العبادي بين الهوى الامريكي و القيد الايراني

العبادي بين الهوى الامريكي و القيد الايراني
آخر تحديث:

 محمد العبد الله محمد 

حيدر العبادي يختلف عن سلفه نوري المالكي في الموقف من امريكا وايران فالعبادي و الغالبية من دائرته ذو ميول امريكية لاعتقادهم بان الاعتماد على الامريكان يمنحهم سلطة لاطول وقت ممكن و سيحوزون على رضا خليجي عربي مما يعني حصولهم على الرضا السني وبالتالي انهم باقون حتى تستبلدهم الادارة الامريكية بمن له ولاء اكثر منهم .

هذا ليس طعنا بوطنيتهم ولكنهم كبقية السياسيين فكل له ولاءه الخارجي ليس بالضرورة من باب العمالة بل من اجل ايجاد سند له وقوة في مقابل الاخرين وهي صفة اصبحت مقبولة كون كل سياسيي الشرق يبحثون عن سند قوي يتمترسون بها والعبادي وفريقه وباعتبارهم عاشوا فترة طويلة في الغرب فانهم يميلون للغرب وامريكا بالذات وبالتالي فهم يعلمون على تنفيذ الاجندة الامريكية لاعتقادهم الحقيقي بانهم يخدمون الشعب العراقي كما ويعلمون بان الميل لامريكا يعني الرضا السني عنهم وهو ما يبحثه السياسي الشيعي بكل اسف .

رسائل العبادي الى الامريكان تصل من خلال اشخاص في مكتبه اعتمدتهم الادارة الامريكية كمخبرين موثوقين وهم اثبتوا للامريكان اخلاصهم و اخرين يحاولون ان يثبتوا للامريكان بانهم اهل للثقة وهم مجموعة خدمت المالكي سابقا وهي معروفة بانتهازيتها وتملقها ولا تحترمها الادارة الامريكية ولكنها تاخذ منها الرسائل و المعلومات وتربت على كتفها فتعود للعبادي مسرورة .

غلبة الهوى الامريكي على العبادي وخيانة فريقه بعدم النظر الى الواقع جعل العبادي يعادي ايران ويحاول ان يبتعد عنها قدر الامكان ويعرقل بعض خططها من اجل ان يثبت للامريكان بانهم يمكن ان يعتمدوا عليه متناسيا وهو السياسي المحنك بان امريكا تعلم جيدا انها تخسر ان نازلت ايران على الاراضي العراقية فلذلك هي بحاجة الى رئيس وزراء عراقي يحوز ثقة ايران فيكون خير وسيط في الكثير من القضايا خصوصا وان امريكا لم تعد تقبل بان ترسل قواتها للخارج كما كانت سابقا .

مشكلة العبادي ان فريقه بليد وانتهازي وغير سياسي بالمرة لانه لو كان عاقلا لمسك العصا من الوسط وجعل من الامريكان والايرانيين راضين عنه وهو ما يعني دعم جماعي من اكبر قوتين في المنطقة ولكنه عادى ايران وروسيا وسوريا واعلن رفضه صراحة لغرفة عمليات روسية سورية ايراني عراقية لمحاربة داعش ليهرول احد معتمديه للامريكان ليقول لهم انظروا الى موقفنا ولكنهم لم يبالوا له لانهم على يقين بان النفوذ الايراني قوي وهو صاحب القرار الاقليمي فيما يخص العراق في لوقت الحالي .

لايوجد سياسي عاقل لايعرف بان القرار الايراني هو اكثر تاثيرا في العراق من القرار الامريكي وحتى امريكا نفسها تعلم ذلك وتتعامل مع الحكومة العراقية على هذا الاساس وخير مثال هو تعامل الامريكان مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي و الذي بقدر ما تكرهه امريكا ( حيث تتهمه بانه يميل الى ايران ) فانها تتعامل معه الى الان وبلتالي كان على العبادي ان يعي هذا الموضوع جيدا ليس بمعنى ان يكون اسيرا للقيد الايراني ولكن ان يكون وسطيا في التعامل مع الدولتين كونه وفي الضروف الراهنة و المعقدة عليه ان يوازن في التعامل حتى وان كان يميل اكثر الى امريكا وان لا يضع البيض كل في سلة واحدة ولكن ونتيجة هذا ” الغباء ” السياسي الذي يمتاز به فريقه فانه لن يستفيد من الاحتضان الامريكي له ولم ينل التاييد الايراني الذي منح الى المالكي مع ان الحكم الايراني لا يرفض اي طلب له لاسباب تتعلق بمصالحها كدولة اقليمية.

واوضح دليل على هوى العبادي الامريكي هو موقفه من الحشد الشعبي (الذي يعتبره العبادي عظمة سمكة في البلعوم فلا هو قادر على بلعها اي القبول بها لان الامريكان يرفضون الحشد ولا يستطيع اخراجها لان الايرانيون لن يسمحوا بذلك ) حيث ظل مترددا كثيرا في اعتبار الحشد مؤسسة رسمية وكذلك محاولاته المستمرة في منعها من المشاركة في بعض المعارك العسكرية او تقييد حركتها استجابة للطلب الامريكي اولا وخشيته هو ثانية من تعاظم قوتها وتاثيراتها السياسية الداخلية خصوصا وانها تحصل على مساعدة لوجستية من ايران كما لابد من الاشارة من ان الهوى الامريكي هو الذي جعل العبادي يرفض مشاركة روسيا في قصف قوات داعش الارهابية المتواجدة على الاراضي العراقية رغم علمه بتاثير الضربات الروسية على الارهابيين في سوريا ولكن حتى يطمئن الامريكان الى انه موال لهم فانه تصرف بذاك الشكل وحرم القوات العراقية من دعم روسي كبير .

ولو لم يكن هو العبادي وفريقه امريكيا حتى العظم لكان قد استطاع الحصول على تاييد امريكا وايران وهما اللاعبان الرئيسيان في العراق حاليا من خلال مسك العصى من الوسط حتى وان كانت يده تميل اكثر للجانب الامريكي ولكنه ليس فقط الغباء السياسي للعبادي بل العشق الغربي الذي يسيطر على اغلب فريقه وكذلك الحفاظ على المناصب والاموال التي تعوض مرحلة الحرمان ايام المعارضة ولذلك يقولون له ( ما لك الاّ الامريكان ) فهل ياترى سيحكم العراق يوما شيعة لديهم القليل من الحكمة السياسية فيكونوا يدا واحدة في تحالفهم الذي يظهرهم كقوة شيعية قوية وليس كما هو تخالفهم ( وليس تحالفهم ) الوطني الذي ينهش بعضهم بعضا حيث دعوة المالكي ضد دعوة العبادي ودعوة الداخل ضد دعوة تنظيم العراق والمجلس الاعلى (المهووس رئيسه بالمبادرات واقامة الندوات ) ضد الدعوة و الدعوة بكل تفرعاتها ضد المجلس و التيار الصدري ضد الكل وضد نفسه احيانا واما الفضيلة فياليتها كان فاضلة يوما فهل سنرى تحالفا حقيقيا يعيد للشيعة العراقيين حقوقهم الطبيعية وسمعتهم في النزاهة و الشرف و العفة بعد ان مرغها السياسييون في الوحل بادائهم المخزي وسرقاتهم المالية وانبطاحهم امام دول الخليج والقوى السنية وغيرهم ؟

ترى هل سيساعد ترامب العبادي على كسر القيد الايراني والارتماء بالكامل في احضان الامريكان ؟ ام سيتجاهل ترامب العبادي كما تجاهله اوباما في تلك اللقطة المشؤومة ؟هذا ما سنشهده وتثبته الايام القادمة .

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *