شباب العراق يسقطون العمامة الصدرية

شباب العراق يسقطون العمامة الصدرية
آخر تحديث:

بقلم: ولاء سعيد السامرائي

لم يفلح مقتدى الصدر بداية ثورة اوكتوبر لا بالدخول الى ساحة التحرير ولا بمنع او تغيير شعار “ايران برة برة بغداد تبقى حرة” رغم كل ما بذله من محاولات باءت كلها بالفشل الذريع لرفض المتظاهرين وجود أي شخصية سياسية او دينية في التظاهرات او رفع صور

ورايات ما عدا العلم العراقي. لكن مقتدى الصدر لم يكل ولم يمل من إعادة الكرة مرة ومرتين دون فائدة ومع ذلك لم يمنعه رفض ساحة التحرير من الاستمرار بمسعاه هذا حتى اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد الحرس الإيراني الذي ترك فراغا كبيرا في إدارة ملف العراق لصالح ايران.

لعدة مرات أستطاع الصدر اجهاض التظاهرات التي حصلت في العراق ضد حكومة المنطقة الخضراء ليساعد الحكومات المنصبة بالتوافق من قبل سفراء الولايات المتحدة وايران من الاستمرار واضفاء الشرعية عليها وعلى اداراتها التي غدى الفساد فيها صارخا وعلنيا بعد ان استشرى في جسد كل مؤسسات الدولة من ابسط تعاملاتها الى الرئاسات الثلاثة كما يعترف بذلك البرلمانيين انفسهم وهيئة النزاهة عبر الاعلام وشاشات القنوات التلفزيونية. ورغم كل التظاهرات والاحتجاجات على فساد العملية السياسية التي تضم وزراء تيار الصدر ٬ سائرون فقد تشبثوا بالعملية السياسية الى حين وضعتهم الثورة امام حدث حاسم لا يشبه تظاهرات الامس المطلبية بل هو توجه الى تغيير جذري لأنهاء العملية السياسية التي أتى بها الاحتلال بعد الغزو عام2003 واسترداد العراق واعادته لأهله. بوجه الصدر ٬ رفع المتظاهرون راية العراق حينما أراد دخول التحرير عنوة ٬ لتكون هذه الخطوة بداية مواجهة مع الثوار سيشنق الصدر فيها نفسه بحباله. أطلق الصدر مليشياته المسلحة من أصحاب القبعات الزرق والقمصان السود بعد عودته “متوجا وقائدا للمقاومة” من مؤتمر قم الذي دعت له ايران لقمع التظاهرات والقضاء على الثورة فقتلت القبعات الزرق التابعة له المتظاهرين في ساحات التحرير في بغداد وكربلاء والناصرية وذي قار بالرصاص وبالسلاح الأبيض وحرقت خيامهم عبر المندسين من اتباعه المتواجدين في الساحات فصدحت حناجر الشباب بهتافات لا اله الا الله مقتدى عدو الله ٬ ونعال الشهيد يشرفك يا مقتدى.

ولأن مقتدى الصدر يهيئ مسرح الجريمة النهائي للقضاء على التظاهرات مع احزاب المنطقة الخضراء فقد أبتدأ بتنصيب نفسه سلطة عليا “مقدسة” وأمر العراقيين بعدم المساس بها بحجة ان ال الصدر خط احمر ! واخذت تغريداته الموجهة للمتظاهرين طابع الآمر الناهي والتعال والابوية الفجة والاحتقار فظهرت سذاجة كلامه وتناقضاته وتقلباته المستمرة في الرأي للناس وبالأخص للشباب والشابات المتظاهرين. ونشر ما سماها “وثيقة ثورة الإصلاح ” التي احتوت على ثمان عشر نقطة كلها تصب في مضمون واحد هو انهاء التظاهرات وتلفيق الاتهامات لها بالعنف وتخريب الممتلكات العامة والتعامل مع الخارج والسفارات واتهامهم بامور لا أخلاقية ومنع اختلاط الجنسيين مسخفا مطالبهم ٬ يأمر بعدم تسيس التظاهرات وتوحيد المطالب وتشكيل لجنة للنظر فيها قائلا في النهاية بعدم تدخل الشباب في الأمور السياسية والتعيينات وعدم زج الثوار في تشكيل الحكومة المؤقته لأنهم برأيه ليسوا بالمستوى او “أطفال”. لكن اكثر ما استفز العراقيين والعراقيات هي احد أوامر هذه الوثيقة بفصل الجنسيين في التظاهرات ٬ هذه الرسالة المنتقاة بشكل دقيق ومحسوب موجهة للمجتمع العراقي تهدف الى منع مشاركة النساء وإلغاء الدور الكبير والمشجع للعراقيات الذي ظهر قويا منذ بداية أوكتوبر بمشاركة الطالبات والطبيبات والممرضات والرسامات والفعالية الكبيرة لهن في التظاهرات ودعمهن الكبير للشباب. وكان رد النساء هو تنظيم تظاهرة واسعة حاشدة في بغداد والمدن الأخرى كرد على “محاولات فرض وصاية والاستيلاء علي الدولة “خرجت فيها الاف النساء محاطات بحراسة الشباب ٬ تجيب هتافاتهن على أوامر الصدر ٬ بأنهن لسن عورة بل هن مفتاح الثورة مرددات أيضا: ما يصير انت اللي تريد احنا مو عندك عبيد ” و”هايا بناتك يا وطن هاية”.

أثارت مواقف الصدر هذه موجة غاضبة وهادرة امتدت من ساحة التحرير في بغداد الى النجف وكربلاء والناصرية وذي قار والحلة فعادت جموع الشباب والشابات من طلاب الجامعات وغيرهم الى التوافد على الساحات ليردوا على الصدر وعلى جرائم أتباعه بحق المتظاهرين وبالأخص على وثيقته المهينة التي فندوا اوامرها بهتافات تدحضها من قبل” شلع قلع والكالها وياهم” ٬ أي من قالها هو من ضمنهم. ان مشهد مواجهة المتظاهرين مع العمامة الصدرية هو حدث كبير وخطير في العراق يتعدى الساحات والمتظاهرين الى غالبية الشعب. لقد نطقت حناجر الشباب والشابات بما لا يتجرأ عليه غيرهم من الشرائح العمرية الكبيرة. وما تزال المواجهة مع الصدر واتباعه على صفحات التواصل الاجتماعي يجيب فيها الشباب بتقديم الحجج المقنعة والصور ومنها صوره هو واقربائه وصور المعممين وعائلاتهم في قضاء حياتهم في الداخل كما في الخارج لأسقاط كل ادعاءات هذا الامر وغيره من الأوامر في سابقة لم تحدث في تاريخ العراق قلبت على رجال الدين والمعممين الطاولة عليهم وعلى أفكارهم ومكيالاتهم المنتقاة التي تتلاعب بمصائر الناس وغسل ادمغتهم .لعل هذه المواجهة بين العمامة والحداثة المتمثلة بالشباب هي واحدة من أهم مشاهد ثورة العراق بعد مشهد خروج التظاهرات نفسها في بداية الثورة اذ هشمت فيها صورة مقتدى والعمامة أكثر من مما مضى ليتحقق للثورة نجاح إضافي في مقارعة اركان حكم العملية السياسية . كما ان تأثيرات هذه الاحداث ستكون عميقة في مستقبل تغيير الأوضاع الاجتماعية وطي أرث ثقيل فرض على العراق والشعب العراقي قسرا.

الصدر وتياره ٬ ورقة ايران الأخيرة للقضاء على الثورة وأعادة العراق الى قبضتها المليشياويه الحديدية لكن العقول والصمود٬ الوعي السياسي والوطني العالي للمتظاهرين كانت لهذه الخديعة الجديدة بالمرصاد فردوا الصاع صاعين. لم يفهم الصدر ولا من يلقنه الأوامر ان شباب ساحات العراق قد قالوا منذ البداية قولتهم الشهيرة ” نموت عشرة نموت مية أبقى قافل على القضية”.الافا مؤلفة هبطت لسوح التحرير٬ شكلوا بأجسادهم سلاسل بعضهم مع بعض ليكونوا سورا متعاضدا ومتماسكا اسمه الوطن لكي لا يمر عبره أي محتل مرددين ضد الصدر: احنا ولد البيها شارة كافي يا ابن ايران كافي.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *