التجريب في المسرح العراقي تقليداً وخصوصية محلية

التجريب في المسرح العراقي تقليداً وخصوصية محلية
آخر تحديث:

د.عواطف نعيم

يعد التجريب في المسرح وسيلة من وسائل البحث والابتكار لدى المبدع المسرحي الباحث عن المغايرة والتجديد فيما يراه بات مألوفا ومعتادا فيما حوله من أساليب عمل وطرائق إنجاز ولعل البحث والاجتهاد كان واحدا من الأسباب التي أدت الى ظهور مدارس ومذاهب في فن المسرح تعمل أغلبها وكل على نهجه وتوجهه في تحديث الظاهرة المسرحية والخروج بها الى آفاق أوسع وأكثر انفتاحاً في التعامل مع المحذورات والتابوات وكسر قواعد الكلاسيكي والتقليدي، ولم يكن هذا الاجتهاد والمغايرة حصرا بالعرض المسرحي على مستوى الرؤى وآليّة الاشتغال داخل فضاء الخشبة، بل كان متجليا وناشطا في كل عناصر العرض المسرحي ابتداءً من كتابة النصّ الى التأثيث السينوغرافي للفضاء المسرحي وتوظيف التكنولوجيا والتعامل مع الأزياء ومكوّنات المكياج وطبيعة الاكسسوارات والملحقات داخل فضاء العرض، وكان الأداء أحد العناصر المهمة والبارزة التي تجلت وتبلورت فيما يقدم من عروض مسرحية على اختلاف تنوعها ما بين التاريخي والعالمي والشعبي والمحلي. 

لم يغفل الباحثون والمجرّبون أن يستفيدوا من كل تطور تكنولوجي من السمعي والمرئي والمتحرك على خشبة المسرح لاحداث صدمة وتحقيق حضور ينبئ ويشير الى اختلاف وجدة، وبمرور سنوات عمر المسرح المديدة ووجود أسماء ومصلحين ومجددين تغيّرت الأساليب وطرائق الاشتغال وتنوّعت من خلال ما يقدم من عروض مسرحية في أنحاء العالم، وبما أنّ المسرح في الوطن العربي كان فنّاً وافداً على الرغم من وجود مظاهر له في بلدان عربيّة أبرزها العراق ومصر أثبتها الباحثون والمنقبون في تاريخ حضارتي وادي الرافدين ووادي النيل من خلال الاشكال المرسومة والمنحوتة ومن خلال الرقم الطينية والبرديات المصرية والتي كشف من خلالها عن نصوص درامية كبيرة وغنية بالفعل الدرامي مثل ملحمة كلكامش ورثاء أور وقصة أوزيس ويوزريس وغيرها من المقروءات التي تم تلاقفها وتحويلها إلى عروض مسرحية وأفلام سينمائية، إلا أن هذه المظاهر لم تتطور لتخلق لدى العرب تراكما وارثا مسرحيا كبيرا وملفتا، مع ذلك عمل المجتهدون والمولعون بهذا الفن العظيم على جعل المسرح من خلال دعوات التأصيل والتأسيس مسرحاً عربياً يحمل خصوصيته ويعلن عن وجوده وتفرّده من تجارب مبدعيه والساعين الى منحه اللون والروح التي تنتمي لهم وليس الى الآخر، هناك من عمد الى الاجتهاد منطلقا في تعامله مع الظاهرة المسرحية في بلده الى منح المسرح محليته ومغايرته التي تؤثر في المجتمع الذي يتمثله من خلال توظيف طقوس دينيّة أو طقوس تراثيّة وميثلوجيا تخيليّة شفاهيّة متوارثة وتحويلها الى عروض مسرحية اكتسبت خصوصيتها من جرأة ومغامرة مبدعيها.      

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *