الجهل والنظام السياسي في العراق

الجهل والنظام السياسي في العراق
آخر تحديث:

 بقلم:الأشعث الفرزوني

الجهل بمفهومه العام يعني عدم الإدراك أو الإستيعاب أو عدم الوعي أو عدم فهم الواقع وعدم إستقراء أبعاد المستقبل لما يدور من أحداث وأمور وقضايا في مختلف نواحي الحياة سواء كانت سياسية أو إجتماعية وغير ذلك . فالشخص الجاهل لا يعني أنه شخص غير حاصل على مستوى تعليمي معين ، ولا يعني إنه غير مثقف أو إنه لم يكن ” مناضلاً ” وما الى ذلك . فهناك الكثيرين بمستويات تعليمية متقدمة وحتى من أصحاب الشهادات العليا بمختلف التخصصات نجدهم في مقدمة الجهلة في كثير من الأمور . كذلك نجد العديد مما يسمونهم ” مثقفين ” ما هم إلا جهلة بكل معنى الكلمة . وفي نفس الوقت نجد أشخاص بسطاء غير متعلمين وغير مثقفين ولكنهم على درجة كبيرة من الوعي والإدراك والفهم لما يدور حولهم . إذاً ببساطة الجهل هو عبارة عن حالة بنيوية للمجتمع وسلوكية حياتية لأفراده نتيجة عوامل تاريخية وإجتماعية وسياسية متشابكة ومعقدة . وعند تحليل الواقع للمجتمع العراقي ، وبالدلائل ، نجد أنه في العموم مجتمع جاهل بالرغم من وجود فئات عديدة متعلمة ومثقفة من أبناءه . فهو مجتمع جاهل كلياً عندما إنتفض بكل غباء للإطاحة بالنظام الملكي الذي لو إستمر لحد الآن لكان العراق في مصافي الدول المتقدمة . الجميع يدرك ذلك عدا الأغبياء جداً فقط . كذلك في ظل النظام الديكتاتوري كان معظم العراقيين من متعلمين ومثقفين وبسطاء ومن مختلف الشرائح الدنيا والعليا بدون إستثناء يُقبلون أيدي وأكتاف القائد الأوحد . والآن وفي ظل النظام السياسي السائد منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن نجد الجهل بكل مفاهيمه هو الصفة السائدة والمعبرة عن المجتمع العراقي والسلطة السياسية الحاكمة . أولاً ، إن معظم شرائح المجتمع العراقي عبارة عن جهله بكل معنى الكلمة . ومن البساطة إثبات ذلك ، فمعظم العراقيين ، وخلال الستة عشر سنة ، متذمرون من أداء الحكومة وفشلها في أداء أبسط واجباتها ، مع ذلك يقوم العراقيون بإعادة إنتخاب نفس الشخوص التي أودت بحياتهم ومستقبلهم . هل هناك من جهل أكثر من ذلك . حتى الذين ممن إمتنعوا عن التصويت ما هم إلا جهلة بكل معنى الكلمة لأنهم لا يعرفون أبسط قواعد التعبئة الجماهيرية لأنه بإستطاعتهم تنظيم أنفسهم وتغيير قواعد اللعبة السياسية تماماً لصالح البلد ،إلا إنه مع الأسف أثبتوا جهلهم أيضاً وثبت خلوا العراق من قياديين وطنيين .

وفي الجانب الآخر نجد أن معظم الساسة العراقيين سواء في مجلس النواب أو في السلطة التنفيذية أو حتى القضائية هم أيضاً جهلة بكل معنى الكلمة بالرغم من ذكائهم المميز في كيفية إدارة شؤون الدولة والسيطرة على مقدرات وموارد البلاد لصالحها الفردي والخاص . إنهم جهلة بكل معنى الكلمة أولاً لأنهم غير مدركين أو واعين لحجم المسؤوليات التي تقع على عاتقهم لإدارة البلاد نحو مستقبل واعد من ناحية ، وثانياً لأنهم غير مدركين لمصيرهم المؤساوي عندما ستنفجر الجماهير في لحظة غير محسوبة ويجدون أنفسهم وتوابعهم في مزبلة التاريخ . الكل يعلم ان من يتحكم بالمشهد السياسي العراقي الآن هم في معظمهم جهلة لا يحملون أي من صفات القيادة ، معظمهم أصحاب عمائم جهلة إبتداءاً من المرجعية وتوابعها وانتهاءاً بالرموز المتخلفة والجاهلة مثل الصدر والحكيم والعامري والمهندس والجبوري بكل أنواعه وفروعه والمطلق وأياد علاوي والمالكي والحلبوسي والكرابلة ، ومع الأسف إدراج عادل عبد المهدي أيضاً ، وووووووووو الخ .

الخلاصة ، إن معظم شرائح المجتمع العراقي جاهل ومعظم سياسييه أكثر جهالة ولكنهم أذكياء في السلب والسرقة إضافة الى ذكائهم المميز في جعل الشعب العراقي مغيب ويعيش حالة من الوجدان التفاعلي مع معاناة الأئمة المفترضة الذي يتجاوز عددهم الأنثى عشر . فالجهل هو صفة عامة لمعظم شرائح المجتمع العراقي وفي نفس الوقت هو صفة عامة لمعظم السياسيين العراقيين . فهل هناك من أمل ؟ أشك في ذلك .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *