بائع الخضرة والمحلل السياسي

بائع الخضرة والمحلل السياسي
آخر تحديث:

 

  حمزة مصطفى 

الجسد العربي الذي ترهل على مدى عقود وجثمت على صدره أنظمة الإستبداد والدكتاتورية لم يضرم  النار فيه محلل سياسي او مفكر استراتيجي او مثقف تنويري, بل بائع خضار. الشاب التونسي البوعزيزي هو بلاشك بطل “الربيع العربي” برغم كل مايمكن قوله من ملاحظات او انتقادات بشان هذا الربيع. لقد نجح جسد البوعزيزي المحترق احتجاجا على مصادرة السلطات البلدية في بلاده لعربة الخضار التي يملكها ولرفضها الشكوى التي تقدم بها ضد الشرطية التي صفعته على وجهه قائلة له “ارحل” حيث فشلنا جميعا. لم تكن تعلم تلك الشرطية ان مفردة “ارحل” تحولت الى ايقونة هذا الربيع. فصار كل من لايريده الشعب من الحكام حتى بوجود بطانات من المحللين والمثقفين والشعراء والان شبكات التواصل الاجتماعي حوله يرفع بوجهه شعار من مفردة واحدة هي .. ارحل.

مع ذلك فان السيد ابو العباس  ارسل لي على الخاص رسالة بعد ظهوري على نشرة الساعة الثامنة في قناة الحرة عراق ليلة الخميس التاسع من تشرين الاول الحالي يعترض فيها على مطالبتي رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي عدم التصعيد في حوار له بالحرة استمعت الى بعض مقاطعه بعد ان كنا لمسنا منه خطابا تصالحيا , تسامحيا منذ توليه منصبه. واود تذكير الاخ ابو العباس ان مجئ العبادي الى الحكم جاء بعد ان رفع العراقيون شعارا محايثا لشعار ارحل وهو “التغيير”. مجئ العبادي جاء كمحصلة لهذا التغيير الذي دفع ولايزال يدفع العراقيون في سبيله انهارا من الدم بسبب الاخطاء والكوارث والانتكاسات الامنية والسياسية طوال السنوات الماضية. سوف انقل لكم  رسالة ابو العباس بحذافيرها ودون تدخل مني حتى على مستوى اللغة  “السيد حمزه مصطفى اليوم تعليقك وتحليلك السياسي فيما ذكرت ان العبادي كان كلامه تصعيداً اعتقد فيه نوعاً من التجني وانتم كأعلاميون مع الاسف بتحليلاتكم الغير موضوعيه تصعد وتحرض وتحرف كلام العبادي اي انت وصفته تصعيدياً وكان الحيدري يسألك وبألحاح عن ماذا يريد الكرد كنت ترد بأنجاه اخر اي انه كنت غير موفقا بالاجابه وكانت اجابتك لا تليق بك كصحفي مخضرم وكأن اللقاء مع بائع خضرة”.  لا اعتراض عندي على كل ما قاله ابو العباس سواء لجهة عدم موضوعيتي او كوني لست موفقا او متجنيا على السيد رئيس الوزراء او حتى محرفا لكلامه بل اعتراضي على التشبيه بين بائع الخضرة والمحلل السياسي. واود هنا ان اسال ابا العباس  كم بائع خضرة وسائق تاكسي وعامل مسطر في بغداد والمحافظات هم من حملة الشهادات وبعضها العليا ممن لم يجدوا فرصة عمل بسبب سياسات خاطئة يريد ابوالعباس بشكل او باخر الدفاع عنها, وربما استمرارها اذا كان يتصور “من هسه” ان العبادي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟. ومثلما ان من بين باعة الخضرة وعمال المساطر وسواق السايبات حملة شهادات فانه يعلم , مالم يكن من سكنة كوكب المنطقة الخضراء الذي يبعد عن فلافل حيدر دبل ثلاث سنوات ضوئية, ان هناك الكثير من رجالات الطبقة السياسية الحالية  من غير حملة الشهادات او ممن حصلوا عليها من سوق مريدي. ومع ذلك.. “يستنوبون ويستوزورون ويستشورون”.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *