الرواية العراقية وأسئلة النقد

الرواية العراقية وأسئلة النقد
آخر تحديث:

حسن الكعبي 
لم يحسم الجدل بشأن ارتقاء الرواية العراقية في مرحلة ما بعد التغيير الى مستوى مفهوم الجدة، وما إذا كانت الرواية العراقية استحقت تسمية الجديدة نتاج الكم الكبير للمطبوعات السردية في هذه المرحلة أو نتاج النوع الذي ابتكر أساليب سردية وطرائق فنية جديدة مغايرة لما هو مألوف في السرد العراقي في مراحله السابقة على التغيير أو هل ان وضع الرواية العراقية ضمن لازمة الجديدة يترتب على طابع التغيير الشكلاني الذي يطال البنية الفنية التي تمس وجهات النظر والشخصيات والبنية المكانية والزمانية وما إلى ذلك من مشترطات سردية تشكل العناصر الفنية الأساسية في البناء الفني للرواية.
مدعو النقد 

إن هذه الأسئلة المتعلقة بالرواية العراقية افتتحها النقد العراقي بعد أن وجد نفسه إزاء كم روائي لم يكن مسبوقا في مشهدية الثقافة العراقية في مختلف مراحلها، ويمكن الإشارة الى وجود جهود نقدية جادة (وهي جهود قليلة نسبة للمدعيات النقدية العريضة ونسبة للادعياء في النقد العراقي) رصدت – اي هذه الجهود – مسار تحولات ومتغيرات السرد الروائي.
يمكن القول في سياق ذلك إن أسباب عدم قدرة النقد العراقي على إيجاد خصائص تحدد ملامح الرواية العراقية وتعتمد كمعايير يحتكم إليها في التعرف على الرواية العراقية ترجع إلى قلة الجهود النقدية الجادة، إضافة إلى إشكالية طغيان أدعياء النقد أي ذلك النوع من النقاد الذين يعيدون سرد تفاصيل الرواية في سياق حكائي تبسيطي وباختزال شديد يضر بالرواية، ويهمل المعايير النقدية كسياقات تؤدي إلى التوصل لأحكام القيمة والتي تعتبر الأهداف الأساسية في المسعى النقدي بوصفها أي المعايير هي من تحدد خصائص التميز في المنطوق السردي والأدبي بشكل 
عام.إن هذا النمط من الكتابة الضارة السائدة في المشهد النقدي العراقي تجسده توجهات بعض المتطفلين من أدعياء النقد في سياق إهمال المعايير الأساسية للنقد ووصف هذه المعايير- بالمعادلات الرياضية- انطلاقا من الجهل المؤسس الذي يقود لمثل هذه التصورات والدعوة للنقد الوصفي التبسيطي المهمل لأحكام القيمة، وهذا التوجه التبسيطي هو التوجه الذي حذر كثيرا منه الناقد والمفكر (تيري ايغلتون) في كتابه التوجيهي (كيف نقرأ الأدب).يشدد ايغلتون في سياق رفضه للنقد التبسيطي، على ضرورة توجيه الممارسة النقدية إلى اعتماد المعايير للتوصل إلى أحكام القيمة بصدد العمل المدروس فهو يرى أن القضية الأساسية في النص الأدبي أو أي ظاهرة ثقافية أو اجتماعية خاضعة للدراسة تكمن في (أن ثمة معايير لتحديد ما هو ممتاز في– كذا-  أو الرواية وهذه المعايير عامة، وفي حالة الأدب تعرف هذه الممارسات الاجتماعية بالنقد الأدبي).

التجديد الشكلي

إن طغيان الكتابات الضارة والنقد التبسيطي المطلوب في المساحات الإعلامية استطاع أن يحجب ويغطي على الاشراقات النقدية التي توصلت إلى اكتشاف المناطق المهمة في الملفوظات السردية العراقية، وهي المناطق التي يخشى أدعياء النقد الوصول إليها لذلك فهم يمارسون الحجب عليها في سياق إشاعة توصلاتهم المعتمة ورؤاهم القاصرة وهي توصلات يخشى النقاد الحقيقيون أيضا الذهاب إليها أو مجاورتها في مساحات النشر فألمعيتهم تمنعهم من مجاورة الحمقى لذلك فهم يخشون الذهاب إلى الأماكن التي تروق الحمقى على حد تعبير الكسندر 
بوب.في هذا السياق يمكن القول وبالاستناد إلى الرؤى النقدية اللامعة التي توصلت إلى أحكام بصدد مميزات الرواية العراقية والى أهم ملامحها الثقافية والجمالية ضمن اشتغالات نقاد السردية العراقية ومنهم على سبيل المثال (عبد الله ابراهيم، فاضل ثامر، محمد قاسم الياسري، صادق الصكر، بشير حاجم، حسن السلمان…) وبالاستناد إلى المنجزات الروائية التي وقعت في منطقة اشتغال هؤلاء ومنها روايات (بتول الخضيري، علي بدر، نزار عبد الستار، انعام كجه جي، لؤي حمزة عباس، ضياء الخالدي، احمد السعداوي، ضياء جبيلي، مرتضى كزار، حميد الربيعي، اسعد اللامي ممن خضعت منجزاتهم ضمن دائرة المقاربات النقدية) يمكن القول بوجود رواية عراقية اكتسبت خصائص التجديد الشكلي والمضموني وافتتحت آفاقا لملامح التجديد على مستويات فنية وثقافية تعد بالكثير لمستقبل السرد الروائي العراقي.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *