الهاشمي: العبادي على خطى سلفه

الهاشمي: العبادي على خطى سلفه
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق-  لم ييأس او يستكين منذ استهدافه بسبعة احكام بالاعدام بقضايا اعتبرها تنطلق من اهداف سياسية، لابعاده عن المشهد السياسي، وظل بعيدا عن وطنه طيلة السنوات الثلاث الماضية.. متنقلا بين دول الجوار العربي تارة، والاتحاد الاوروبي تارة اخرى، حاملا قضية العراق.. داعيا الى عملية انقاذ دولية لنقلها من اطارها المحلي الى الفضاء العالمي؛ لاخراج العراق من محنته التي يتخبط بها منذ احتلاله وحتى الان.انه نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي الذي فقد ثلاثة من اشقائه خلال دوامة العنف الطائفي في العراق.ولم يخف الهاشمي ندمه على مشاركته في العملية السياسية التي انتجها الاحتلال، التي اعتبرها لاتليق بتاريخه السياسي، وان من العار ان يشارك سياسي بعملية سياسية، ونحو ثمانية ملايين من ابناء وطنه مشردين، ولاينعمون بالامن، بعد ان تقطعت بهم السبل.وحدد الهاشمي في حواره مع  جريدة /العرب اليوم/ افق الحل لانقاذ العراق من خلال تدويل القضية العراقية، تتزامن مع مراجعة شاملة للعملية السياسية، برعاية عربية ودولية، يسبقها ترتيب البيت العربي السني عبر خريطة طريق، تستند الى الشراكة وعدم احتكار القرار السياسي بيد مكون واحد.ويرى الهاشمي ان امام العراق خيارين لاثالث لهما.. اما دولة مواطنة تستوعب الجميع؛ او دولة فيدرالية تتشكل من الاقاليم، ترتبط بميثاق يحفظ وحدة العراق بضمانة دولية.ووجه الهاشمي انتقادا لاداء حكومة العبادي، الذي قال انه يمضي على خطى سلفه المالكي، منبها لمخاطر التدخل الايراني عبر حلفائه بالعراق.وفي مايلي نص الحوار مع نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي:-

*دعوتم ممثلي العرب السنة الى الانسحاب من العملية السياسية بشكل جماعي، هل لاقت دعوتكم استجابة… لماذا جرى توجيه الدعوة في هذا الوقت بالذات ؟

– دعوتي كانت مشروطة بترتيب البيت العربي السني أولا، والانسحاب جماعيا من مجلس النواب والحكومة ثانيا، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت…. وأدرك ان عددا من المشاركين لن يستجيبوا بعد أن جعلوا المشاركة هدفا في حد ذاته بينما التمثيل ماهو الا وسيلة لتحقيق ماوعد الناخب به أثناء حملته الانتخابية… وبعد مضي عشرة أشهر لم يتحقق منها شيء بل زاد الوضع سوءا مادفعني لإطلاق هذه الدعوة من باب التنبيه والتحذير لجميع من يعنيهم الأمر في العملية السياسية في الداخل والخارج.

* هل تعتقد أن عملية الانسحاب من الحكومة ومجلس النواب مجدية، وماهي نتائجها على الوضع السياسي بشكل عام ؟

– لدى السياسي المشارك في الحكومة ومجلس النواب جميع المسوغات للتبرؤ من شركاء ثبت لهم ولمن شارك قبلهم بالدليل القاطع انهم يوظفون مشاركتنا معهم لإضفاء الشرعية على جرائمهم بحق العراقيين عامة واهل السنة خاصة… من العار على السياسي أن يواصل مشاركته بينما جمهوره موزع بين ثمانية ملايين عربي سني مهجر وملايين آخرين تحت النار ومئات الالاف محرومون من الحرية محتجزون خلف القضبان يواجهون على مدار الساعة ابشع انواع التعذيب والذل والمهانة او تتم تصفيتهم جسديا من خلال التعذيب او احكام الاعدام….

المجتمع الدولي بحاجة الى صدمة… أما الشركاء من الطائفيين فهم بحاجة الى صفعة…. كي يصحوا ويعيدوا النظر بموقفهم…. وليس امامنا الا هذا الخيار…. واذا لم يحقق أغراضه فيكفي نزع الشرعية وتعرية نظام إقصائي يستثمر المشاركة الهزيلة من أجل تلميع صورته أمام العالم متحججا في الدفاع عن كل تفاصيل التطهير الطائفي اليومية، ويرد على سياسات التهميش والاقصاء بالقول…. ولكن نحن في حكومة شراكة وطنية !!! وهم في ذلك يكذبون.

* تجرون اتصالات مع قوى عراقية مختلفة بهدف تجميع الصفوف، أين وصلت جهودكم ؟

– على الصعيد الوطني أواصل حواراتي واتصالاتي مع أطراف وطنية عديدة من أجل البحث عن مخرج للأزمة الراهنة، كما أتابع اتصالاتي مع كل الاطراف المهمة و المؤثرة من أجل ترتيب البيت العربي السني، نحقق تقدما لكن نحتاج بعض الوقت.

* بتقديركم ماهو السبيل للخروج من المأزق الذي يعيشه العراق ؟

– مراجعة شاملة لتجربة عمرها أربع عشرة سنة نوظفها من أجل تصحيح المسار وإعادة العراق الى سكة بناء دولة مدنية ناجحة بالتوافق، بحيث يجري ذلك في حوار شامل بين مكونات الشعب العراقي برعاية عربية أو دولية.

* ماهي رؤيتكم لإنقاذ العراق ؟

– بإختصار أمامنا خياران، اما دولة مواطنة تديرها حكومة مركزية تقوم على المؤسسات والعدل تمثل وتحتوي جميع العراقيين وهم فيها سواء، وأصبح هذا الخيار بمثابة حلم في ظل العديد من الاختبارات الفاشلة للتعايش المشترك…. خصوصا ماتعرض له العرب السنة خلال السنوات الماضية،

أو البديل دولة فيدرالية تتشكل من عدد من الأقاليم، ينظم فيها كل إقليم أوضاعه بما يناسبه… مع ارتباط هذه الاقاليم بميثاق يحفظ وحدة العراق بضمانة دولية.

* لكن بسبب تردي الاوضاع وتوالي الهجمات على المحافظات العربية السنية واستحالة الحياة فيها ونزوح الملايين الى كردستان والخارج فإن هناك تيارا بدأ يتنامى يطالب حتى بالتقسيم من أجل الخلاص ؟

– نعم ألمس ذلك وأشعر بمحنة أهلي من العرب السنة الذين يتعرضون لشتى صنوف الظلم والقهر والاذلال، ومثال صارخ على ذلك عندما عوقت الحكومة مؤخرا نازحي الانبار من ممارسة حقهم الدستوري في دخول العاصمة بغداد ومحافظات كربلاء وبابل بشرط الكفيل !!! عاملتهم وكأنهم أجانب… وهو مايدفعهم للبحث عن خيارات صعبة من بينها التقسيم…. وأنا شخصيا أتفهم ذلك، لكني لا أشجع عليه لأن في التقسيم لن يضيع العراق فحسب بل سيضيع كل العراقيين.

* أين تكمن خطورة التدخل الإيراني في العراق ؟

– المشهد العراقي الكارثي بتنوع تفاصيله… هو نتاج هذا التدخل، ضياع الهوية والتفريط بالسيادة ونهب الموارد وتكريس التخلف وانقسام مجتمعي وشيوع الكراهية والعنف … مايحصل في العراق درس وعبرة لبقية المجتمعات والشعوب الاسلامية…. عليها أن تحذر في علاقاتها – مهما كانت محدودة – مع دولة ولاية الفقيه.

* ماهو تقويمكم للموقف العربي ازاء مايجري بالعراق ؟ وكيف تتمنى أن يكون ؟

– الموقف دون المطلوب… بل هو مؤسف، العرب عموما يتحملون القسط الاوفر من مسؤولية ضياع العراق. لانتمنى تدخلا ولسنا تبعا لأحد، ونرغب في أن يكون حضورهم السياسي فاعلا في البحث عن مخرج توفيقي مناسب لأزمة العراق ومواجهة النفوذ الايراني غير المسبوق في العراق والمبادرة الى دعوة العراقيين الى طاولة مفاوضات للحوار حول الحاضر والاتفاق على المستقبل، الا ان الاسبقية تكمن الان في إغاثة المهجرين والنازحين وتطبيع الاوضاع في المحافظات الساخنة من أجل عودة كريمة اليها.

* هناك دعوات لتدويل الملف العراقي.. بتقديركم هل الظروف الحالية مواتية لهذا الخيار ؟

– نعم دون شك، وهناك أكثر من سبب يدعوني لتفضيل هذا الخيار، وربما كان انعدام الثقة والشك بين الفرقاء وتعذر اتفاقهم على وصفة للحل هو الذي يسوغ تدخل المجتمع الدولي برغم قناعتي بأهمية حصر القرار بأيدي العراقيين.

مايثير استغرابي هو تجاهل المجتمع الدولي لما يحصل في العراق وحصر اهتمامه بما يسميه الحرب على الارهاب، لكنه بنفس الوقت يتحرك في أزمة سورية وليبيا واليمن، بينما حال العراق لايختلف كثيرا عنها. وكلما تأخر المجتمع الدولي أكثر وتغافل عن محنة العرب السنة فإن الاوضاع آيلة للتعقيد أكثر.

* ماهي مآخذكم على الموقف الروسي إزاء مايجري بالعراق ، لاسيما وان هناك دعوات خجولة لحكومة عراقية تستوعب جميع المكونات العراقية ؟

– دور روسيا في العراق محدود، وهو لايتناسب مع ثقلها العالمي أو الجيوسياسي، كما أنه يشكل مفارقة لعلاقة تأريخية بينها وبين العراق امتدت لعقود من الزمن تعود الى عام 1959.

اهتمامات روسيا تجارية، توريد السلاح والاستثمار في النفط والغاز، بينما المأمول أن تنشط روسيا في شتى المجالات وتحرص على استعادة علاقاتها التاريخية المفقودة مع العراق.

* ماهو تقويمكم لمسار حكومة العبادي ؟

– باختصار العبادي يقود حكومة فاشلة، تفاقمت في ظلها المشاكل والازمات، الامنية والمالية والسياسية والانسانية والسيادية ولاسيما بعد تنامي نفوذ ايران. حيدر العبادي تخلى عن وعوده في الاصلاح والتغيير ويتجاهل حتى الآن ورقة الاتفاق السياسي، متذرعا بأنه يتعرض لضغوط !! ويمضي على خطى سلفه المخلوع في التسويف والتضليل.

رضي العبادي أن يتحول الى موظف في حكومة يديرها في السر المخلوع المالكي، كما وافق أن يتنازل عن وظيفته كقائد عام قوات مسلحة الى هادي العامري قائد المليشيا الطائفية الذي بات هو المسؤول الفعلي عن الملف الامني في العراق. فعلا تحول العراق الى دولة مليشيات.

* هل تعتقد ان تشكيل الحرس الوطني ضروري في ظل الانقسام السياسي والطائفي ؟

– بيت القصيد يكمن في ايقاف الظلم والاذى الذي يتعرض له العرب السنة بالهجمات على محافظاتهم من جانب الجيش الحكومي أو المليشيات الطائفية بذريعة مكافحة الارهاب، الحرس الوطني لكل محافظة ربما كان حلا مؤقتا بشرط أن يتمتع المحافظ بحقه في القيادة والسيطرة….. لكن لا بد أن يتفق العرب السنة على تفاصيل المشروع أولا.

* يلاحظ ان الحشد الشيعي يتغول في الحياة السياسية وفي مسار المعارك… ماهو رايكم بهذا المضمار ؟

– نعم لأنه مدعوم ايرانيا، وغرضه أن يقبض على مفاصل الدولة ويهيمن عليها كبديل للقوات المسلحة النظامية لاستكمال التطهير الطائفي الذي بوشر به منذ نيسان عام 2003، بفضل تنامي ظاهرة المليشيات تحول العراق الى دولة فاشلة بكل المقاييس، لايحكمها دستور ولاقانون ولامؤسسات بل مليشيات خارجة على القانون تمارس شتى أنواع الجرائم بالعرب السنة دون حسيب أو رقيب…. وأمام ذلك يقف حيدر العبادي ليس فقط عاجزا بل يسهل لهذه المليشيات ارتكابها للجرائم، وذلك بحرمان العرب السنة حتى من حقهم المشروع في الدفاع عن النفس بحرمانهم من السلاح ووضع فيتو على تسليح الآخرين لهم.

* ماهو تعليقكم على وجود قوات ومنظومات اسلحة متطورة ايرانية في منطقة النخيب المحاذية للسعودية ؟

– نوع من الاستفزاز، وتحويل الانتباه لتخفيف الضغط عن مليشيا الحوثي في اليمن… وايران لن تجازف بالعدوان على السعودية لانها تدرك أكثر من غيرها بالرد الحاسم المنتظر.

* ولكن هناك اصرار على اعادة النظر بحدود محافظة الانبار تستجيب لدعوات إلحاق النخيب بمحافظة كربلاء ؟

– حدود العراق الدولية وحدود المحافظات مثبتة لدى الامم المتحدة في وثائق رسمية، وبالتالي لن تغير مثل هذه الدعاوى الباطلة من واقع الامر. ولو حصل ذلك فإن من المتوقع أن ينزلق العراق في حرب أهلية واسعة النطاق إذ أن الانباريون لن يقفوا متفرجين على استقطاع ولو شبر واحد من أراضي الانبار. وأنا أحذر.

* ماهي انعكاسات الاتفاق النووي المقرر التوصل اليه نهاية الشهر الحالي على اوضاع المنطقة…. هل يساعد على التهدئة او العكس هو الصحيح لاسيما على اوضاع العراق ؟

– ايران تمددت فوق ماتحتمل وتقدر عليه، وهي تدفع ثمن ذلك غاليا بالنفس والمال، ولا أظن أن رفع العقوبات أو تحرير بضعة مليارات كانت قد وضعت في الحجز سيغير من واقع الحال… ايران تصنع الازمات بتوظيف القوة الناعمة وتديرها على أساس نظرية حافة الهاوية…. لكن رسالة التحالف العربي من خلال عاصفة الحزم لا بد أنها وصلت لايران في أول ضربة جوية على الحوثي في اليمن .

* ماهو تقويمكم للدور الامريكي في العراق ؟ وهل ينسجم مع تعهداتها الحفاظ على وحدة العراق، وتمثيل جميع مكوناتها في العملية السياسية، وهل ستؤثر زيارات مسؤولين عراقيين الى واشنطن……. نرجو ان توضح الموقف الامريكي ؟

– بفضل رئيس متردد اختار أن يكون إرثه في العراق ما أطلق عليه هو شخصيا ( الانسحاب المسؤول ) وكفى ! في ظل هذه القناعة لا نتوقع دورا متميزا للولايات المتحدة بل موقف حتى لايتناسب والتزاماتها مع العراق في ظل اتفاقية الاطار أو اتفاقية الصوفا ( الأمنية ) ، برغم أن الولايات المتحدة عادت للعراق من بوابة محاربة الارهاب والضربات الجوية لكن نفوذها بالمقارنة مع ايران محدود وليس لديها الكثير مما يمكن أن توظفه للتأثير في مجرى الاحداث باستثناء الضربات الجوية المثيرة للجدل والتسليح. كما أن الولايات المتحدة تفتقد للرؤية، ولهذا لم تكن زيارات العديد من السياسيين مثمرة. المتوقع أن عودة الجمهوريين الى البيت الابيض سيغير الموقف الامريكي في العراق.

* سؤال أخير…. متى ستعودون الى العراق في ظل مايتردد أن هناك محاولات جدية وطنية وعربية ودولية لحل قضيتكم ؟

– الدول والشخصيات التي تسعى لاغلاق ملفات الاستهداف السياسي تنطلق في موقفها من يقينها أن الاستقرار في العراق لن يتحقق الا في ظل العدل، وآمل أن يدرك الظلمة أن ثمن ظلمهم كبير وباهظ، وما عليهم الا الاعتذار وإنصاف المظلومين، ستجد قضيتي ومعها قضايا المستهدفين من السياسيين السنة والوجهاء وشيوخ العشائر بل ومئات الآلاف من القضايا طريقها للحل حالما يستعيد العراق عافيته وعدله المفقود. وأنا متفائل.

ولايسعني في مقامي هذا الا ان احيي شجاعة منظمات عراقية ودولية وسياسيين رفعوا صوتهم عاليا وطالبوا برغم الضغوط والمخاطر إنصافي وتبرئتي من كل التهم المفبركة ، لهؤلاء جميعا اعبر لهم عن شكري وامتناني.

 حوار احمد صبري

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *