الدراما والسينما وما بينهما خانق !

الدراما والسينما وما بينهما خانق !
آخر تحديث:

عالية طالب
منذ ظهور فيلم “القاهرة- بغداد” في نهاية عشرينيات القرن الماضي بجهود فنانين مصريين وعراقيين وبتمثيل عفيفة اسكندر وحقي الشبلي ومديحة يسري وإخراج أحمد بدرخان. وما تلاها من سنوات ازداد فيها عدد إنتاج الأفلام ليتراوح ما بين 12-15 فيلما كل عشر سنوات، وحتى وصولنا إلى فترة التراخي الإنتاجي على مستوى الدولة ومؤسساتها الفنية ،فلم تعد تجدي  مؤسسة السينما والمسرح بعد ان تحولت الى خرائب لم تعمل الحكومات المتعاقبة على إعادة الحياة لها. منذ ذلك الظهور  الذي استغرق قرنا كاملا لم يتجاوز عدد أفلام العراق الـ100 فيلم، وجاءت سنة بغداد عاصمة الثقافة العربية لتنتج عديد الأفلام الروائية الطويلة والوثائقية القصيرة وبميزانيات جيدة، لكن تلك الأفلام لم تنل الصدى الإعلامي الجيد واتسم اغلبها بأخطاء فنية وإخراجية  واضحة.
مشكلة الفيلم العراقي تباينت ما بين النص والأداء والإنتاج والإخراج، وربما عانى النص من الاهتمام الحقيقي بالاختيار الصائب، ولم تتم الاستفادة من النتاجات الروائية المهمة للروائيين العراقيين، والتي تحول بعضها سابقا إلى السينما أمثال رواية “خمسة أصوات” لغائب طعمة فرمان باسم “المنعطف” العام 1975، ورواية العطش وحمل الفيلم اسم “الظامئون” لعبد الرزاق المطلبي العام 1972 ورواية “النهروالرماد” العام 1978 لمحمد شاكر السبع و”القمر والاسوار” عبدالرحمن الربيعي العام 1979! هذه الاختيارات السابقة لم تشهد ديمومة حالية وبقي النص الروائي حبيس الورق ولم يتحول إلى مشاهد حية  تحقق رسالتها الفنية والاجتماعية والثقافية والسياسية  في بلد ترجم الأدباء معاناة مجتمعهم بأعمال متميزة، وكان لها أن تكون رسالة مهمة للعالم فيما لو حظيت بالاهتمام والرعاية المطلوبة ووجدت أرضية إنتاجية جيدة. بقي الفيلم العراقي متخلفا عن مواكبة المنجز السينمائي العربي والعالمي، رغم قدرة الممثل العراقي على التميز والتواجد في مساحة عربية بجهوده الخاصة وليس برعاية مؤسساتية رسمية، إلا ان ذلك التواجد المحدود لم يتسع ليصبح ظاهرة متميزة وبقي محدودا بعدده الفردي.السينما سلاح ثقافي مهم ربما يفوق  قدرة الكتاب على توصيل الأفكار واشهار سلاح الوعي أمام ظواهر التخلف والاستلاب والظلم والإرهاب وآلة الموت التي دارت منذ سنوات، وما زالت تحصد الأرواح وتتدخل بمقدرات العراق فتوقف عجلة النماء والأمن والاستقرار والإنتاج والاستثمار. عناصر الإنجاح متوافرة، واشتراطات الفن الهادف يؤمن بها عديد من العاملين في هذا المجال، لكن الواقع يشير إلى غياب السينما وقصتها الفاعلة إزاء إنتاج مستورد قد لا يجد أصلا دور عرض متعددة إلا في أمكنة لا يزورها سوى القلة القليلة !.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *