برلمان الجيران

برلمان الجيران
آخر تحديث:

علي فهد ياسين

في هذا الظرف العصيب من المواجهة المصيرية بين ابناء العراق الغيارى وقطعان الارهاب الداعشي البغيض في معارك تحرير الموصل وباقي مدن العراق، وفي الوقت الذي تدعو فيه الحكومة العراقية كافة المؤسسات الرسمية والشعبية لتحمل مسؤولياتها في دعم الانتصارات الباهرة التي يحققها ابناء القوات المسلحة ومسانديهم للاجهاز النهائي على فلول الارهاب، يعلن مجلس النواب رفع جلساته الى مابعد اجازة عيد رمضان، اي الى مايقرب من ستة اسابيع، في قرار ينسجم مع السياق العام الذي يعتمده المجلس منذ تأسيسه .

لم نجد في تجارب الشعوب التي تخوض حروباً مصيرية، أن برلماناً منح اعضائه اجازةً كهذه والشعب يقاتل اعدائه، بل أن برلماناتها كانت تتخذ قراراً بالانعقاد المفتوح في ظروف الكوارث، والحرب أعلى درجاتها، ليس فقط لانجازمهامها في التشريع والمراقبة، لكن أيضاً ( وهذا هو الأهم) لتأكيد اصطفاف النواب مع شعبهم في دفاعه عن مصيره ومستقبل أجياله، وهي مسؤولية واجبة وملزمة وغيرخاضعة للقوانين وسياقات العمل في الظروف الطبيعية .

لقد كان البرلمان العراقي ومازال (متفرداً) عن كل برلمانات العالم، في ادائه المرتبك والضعيف وغير المسؤول، في الدورة الحالية والدورات السابقة، بالارقام والوقائع والشهادات التي تضمنتها وثائق أنشطته وسجلاته وبياناته المنشورة على موقعه الالكتروني تحديداً، ونقدم منها نموذجاً واحداً فقط، ليكون شاهدنا غير القابل للنقض من رئاسته ونوابه ودائرته الاعلامية.

منذ بداية هذا العام ولغاية يوم الخميس الماضي الذي اعلن فيه البرلمان عن رفع جلساته لمابعد عطلة العيد، عقد البرلمان العراقي (37) سبعٌ وثلاثون جلسة، كان معدل الحضور فيها (173) نائباً  فقط من مجموع أعضائه (328) الثلاثمائة وثمانية وعشرين، أي بمعدل غياب ثابت هو (155) نائباً عن كل جلسة ، لم تحرك رئاسة البرلمان ولارؤساء الكتل والاحزاب ساكناً لتبريرها أو معالجتها أو اتخاذ اي اجراء ضد النواب المستمرين في الغياب، والذين يستلمون (مستحقاتهم) المالية من خزينة الشعب دون تأخير، وكأن البرلمان مؤسسة للجيران، ولايمت بصلة للدولة العراقية ..!.

وللمقارنة الواجبة نقول، أن أخبارسوح القتال ضد الارهاب، تنقل يومياً بالخبر والصورة (عملقة) أبناء الفقراء العراقيين وهم يرفضون الاخلاء من ساحات الحرب بعد اصاباتهم المؤثرة، ورفض الكثير منهم اجازاتهم المستحقة لاصرارهم على مواصلة القتال، وقطع آخرين لاجازاتهم والالتحاق بوحداتهم بوازع من ضمائرهم الوطنية النقية دفاعاً عن العراق وشعبه، لتكتمل الصورة بألوانها الشعبية الزاهية، والبرلمانية والحزبية السوداء !.

يبدو أن المفارقة العراقية بامتياز، أن أنتخاب نائب للبرلمان (يُحرره) من الثوابت الوطنية، وهذه أكبر وأعمق مصائبنا منذ سقوط الدكتاتورية ..!.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *