بعد نفاذ البترول .. صحن شوربة بدل الحصة التموينية

بعد نفاذ البترول .. صحن شوربة بدل الحصة التموينية
آخر تحديث:

سعد محسن خليل 
من ينظر الى واقع العراق حاليا يجد العجب العجاب .. حيث كان من المفروض ان يكون العراق قد استعاد عافيته وشرع في الانطلاق نحو اقامة دولة جديدة حديثة دولة مؤسسات ونظام سياسي ديمقراطي يحقق للشعب العراقي طموحاته في الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية
لكن شتان ما بين المأمول والواقع .. فالواقع هو وجود تصارع على السلطة بين قادة العراق الجدد يأتي هذا الصراع في وقت تسود الساحة العراقية حالة من التذمر الشعبي امتدت الى الجنوب في البصرة والى الشمال في كردستان العراق بعدما كانت مقتصرة على مايسمى المثلث السني .. واسباب التذمر هو تردي مستوى الخدمات والاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة وتردي الوضع الامني على الرغم من امتلاك العراق ثروة نفطية ضخمة ونهرين كبيرين وارضا خصبة وقدرات بشرية هائلة غير مستغلة .. والسؤال المطروح .. ماذا يحصل في العراق لو نفذ النفط الذي تعتمد عليه ميزانية الدولة ..خاصة وان التكهنات تقول ان داعش التي جاءت من رحم تنظيم القاعدة ستتلاشى وستعقبها قوة اخرى جديدة اكثر شراسة من داعش تسمى ” ابناء داعش “.. حتما ستكون المعركة مع ” ابناء داعش ” اشرس لانها ستكون معركة وجود في ظرف يفتقر فيه العراق الى مقومات ادامة الحرب والانفاق عليها بسبب العجز المالي نتيجة نفاذ النفط .. عندها ستكون المعركة معركة ” كسر عظم ” وستكلف العراق مزيدا من الدمار والقتل.. ووسط الضائقة المالية حتما ستصدر الحكومة سلسلة اجراءات لمعالجة الخلل في الميزانية من خلال ايقاف صرف رواتب الموظفين وحجب الطاقة الكهربائية عن المواطنين وانعدام الخدمات .. ومن هذه الاجراءات ايضا اعادة العمل بالبطاقة التموينية ولكن بصيغة جديدة .. حيث سيتم صرف مفرداتها وفق مبدأ الطعام الجاهز ” دليفري ” لكن بالطريقة العراقية حيث سيتم صرف صحن شوربة لكل شخص يوميا مع خمسة فردات تمر ” برحي ” وثلاثة ارغفة خبز مع ثلاثة قناني ماء نوع ” شم النسيم ” وربع كيلو حب السفايف فيما سيتم صرف ” جزمة ” من المطاط ” نوع دجلة ” كل ستة اشهر للوقاية من الاوحال في الشتاء .. ومهفة نوع ” بابل ” تكون بديلا للمروحة وخاولي لمسح العرق المتصبب من الجسم خلال فصل الصيف ..
ووسط هذا التقشف ستختفي السيارات من الشوارع كواسطة للنقل لكلفتها الباهضة ولعدم وجود الوقود وستحل محلها ” الحمير” المحلية وليست المستوردة كواسطة للنقل وخاصة الحمير التي تحمل علامة ” ابو صابر ” كونها اكثر طاعة من اقرانها ومن المحتمل ان تحمل هذه ” الحمير ” لوحة تسجيل ” رقم ” يكتب عليه ” فحص مؤقت ” لمراقبة حركاتها وسكناتها قبل استخدامها للنقل ..واستخدام الحمير سيسهم في تقليل ا ستهلاك الطاقة ” الوقود” وفي حال تعميم التجربة ستختفي محطات الوقود وتحل محلها ” علاوي بيع الجت ” الغذاء المفضل للحمير.. ووسطهذه الظروف ستتحول ” المولات ” الى اسواق لبيع الاجهزة والمعدات التي كانت بالامس تراثية ويصبح الاقبال على شراء ” الحب ” الخاص بحفظ المياه كبيرا ليكون بديلا عن البراد .. والاقبال على شراء ” المهفة ” بديلا عن جهاز التبريد ” السبلت ” وستختفي نهائيا اجهزة كشف المتفجرات والكلاب البوليسية لكلفتها العالية وسيكون اجتياز نقاط التفتيش وفق مبدأ الثقة او اداء عابر السبيل القسم بانه خالي من الشبهات .. وستختفي اجهزة الاتصالات ” الموبايل ” ويحل محلها استخدام الطيور الزاجل المستخدمة قبل اكثر من الف سنة في نقل الرسائل .. ولن تكون هناك منطقة خضراء ولا حمراء ولا صفراء وستكون مقرات الدوائر المهمة والسفارات في ” سوق مريدي ” كون باتت اكثر بساطة ولا يوجد خطر على الساكنين فيها ..حتى الحروب ستنحسر كونها مكلفة وان نشبت فستكون الاسلحة المستخدمة فيها ” الحجارة ” حتى الرقي سيباع وفق نظام التأمينات تسترجع التأمينات بعد اعادة القشور الى البائع .. ولن يكون هناك مجلس نواب ولا مجلس اعيان فلا حاجة بنا لهذا العدد الكبير من النواب ومصاريفهم المكلفة وستحل الامور الشائكة بالتراضي .. وسننظر الى واقعنا الجديد نظرة كلها امل بالمستقبل الزاهر ونعاود كتابة التاريخ كتابة واقعية مستنبطة من ماضينا التليد وحاضرنا المؤلم .. وكان يا ما كان في قديم الزمان .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *