جار الخضراء المزعج بين الحكيم والصدر

جار الخضراء المزعج بين الحكيم والصدر
آخر تحديث:


.
يتناقل العراقيون قصص غرائب الخيال عن المنطقة الخضراء، وأسرار كبيرة لا يعرفها إلاّ الراسخون بالفساد، والمتشعبون بالمال الحرام وهتك حرمة شعبهم، ودفانوا الملفات في بطون الحيتان.
يبقى السؤال حائراً؛ لماذا يتنكر سُكان الخضراء لمواطنين دفعوا دمائهم، وخلف الجدران ساسة لا يسمعون الحق، ولا ينطقون سوى الكذب؟!
الأجواء تختلف في الخضراء عن مدن العراق الحمراء، ولا تُسمع أصوات المفخخات ولا تنقطع الكهرباء، أو يذهب طفلاً بلا مصروف الى المدرسة، وهم ينفقون ملايين على فواتير هواتف أطفالهم، وفيها تُهرب أموال العراق ويخطط لموت الملايين تحت خط الفقر والأمراض.
هكذا وأكثر هي الخضراء، وخلف جدرانها مواطنيين يتضورون جوعاً، ويشعرون سرطان الفساد يأكل أجسادهم، وتسقطهم المفخخات وساستهم يستنكفون من مشاهدة أشلاء الأطفال على الطرقات، وإنتشار المتسولون على التقاطعات.
لم يتوقع سكان الخضراء وقوف الفقراء يومياً على أبوابهم؛ مهددين بإقتلاع عروشهم، و وإنتزاع تعاليهم على مجاورة الشوارع الآسنة والموت والحرمان، وصَمَّ بعضهم آذانه عن ماضٍ مخزي، ويرى نفسه الآن إمبراطور على الشعب إطاعته. 
في تقرير هيئة النزاهة الأخير، أظهر أن العراق منهوب من داخل الخضراء وأذرعها في خارجها، وعجزها عن ملاحقة الفاسدين، وربطت الحكومة السابقة الهيئات المستقلة بها وبالوكالة، وينتهي ملف الفساد الى السلطة التنفيذية، ويخرج المجرم بريء، وأغلقت مئات الملفات مقايضة وحزبية وعائلية، وفي الخضراء؛ زوّرت أصوات الناخبين، وأموال شراء المناصب وطباعة السندات المزورة، وفيها يجتمع المتنافسون والغرماء والمختلفون والأعداء.
إنتهى إجتماع القوى السياسية والرئاسات؛ بمقررات غير جدية ولا مدركة لخطورة المرحلة، وطالبوا بتشكيل لجان لسماع شكاوى المعتصمين والمتظاهرين، ويبدو أن الساسة في وادي بعيد عن تمثيلهم شعبهم، وهل من عاقل في العراق لا يعرف ماذا يُريد المتظاهرون، أم أنها أوراق بنج منتهية المفعول عند جماهير نفذ صبرها.
إن النتائج أغضبت السيد عمار الحكيم، وطرح على العبادي حلول لأجل إنجاح عملية التغيير؛ أولاَ التغيّير الجزئي: تشكيل لجنة معروفة وواضحة وتقييم الوزراء، ومن يثبت عدم كفاءته نطلب من كتلته ترشيح شخص بديل من التكنوقراط، وبمعايير يضعها رئيس الوزراء بنفسه وليتشدد بالمعايير. ثانياَ؛ التغيّير الشامل: وهذا الأمر يجب أن يشمل العبادي أيضاً، فلماذا يتم استثناؤه؟! ونشكّل حكومة تكنوقراط مستقلّة بالكامل، عن طريق كتلة ذات غالبية برلمانية ممثلة للمكونات، وتشكيل مجلس السّياسات العليا( او ما شاكل ) وهو الّذي يطبخ القرار السّياسي، فتكون القيادة السّياسيّة بيد مجلس السّياسات، والإدارة التنفيذية بيد حكومة التكنوقراط، والّتي تسندها الكتلة ذات الغالبية. ثالثاً: أن يستقيل السيد العبادي من حزبه بشكل علني، ويختار وزراء مستقلّين تكنوقراط، ويُصوّت له في البرلمان عن طريق كتلة الغالبية السّياسية، وبنفس إجراءات الفقرة الثانية. رابعاً: أن لا يستقيل العبادي من حزبه ولا من الحكومة ولا يقبل بالخيار الأول، فنحن نقبل بأن يشكّل حكومة هو يختارها من أي جهة، لكنّنا سننسحب من المشاركة وسنصوت له في البرلمان على حكومته، وسنمارس دورنا الرقابي هناك، وسنخبر النّاس أن هذه الحكومة هي (حكومة حزب الدعوة)، وليست حكومة الشراكة.
التيار الصدري من بين طائفة الفقراء، اللذين دفعوا دمائهم لتربة هذا الوطن، يقفون اليوم على أبواب الخضراء، وجار جديد يزعج الفاسدين.
هنالك توافق كبير بين معتصمي التيار الصدري وما يطرحه الحكيم، ومثلما يرددون ( شلع قلع)، ويُطالب الحكيم بمراجعة كل المناصب؛ من مدراء عامين وهيئات مستقلة ووزراء، فيقلتع الفاسد ويثبت الكفوء، وبين هذا وذاك صار للخضراء جار مزعج، وبدأت الأصوات تدخل الى آذان الفاسدين بقوة، وهناك أعين تتطلع من أعمدة الكهرباء؛ الى ما يدور في الخضراء، ويبدو أن علاجاتهم الترقعية إستنفذت، وحان الوقت أن يجلس العقلاء؛ ليعيدوا الدولة الى سكة مواطنيها.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *