حين يلدغ المؤمن مرات عديدة

حين يلدغ المؤمن مرات عديدة
آخر تحديث:

 

 

  علي علي 

بعد عقود الجور والقمع والبطش.. والحروب والحصار وسياسة الحزب الواحد وفريضة القائد الأوحد، حل علينا عام 2003 بسعي مشكور وجهد مذكور وعمل مبرور.. من تحالف دول العالم، فكان بذاك العام -على مااعتقدنا- الخلاص من عهود القهر والحرمان والدكتاتورية، والانفتاح الى حياة حرة كريمة بظل بلد ديمقراطي فدرالي تعددي، ولو أن الخلاص من مفردة الدكتاتورية جاء مشوبا بمفردة الاحتلال، فبتنا كما قال الشاعر:

 

المستجير بعمرو عند كربته

 

كالمستجير من الرمضاء بالنار

 

لكن..! مع هذا وذاك (خلف الله) على من حررنا من ذاك الكابوس وأزاح جثومه على صدورنا، وأراحنا من ويلات العيش تحت وطأته..! ولو أعدنا النظر الى ماكان يحمله الكابوس من أضغاث أحلام، للمسنا أن هناك صراعا مريرا على مدى أربعة عقود، دارت رحاه بين طرفي معادلة، فطحنت الشيب والشباب من أبناء البلد، وكان طرفا معادلة الصراع معلومين، وبالإمكان تسميتهما والإشارة اليهما بكل بساطة، فالطرف الأول هو صدام، أما الثاني فهو الشعب. وبسياسة الطرف الأول الدموية الهوجاء، وبنهج من أخلفوه في سلطة البلد ومفاصله، تدنى الحال الى أدنى المستويات بين الأمم والبلدان، فصار البلد رقم واحد في الفساد والجهل والأمية والفقر، وبدورهم تفنن المفسدون بأصناف الفساد وأشكاله، بين مالي وإداري وقضائي، والجريمة هي الأخرى ارتفعت معدلاتها بشكل خطير قياسا الى باقي الدول.

 

اليوم.. وبعد مضي أثني عشر عاما على انقشاع الطرف الأول/ صدام.. كذلك انقشاع النظام وحزبه وأزلامه ومجرميه وأدوات إجرامهم، من المفترض أن يلمس الطرف الثاني/ الشعب.. انفراجا في كل تفاصيل حياته، ويشهد البلد الذي كان يئن تحت نير الدكتاتور وسياط حزبه الفاشي، انبثاق فجر جديد لحياة مشرقة بعيدا عن الكبت والضغط والاضطهاد، لاسيما وقد تغير الحزب والقيادة والوجوه، كذلك تغير لدينا نمط الحياة السياسية، حيث أضحى المواطن يشير الى الشخص المناسب بسبابته البنفسجية، لينتخبه ويضعه في المنصب المناسب. لكن واقع الحال عكس غير ماكان مؤملا، فتلاشت الآمال بعين المواطن شيئا فشيئا على مر السنين الإثنتي عشرة العجاف، بعد أن اتضح له زيف الشعارات التي رفعها أشخاص، كان قد رفعهم الى مناصب مرموقة وسلمهم وكالة (عامة مطلقة) بحاضره ومستقبله وثروات بلده، فتعرض على أيديهم الى اللدغ للمرة الأولى من جحر التجربة الانتخابية الفتية، وكذلك كان الخذلان حصيلة ماحصده في التجربة التي تلتها، فكان نصيبه اللدغ للمرة الثانية، فمضى من عمره وعمر العراق من السنين ثمانية.

 

اليوم.. وبعد ان مضى من الشهور عشرة على لدغ المواطن من جحر الانتخابات ذاته للمرة الثالثة، وتداعى البلد الى عواقب وخيمة بسبب ساسته المنتخبين، خسر فيها مالا وأرضا ونفوسا عزيزة، فهل ينتظر المواطن اللدغ رابعة؟.. ومن أي الجحور سيأتيه اللادغون؟ أظن أن المواطن لم يعد يخفى عليه سر السياسة المتبعة اليوم، وبات على بينة من ألاعيب ساسته، وأراه على وعي ودراية عالية بما يبطنونه من نيات، ومايتأبطونه من شرور له وللبلاد ومستقبلهما، والخشية كل الخشية على الساسة الذين مازالوا في غيهم يعمهون، إذ أن ربيع المواطن إن أتى فسيكون حتما خريف ساسته، ورحم الله أبا العلاء المعري حين قال:

 

يسوسون الأمور بغير عقل

 

فينفذ أمرهم ويقال ساسـه

 

فأفّ من الحياة وأفّ منـي

 

ومن زمن سياسته خساسه

 

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *