النسق العباسي في الشعر العراقي

النسق العباسي في الشعر العراقي
آخر تحديث:

د. حسين القاصد

قبل أيام قدمت ورقة نقدية عن الانساق الثقافية في الشعر العراقي الحديث ، كان ذلك في نادي الشعر في النجف الاشرف بصحبة الدكتور حازم هاشم ، وكنت قد هيأت أن اطرح افكارا عامة عن النقد الثقافي وعن الانساق الواضحة في الشعر ؛ لكن وأنا في الطريق ، تولدت لدي فكرة البحث المهيمنة كنسق مضمر ، وقد بدا لي هيمنة واضحة للشعر العباسي على شعر العراقيين بشكل عام ، والنجفيين على وجه الخصوص ، فإن شئت ان تبحث في فحولة الشاعر فانظر للمتنبي في شعر الجواهري ، وان شئت ان تبحث عن النسق العروبي ، فستجده عند اغلب شعراء النجف هربا من التهمة المعروفة الجاهزة ، حتى صار الشاعر النجفي بين مؤمن بالقومية العربية فكرا أو حزبا ، وبين ميوله للشيوعية . ولقد قال العلامة محمد حسين الاعرجي: ان الحبوبي في غزله أراد ان يؤكد انه شاعر في كل اغراض الشعر ولم يمنعه كونه مجتهدا في الدين من أي غرض شعري ، وأنا أرى غير ذلك ، أرى ان الحبوبي تلبس ابا نواس سنداً شرعيا ، ليقول مايريد مثلما قال ابو نواس ، ومثلما وجد شعراء المديح في المتنبي سندا شرعيا !!. ان النسق العباسي له ذلك لأن الشعر العباسي هو قمة ما وصل اليه الشعر العربي ، والناس تنظر للقمة وتفكر بها دائما ، فضلا عن ان الشعر العباسي شعر عراقي وأهل العراق أولى وأدرى به كما يقول العلامة محمد حسين الاعرجي في كتابه شذرات من العامي والمولد ، واستنادا الى عراقية الشعر العباسي واشتراك الشاعر الحديث مع الشاعر العباسي بالبيئة نفسها ، نجد ان من يكتب في رثاء الحسين يتلبس دعبل الخزاعي ، حتى اذا وصلنا الى التحديث في الشعر ، فاننا نجد العراقي الحديث متأثرا بالخروج عن العمود السابق ، فأنتج قصيدة الشعر الحر ، التي سميت فيما بعد بشعر التفعيلة ، واستمرت له الريادة حتى وصلت الى القصيدة التفاعلية ، والتحديث هو نزعة تمرد ، وهو نسق عباسي ورثه الشاعر العراقي المعاصر عن سلفه العباسي ، ولقد وجدنا قصائد من الشعر الحر عند ابن الشبل البغدادي ؛ لذلك ارى ان وقفة نقدية جادة نحن بحاجة لها للوقوف عند المضمر المشترك بين الشعر العراقي الحديث والشعر العباسي.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *