الاقلام المهجرة ….!

الاقلام المهجرة ….!
آخر تحديث:

 

د هاشم حسن التميمي

شهدت الصحافة العربية بل الادب العربي منذ وقت بعيد ظاهرة الاقلام المهاجرة الى بلاد الغربة هربا من البطش والاستبداد بكل اشكاله، فقد تحولت الاوطان لسجون ووسائل الاعلام الى ابواق ماجورة تورث صاحبها المهانة والمذلة.

ويعترض البعض على مصطلح (مهاجرة )ويعدله ل(مهجرة) بالتاكيد على قسرية الابعاد وليس اختيارية الاغتراب، ولعل التاريخ يعيد نفسه خاصة مع جيل من الاعلاميين الذين يبحثون عن تقاليد المهنة ومعاييرها واخلاقياتها والنظرة اليها بوصفها رسالة واداة تعبير عن الحقيقة، وسلاح لتشكيل الراي العام وانتزاع الحرية، ويبدو ان هذا التوصيف في زمن الفوضى غير الخلاقة التي اعقبت سقوط النظام السابق اصبح مثل النكتة او الاستحقاق الغبي، واصبح الفكر السائد يروج لفلسفة (الحوسمجية) والارتزاق السياسي والعقائدي، والمهني الذي فتح الابواب على مصراعيها للارتزاق ونسف ابسط التقاليد والمعايير المهنية التي تسمح لمعقب المعاملات الأمي – مع احترامي واجلالي لكل المهن- غير الموهوب ان يصبح بين ليلة وضحاها من كبار كتاب المقالات او رؤساء التحرير، وهنا انتجنا صنفا جديدا من الصحفيين يضاف للمهاجر والمهجر وهو (المستأجر) الذي يؤجر اسمه مقابل ثمن للتشهير بالناس والمؤسسات ـ ويستثمر الكارت الصحفي للابتزاز والتسول من السلطة….!

اقول ذلك وانا من جيل اكتوى بنيران الصحافة التي احبها حتى العشق الذي كاد ان يطيح براسي الذي ظل مرفوعا بوجه الحاكم الجائر في زمان انحنت فيه اغلب الرؤوس خوفا من قطافها او استسلاما للحياة واتقاء بطش من لايرحم ولايدرك او يفهم معنى الحرية. او طلبا للامتيازات الرئاسية… ولم تنفع هجرتنا من الصحافة الرسمية الى الاسبوعية ،ومن المحلية للدولية…. وعاد اليوم هذا الطراز المعتق من كتاب الاعمدة وصناع الاخبار يبحثون عن مساحات امنة ومستقلة لاعمدتهم غير مغمسة بالدم والارتزاق وخيانة حرية التعبير فضاقت الارض وعز عليها ان تنجب صحيفة كاملة المواصفات تكون وطنا للمخضرمين من الاعلاميين والشباب المتنورين ،واصبح ذلك ضربا من الخيال. وعدنا نتسكع بين ارصفة الصحف مثل الباعة المتجولين نبيع اعمدتنا بارخص الاثمان على طريقة (كل ثلاثة بربع)، ونتعرض دائما للتهجير على يد دواعش الصحافة… وتبقى محنتنا الحلم بوطن بديل ولا اقصد لاسامح الله استبدال العراق كما فعل كبار الساسة بل استبدال مكان النشر ونحن نعرف اسم المنشور ولم نتعرف على الناشر، ولعل عمودي ( كاتيوشا) طاردته شرطة البلدية وانتقل من جريدة لاخرى حتى وصل اليوم الى ( بغداد الاخبارية ) بدعوة من رئيس تحريرها الزميل الفيصل ولا ادري كم ستدوم الاقامة الله اعلم لكنني اعلم واعاهد القراء ان روحي وعقيدتي الصحفية في محاربة الظلم والفساد والمجاهرة بالحق احملها معي وانا اتنقل بين الاوطان الصحفية ، واذا عز علينا المكان في نهاية المطاف واستوجبت المسؤولية ان اجاهر بالحق ولا اجد صفحات تحتويني فلا اتردد ان ارسم صرختي على وجه كفنى ولا الوذ بالصمت مهما كلفني الامر ولايصح الا الصحيح

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *