أنت تسمّي الاشياء بأسمائها من دون توريات ولا كنى، إذاً أنت مرتبط بأجندات خارجية!.
هكذا ببساطة تـُكال التهم، ويُلقى الناس في السجون وتصدر أوامر القبض سواء بوشاية من مخبر سرّي أو بإيحاء من مخبر علني!.
الاخطر في (فضفضة) و(مطمطة) (تهمة الارهاب) انها راحت تلصق بوسائل الاعلام، فتتهم هذه الصحيفة بأنها تخدم اجندات خارجية، وتلك الفضائية بأنها تحرض على العنف، وكأن العنف بحاجة الى من يحرّض عليه،وكأن ناره المستعرة بحاجة الى من يسكب عليها المزيد من الزيت!.
مَن عمل في الوسط الاعلامي خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات يعرف جيدا ان النظام السياسي، برغم دمويته واستبداده وقمعه لأي صوت معارض، كان يأنف أن يزجّ المسؤولين الكبار في القرارات المتعلقة بحجب أو منع الانشطة الاعلامية، وتوكل المهمة لموظف صغير في دائرة الاعلام الخارجي!.
كنت مديرا لمكتب إحدى الصحف العربية التي تصدر في أوروبا، وذات يوم نشرت الصحيفة نص الكتاب الذي تضمن حوارات القيادة حول التعددية، وهو كتاب محدود التداول، فجنّ جنون اجهزة الامن!.
لقد علمت لاحقا ان صدام حسين نفسه همّش على الجريدة حين قدمت له: كيف تسرب كتاب كهذا الى الجريدة؟.
اجرت المخابرات تحقيقا في الامر، وقبل ذلك تلقيت اتصالا من موظف صغير في وزارة الاعلام يطلب مني اغلاق المكتب وتسليم هوية المراسلين الى الوزارة.
أما نتيجة التحقيق، فقد حفظت في ارشيف المخابرات وانتهى الامر.
كان التوصيف الذي يقال على صحيفة مشاكسة كالصحيفة التي كنت اراسلها بأنها (مشبوهة)، أما اليوم فهي (ارهابية) مع سبق الاصرار.
السلام عليكم..
[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *