المثقف المستقيل

المثقف المستقيل
آخر تحديث:

 

  حمزة مصطفى

 

بودي ان اطرح سؤالا استفزازيا هو .. هل يوجد لدينا مثقف حتى يتطابق دال العنوان مع مدلوله؟ الاجابة الجاهزة نعم .. لدينا شعراء و قصاصون وروائيون وكتاب سياسيون واكاديميون واساتذة جامعيون . وقد يكون لدينا مفكرون والله اعلم وقد لايكون و”هم” والله اعلم. لدينا صحفيون رواد ومتواردون. لدينا كتاب اعمدة وانت ياحمزة مصطفى احد “المهنبلين” منهم في هذا المجال. اذن لدينا ـ خير من الله ـ او بلغة الفنان سعد خليفة ـ رحمة من العزيز الجليل. وبالمناسبة لدينا فنانون ايضا, رسامون, ومسرحيون وسينمائيون وتلفزيونيون , مخرجون وممثلون. وهم مثقفون على وفق التوصيف الجاري. مثلما ان الجميع هم بالتصنيف الشعبي لمهنة المثقف ومثاله الابرز “الافندي” مثقفون أيضأ. وكانت سليمة مراد غنت على احد مثقفي البصرة .. صبري الذي كان امين صندوقها. ..”لفندي .. لفندي .. عيوني لفندي .. الله يخلي صبري .. صندوق امين البصرة”.

ويستمر السؤال بصيغة اخرى. هل دور المثقف , الشاعر ام القاص ام الصحفي ام الفنان , ام الاكاديمي , ام المفكر هي الكتابة والرسم والتمثيل والتحليل والتنظير والانشاء ثم يمضي الى حال سبيله غير عابئ بما يدور حوله. يقرض الشعر  ويؤلف القصص ويدبج المقالات. وفي المقالات يهاجم التدخل الاميركي في تكريت  اذا كان من جماعة الحاج هادي العامري ويهاجم ايران اذا كان من جماعة الشيخ علي الحاتم. يكيل التهم للسعودية وقطر وتركيا وياتي بالادلة والامثلة والوقائع والقرائن فيما يتعلق بادوارها  في العراق اذا كان من جماعة “ذاك الصوب”. ويهاجم  ايران وعبد الملك الحوثي ومشعان الجبوري وياتي بالادلة والامثلة والوقائع والقرائن بالشان ذاته اذا كان من جماعة “هذا الصوب”؟. وفي اوقات الفراغ يملأ الفيس وتويتر بوستات وتغريدات يستحضر فيها كل حروب داحس والغبراء والبسوس والجمل وصفين و”دكة الرارنجية”؟

  هل هذا هو المثقف  “المخبوصون” به نحن والفضائيات؟ طيح الله “هيج” ثقافة و”هيج” مثقف. أية حقبة ثقافية هذه التي نعيش في كنفها وقد كفت عن انتاج على وردي جديد مع حاجتنا اليوم الى مائة على الوردي  بعد ان اصبح الوعاظ اكثر من السلاطين . ولاتنتج جواهري جديد  مع حاجتنا الى 100 جواهري يقول كل واحد  منهم “انا عندي من الاسى جبل .. يتمشى معي وينتقل”. ولا جواد سليم جديد مع حاجتنا الى 100 نصب للحرية جديد بعد ان نصب علينا باسم الحرية والديمقراطية والشفافية و”الملخانية”.

المثقف اليوم بلا سلطة. ولا الصحافة هي صاحبة الجلالة. لدينا  مثقف تابع ولا يتبعه احد. لانه لايقول ما يستحق المتابعة. نعرف من اول سطر مالذي سيقوله في الخاتمة. هو تابع للطائفة  والحزب والمكون والعشيرة. صار لكل حزب  وطائفة وعشيرة مثقفوها وكتابها ومحللوها السياسيون بل ومفكروها الاستراتيجيون  وفطاحلها اللغويون وربما فلاسفتها المتسقرطون او المتارطسون. عشائرنا تحولت الى امارات بعد ان اصبح الوطن مكونات. صار المثقف يمشي خلف امير القبيلة ويقبل رأس رجل دين الطائفة .ويمسح أكتاف زعيم الحزب. “خل يسمع” غرامشي وفوكو وباشلار وسارتر وجان جينيه .. وخضير ميري.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *