الاغلبية السياسية رداء حق يلبسه الباطل

الاغلبية السياسية رداء حق يلبسه الباطل
آخر تحديث:

  عبد الخالق الشاهر 

لم يكن مصطلح حكومة الاغلبية السياسية وليد اليوم فقد تزامن رواجه مع رواج الفكر الديمقراطي لقرون مضت ، بل ان الحقيقة تقول ان لا ديمقراطية دون حكم الاغلبية السياسية التي تأتي عن طريق انتخابات حرة نزيهة ..وهذا مانص عليه الدستور العراقي بالمادة 67 وتتلخص في ان مرشح الكتلة الاكبر (رئيس الوزراء) هو من له الحق بتشكيل حكومته دون ان يكون ملزما بأشراك الكتل الاخرى في الحكم وتلك الكتل يحق لها ان تكون معارضة سياسية في البرلمان تراقب عمل الحكومة وتصحيح مساراتها ..اما حكومة التوافق او الشراكة فلم ينص عليها الدستور وهي منذ تطبيقها في العراق ولحد الآن تخرج من فشل لتدخل في اخفاق ، وهي المسؤولة عن كل ما جرى في العراق خصوصا وأن الشركاء لم تكن لديهم هوية واحدة فهم معارضون وهم وزراء ومدراء ينعمون بالكعكة اللذيذة ويظهرون في الوقت نفسه بمظهر النزاهة كونهم ليسوا صناع قرار ، والدليل على ان الكعكة لذيذة بمذاقهم هو ان لا احد منهم فكر ولو لثانية واحدة بالاستقالة وترك الكعكة واكتفوا بالجعجة ، وعندما تكلف احدهم بعمل ما يجيبك بأن (التوثية بالايد اليسرة) وتجدهم كلما طالبو بأعفاء مكونهم من الجزة دفعو (جزة وخروف) فمثلا اقامو الدنيا واقعدوها لتحقيق التوازن المكوناتي في الدولة وما زالت الهوة تتسع رغما عنهم ، وطالبوا بألغاء اجتثاث البعث وكانت النتيجة حضر البعث الذي هو اكثر القوانين انتهاكا للحريات والحقوق المدنية في العالم ، بل وصل الى اجتثاث حتى المواطنة .فلا (مشاركة) في الانتخابات ولا حق التظاهر ولا حق التجمع ولا حق الاعتصام

هل المشكلة اليوم تكمن في شكل نظام الحكومة اغلبية ام شراكة؟؟ الجواب كلا فالاثنتان لا تشكلان حلا للوضع العراقي لأن الوعاء الذي تسبحان به هو الوعاء الطائفي فلو جئنا اليوم بكل اشكال النظم السياسية في العالم لفسدت في هذا الوعاء الممكرب ..فأذا اردنا ان نحقق الاغلبية (السياسية ) سنجد ان لا اغلبية سياسية في العراق ولا اقلية سياسية بل هناك كتلة شيعية وكتلة سنية وأخرى كردية وان تسميتها كتل سياسية ما هو الا قفز على الواقع واسفاف في التزوير لواقع الامر ، وبالتالي فأن هناك اغلبية شيعية مقابل اقليتيان سنية وكردية وأن حكومة الاغلبية ستكون اغلبية مكون عرب الشيعة .اما الاقلية المعارضة فستكون اقلية السنة والتي هي لم تحقق شيئا وهي في الحكومة فكيف بها وهي معارضة مدى الدهر .هذا فضلا عن ان الاغلبية الطائفية ستنجب حتما حالة (طغيان الاغلبية) والتي بدورها تنجب طغيان الفرد  سنية كانت او شيعية  طالما ان الدستور مخترق والحقوق والحريات الفردية  الجوهرية شبه غائبة..خصوصا وأن الاغلبية الطائفية لديها (القائد العام) الذي يقود النار العراقية كلها دون وجود اي توصيف وضيفي له في الدستورسوى انه رئيس الوزراء اما سلطاته التي لا تخول وصلاحياته التي تخول وآليات عمله وحدوده فقد سكت عنها الدستور سكوتا مزعجا

سأترك الحديث للسيد لاري فلينت الذي يقول ((حكم الاغلبية يصلح فقط اذا كان هناك احترام للحقوق الفردية ..فمن غير المعقول ان تجمع خمسة ذئاب وخروف ثم تأخذ رأي الاغلبية عمن سيكون طعامهم في العشاء)) وبالتالي ستتعز مقولة ((السمك الكبير يأكل السمك الصغير)) وسيكون القانون كشبكة الصياد التي تعمل بالمقلوب..تمسك السمك الصغير ويفلت منها السمك الكبير .

الحل هو باستبدال الاغلبية الطائفية والاقلية الطائفية باغلبية وأقلية سياسية تضم مكونات الشعب حتما وهذا ما هو مستحيل لدى الاحزاب الاسلامية وبالتالي يكون الحل الوقتي في كتل متحالفة ومنسجمة من المكونات كبديل شبه وطني كخطوة اولى ، والثانية تعديل قانون الاحزاب وجعله يحضر الاحزاب الشيعية والسنية ما لم يكن فيها نسبة مقبولة من المكون الآخر ..اما الخطوة الاخيرة البعيدة فتكمن في الدستور السوري والمصري اللذان حضرا  الاحزاب الدينية برمتها (الدولة المدنية) التي تحترم كل الاديان طالما كانت خارج السياسة ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *