خلوها تعفن…

خلوها تعفن…
آخر تحديث:

حسين القطبي

في اواخر اذار نحجت الحملة المصرية، الشعبية، ضد شراء السمك، في الحد من ارتفاع اسعارها، اذ كانت قد تضاعفت بمعدل 5 مرات. ويبدو ان العوائل قد تفاعلت مع الحملة فاضطر التجار الى تخفيض الاسعار من جديد.في العراق اليوم، اواخر نيسان، تنتشر حملة مشابهة، لكنها ليست حول الاسماك، فيبدو ان فقراء العراق لا يفضلون السمك بالاساس، وانما حول المنتوج الاكثر شعبية، والذي ارتبط اسمه مع الباذنجان، كافضل اصدقاء للعائلة العراقية، وهو الطماطة.

وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا في انجاح الحملة المصرية “خلوها تعفن” ضد ارتفاع اسعار السمك، ويبدو ان العراقيين تعلموا اسرار استخدام الحملات، على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس فقط لنشر الفضائح، وانما للضغط من اجل موازنة الاسعار، كما يستخدمها الاخوة المصريون.

ولو نجحت حملة “خلوها تعفن” في اعادة اسعار الطماطة، الى مستواها الطبيعي، في العراق، فهذا يعتبر مؤشر على قدرة الشعوب، والطبقات الفقيرة بشكل ادق، على فرض كلمتها كدفاع ذاتي عن مصالحها.

الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي هي البديل كما يبدو للتظاهر في الشوارع، ورفع اللافتات، ففيها يتجنب المتظاهرون عصي رجال الشرطة، او حفظ ملفات الناشطين في المراكز الامنية، وهي بمثابة اختراق لقدرة الاجهزة القمعية واصابتها بالعجز.

واذا كانت الاسماك في مصر، تتعفن بمجرد تركها على بسطات الباعة، واذا كانت الطماطة العراقية لا تحتمل الاجواء الحارة، فان المقاطعة هي ليست مقتصرة فقط على البضائع السريعة التلف، فان البضائع الاخرى، القابلة للحفظ في المخازن لفترات اطول، هي الاخرى تسبب في حالة الاحتفاظ بها وعدم تصريفها بالوقت المناسب باضرار مادية ليست هينة، على التجار والمضاربين بالاسعار، الذين تعتمد ارباحهم على مدى قدرتهم في تصريف البضائع المخزونة، وسرعة تحويلها لسيوله مالية قابلة للحياة مرة اخرى.

وفوق هذا فان حملات المقاطعة لا تتوقف عند البضائع، ومنتجات السوق، وانما تتعدى ذلك الى المنتجات السياسية، كاحياء مناسبات معينة، دينية او وطنية، او افشالها، كفرض تجاهل تام على اجهزة اعلامية معينة، كان تكون حكومية، او توسيع تاثيرها، كالاشتراك بالانتخابات او مقاطعتها.. الخ

سلاح “خلوها تعفن” في المجتمعات التي تحكمها الفوضى، كعراق الاحزاب الاسلامية، ومصر مابعد مبارك، والتي لا تلتفت الحكومات فيها لتنظيم الاسعار، او دعم السلع الضرورية للفقراء، يمكن ان يلعب دور الرقيب الاقتصادي، الذي تهمله الحكومات الفوضوية. وهذا ليس كل شيء.

الاخطر على الانظمة هو استخداماته السياسية، فرفع هذا الشعار الضريف، والسليط، ايام الانتخابات لمقاطعة عملية التصويت وترك البرلمانيين الفاسدين بلا غطاء جماهيري، مثلا، يمكن ان يفشل واحدة من اسوء الممارسات التي تعودنا ان نسمع عنها عنوانها المبهم “العملية السياسية”، وتوقف هجرة الانتهازيقراطية الى مبنى البرلمان.

الابرز في مواقع التواصل الاجتماعي ان الناشط يمكن له ان يخفي اسمه خلف رمز مجهول تماما مثل “ابو المشاكل”، “امير المسرات”، “جار القمر”.. الخ، وفوق ذلك بالامكان خداع اجهزة الرقابة المتخصصة بتتبع الناشطين عن طريق برامج التضليل مثل سايبرغوست او غيرها.

ترى، بعد نجاح “خلوها تعفن” في توفير السمك، للفقراء، ولو نجح عندنا في توفير الطماطة، كيف سيكون وضع المرشحين المقبلين في مخازن الانتخابات القادمة؟؟؟

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *