الانتمـــــــــاءات

الانتمـــــــــاءات
آخر تحديث:

  علي السوداني

* يقاتل الناس و يُقتلون دفاعا عن اديانهم و طوائفهم و اوطانهم منذ قرون، و الثلاثة لا تأتي بالاختيار غالباً، تُحدَدْ الأديان والطوائف والجنسيات بالولادة.

* لا بد من الفصل بين الانتماء، بوصفه واقعاً فعلي، وتوظيفه بشكل أساسي في البنية الاجتماعية، بحيث يتفوق على غيره من الانتماءات، أو يقترب من ان يتحول إلى الانتماء الوحيد في بعض الحالات. فالشخص يرث انتماءه الى دين أو طائفة أو قبيلة أو إثنية معينة، كما يرث كونه ولد في المنطقة x للوالدين س و ص، من دون أن يكون له دور في اختيار ذلك الانتماء. إنه واقع موضوعي، لا علاقة له بالإرادة أو الوعي. انه بصراحة خارج إطار الاختيار في بداية حياة الفرد. لذلك ان الانتماء للإنسانية، بتجاوز الانتماءات الفرعية؛ ممكن ان يوحد كل تلك التيارات المتقاطعة.

* في المفهوم الميثيولوجي، الاسلامي، يجب ان تبحث و تطالع حتى تتاكد من صحة عقيدتك، تقارن بين الأديان والمعتقدات حتى تؤمن حقاً بأنك على حق، و تثبت لنفسك قبل الناس، ان عقيدتك حسب ما وصلت اليه؛ هي الأقرب للحقيقة، والا فانك كعرب الجاهلية الذين نشأوا و هم يَرَوْن الناس يعبدون كومة احجار او تماثيل من التمر، ففعلوا كما فعل آبائهم، بلا تمحيصٍ ولا تفكير. وهذه دعوة للتفكير في معتقداتنا قبل ان نؤمن بها حد تفجير أنفسنا او تكفير الاخرين لاختلافهم معنا في المذهب.

* التنوع القبلي والطائفي والإثني في بلد ما ليس، بالضرورة، مصدراً للصراع، بل قد يكون، في حال تم توظيف هذا التنوع بشكل ذكي؛ مصدراً للغنى الثقافي للبلد المعني. غير أن أهم شرط لعدم تحول الانتماء إلى طائفة أو قبيلة أو إثنية إلى عامل للصراع يتمثل في ديمقراطية النظام السياسي والحياة الاجتماعية وكيفية تعاملنا مع انتماءاتنا، وانتماءات الاخرين.

* اغلب المتطرفين لا يفهمون و لا يدركون ان أديانهم و جنسياتهم و مذاهبهم، اكتسبوها بالوراثة، بالضبط كلون البشرة و الشعر و غيرها، فلا داعي للفخر بما لم تعمل لأجل ان تحصل عليه، انا افتخر باني املك سيارة لأَنِّي دفعت مالاً من اجل ان احصل عليها، وافتخر بإيماني بنظرية الجاذبية لأَنِّي درستها و جربتها، لكني لم ادفع فلسا لاصبح عراقيا او مسلما الخ..

* في حديث مع فنانة أجنبية تسكن بغداد ، أخبرتني انها لا تُحب بلدها، تفاجأت في البدايـة، بمنطق من يقول “أيكرهُ إنسانٌ بلادَهْ” ؟ لكن لاحقا، فكرت في الموضوع ملياً، وجدت ان من الطبيعي ان يكون للانسان رأي مغاير من الاشياء التي فُرضت عليه، أعني، هي اختارت ان تسكن هنا، و هي سعيدة بهذا القرار، وهذا ما يجب ان نفتخر به جميعا، قراراتنا، لا انتمائاتنا المفروضة علينا. – هذه ليست دعوة للثورة على الأديان والاوطان، إنما هي دعوة للثورة على تمسكنا الأعمى بانتماءاتنا و تعصبنا لها، دعوة للتسامح، للتفكير فيما نؤمن به، و ننتمي اليه، وكيف وصلنا الى هذا الايمان والانتماء؟  و الأهم من هذا كله؛ هل يستحق ان نَقتُل او نُقتَل من أجله؟ هذا هو ما يُهم حقاً..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *