تحليل الخطاب.. مناهج وآليات

تحليل الخطاب.. مناهج وآليات
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق- ضمن ندوته الفصلية، قدم قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة البصرة، أربع دراسات عن تحليل الخطاب وآلياته، اهتمت كل دراسة بجانب من هذا العلم الذي يعد من العلوم التي اشتغلت على المجالات الأدبية واللغوية معا، إذ حاولت هذه الدراسات الوقوف على تاريخية تحليل الخطاب من جانب، وتفكيك الصورة وطرائق تقديمها للمتلقي من جانب آخر، فضلا عن البحث في اختلاف الخطابات بين المشرق والمغرب نقديا في مبحث ثالث.

افتتح الندوة؛ التي قدمها الدكتور عامر السعد، الدكتور عقيل عبد الحسين أستاذ النقد الحديث في القسم، في دراسته التطبيقية عن تحولات الخطاب النقدي بين المشرق والمغرب، قارئا بنية النقد المصري أنموذجا مقابل النقد المغربي. وقد أشار عبد الحسين في تفكيكه لخطاب النقد المصري، إلى أن هذا النقد شدّد على الاصل الفكري التنويري للخطاب النقدي أو التصريح بالمرجعيات الفكرية للنقد؛ مثلا يقول طه حسين إنه يعتمد الشك الديكارتي في التعامل مع الشعر الجاهلي.. ومن ثمّ المسافة بين عالم الخطاب والعالم الواقعي الذي يحدث عبر التصريح بسمات المؤلف والقارئ التاريخيين، فضلا عن إبراز تفوق المخاطِب النقدي، واستحضار السياق المعاصر عبر (المقايسة) التي سأتوقف عندها لتبيين تدخل السياق مع الخطاب.أما في سياق الحديث عن النقد المغربي، فقد لاحظ عبد الحسين، أن النقاد المغاربة وهم يتخذون البنيوية سبيلا لإزاحة النقد السياقي، غياب المرجعية الفكرية والتشديد على النص. وإقامة مسافة واضحة بين العالم الواقعي او السياق وعالم الخطاب (اللساني).الدراسة الثانية كانت للدكتور صلاح حسن حاوي، أستاذ البلاغة، إذ حاول تفكيك خطاب تنحي المالكي الذي ألقي في مجلس الوزراء، موضحا أنه تعامل مع هذا الخطاب بوصفه حدثا خطابيا وقد قدم حاوي عدة تساؤلات، منها كيف أنتج هذا الخطاب؟ وما السياق الذي أنتج فيه؟، وفي إجابته عن هذه التساؤلات، سعى حاوي للحديث عنها عبر معطيات بلاغة الصورة، قائلا إن الخطاب ينفتح لسانياً على خطاب الصورة، والألفاظ تؤمن بخطاب الانسحاب، أما خطاب الصورة فهو يعلن ولاءه للتنحي بفعل الأمكنة السلطوية، في دراسته، حاول حاوي أن يثبت من خلال بعض الكلمات التي وردت في خطاب المالكي، فضلا عن طبيعة الصورة التي أظهرها التلفزيون، أن تلك العبارات والصور التي تنطوي على بعض المجازات في التعبير التقليدي مثلت ممهدات إنتاج استعارة خطاب الانسحاب بديلا لخطاب التنحي.
أما الدكتور عامر السعد، أستاذ اللغة وتحليل الخطاب في القسم، فقد بحث في المقدمات التاريخية التي أسهمت في المقدمات النظرية لتحليل الخطاب، متحدثا عن أهم المدارس التي اشتغلت عليه، ابتداءً من اللسانيات التاريخية في القرن التاسع عشر، انتقالا إلى النظرية التاريخية واللسانيات البنيوية وصولا إلى اللسانيات الوظيفية.السعد بنى دراسته ضمن المنهجية التاريخية ليقدم بعدها المرجعيات السيميائية لتحليل الخطاب، فضلا عن اللسانيات التداولية والسوسيولوجية، ليخلص إلى أهم المدارس التي قدمت مفاهيم تحليل الخطاب الجديدة، مثل حلقة كوبنهاكن اللسانية غيرها.فيما كانت دراسة الدكتور عرفات المناع عن (تحليل الخطاب الحجاجي في معلقة الحارث بن حلِّزة اليشكري) التي بحث فيها من منظور ديبورا شيفرين.
وأشار المناع إلى أن شيفرين حددت عددا من المبادئ الرئيسة التي يقوم عليها الحجاج الاعتراضي، وأهمها: مبدأ التظاهر بالتعاون، وتلخصه شيفرين بـ (نعم ولكن)، أي أن تبدأ كلامك بموافقة خصمك من أجل استدراجه قبل البدء بمهاجمته، والاستدراج آلية يلجأ إليها المتكلم ليؤثر في المخاطب، ويجعله يلتزم (بطريق المنطق الصحيح، وبذلك تسكن النفس في الخصم وتلين عريكته، ويستقبل الحجة والبرهان في جوٍّ من الهدوء والارتياح) ، وقد استعمل الحارث هذا المبدأ في معلقته.ومبدأ ذكر الوقائع والأحداث التاريخية، هو من المبادئ التي أكدتها شيفرين، إذ أن الوقائع والأحداث التاريخية- عندها – من المسلمات لدى المخاطب التي يجعلها المحاجج مقدمات لما يريده من نتائج، فمما هو مسلم به وعده الشاعر مقدمة بعض الوقائع التي انتصرت فيها بكر على غيرها.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *