شناشيل : إسطوانة الفساد.. المُمٍلّة

شناشيل : إسطوانة الفساد.. المُمٍلّة
آخر تحديث:

 بقلم:عدنان حسين

انضمّ محافظ نينوى نوفل العاكوب إلى نادي المحافظين المقالين والمطلوبين للعدالة عن قضايا فساد إداري ومالي. المؤكد أنه لن يكون الأخير في هذه السلسلة”الذهبية”! يبدو أنه ما مِن محافظ في هذه الدولة نزيه وشريف، ويبدو أن هذه القاعدة تنسحب على الغالبية العظمى من مسؤولي الدولة.

من قضايا الفساد المُثارة ضد محافظ نينوى المقال، وربما كانت هي القضية الأقل شأناً، أنه صرف 60 مليون دينار عراقي من ميزانية إعمار المحافظة من أجل سارية للعلم العراقي عند مرقد النبي يونس في أيسر الموصل!..

بالطبع سارية العلم ليست أولوية في مدينة منكوبة ومدمّرة بالكامل كالموصل التي يتطلّع سكّانها إلى تعمير بيوتهم وإصلاح شوارع مدينتهم وتوفير الخدمات الأساس لهم. وحتى لو كانت سارية العلم في أدنى درجات الاولوية، فمن الجنون التفكير بصرف 60 مليون دينار (50 ألف دولار أميركي) على سارية علم، إلا إذا أنشئت قاعدتها من المرمر النادر، وطُلي عمودها الخشب أو المعدن بالذهب، ورُصِّعت هامتها بالاحجار النفيسة… أو… زُوّرت فواتير الشراء لتُضرب قيمة الشيء بعشرة أمثالها، كما يحصل في مشرق العراق ومغربه وشماله وجنوبه منذ 2003 حتى اليوم.

في مئة مناسبة أو أكثر، سمعنا رئيس الوزراء حيدر العبادي وهو يتوعّد الفاسدين والمفسدين بسوء العاقبة، ورأيناه يضرب على صدره مُتعهداً باستئصال شأفة الفساد، لكنّنا لم نزل نسمع جعجعة ولا نرى طحناً.

الكشف عن عمليات الفساد والقائمين بها مهمة ليست بالمستحيلة ولا بالصعبة في هذي البلاد، فالفاسدون، وهم في الغالب من كبار المسؤولين في الدولة ومساعديهم وأصحاب المصلحة معهم، لم يكونوا أذكياء بالدرجة الكافية لإخفاء معالم جريمتهم تماماً. كانوا يمارسون فسادهم علناً في الغالب بطرق تدلّ على الجهل من جهة وعلى الاستهتار بالقانون من جهة أخرى. ثمة أمثلة فاقعة للغاية على هذا، فأحد النواب تحدّث غير مرة أمام عدسات التلفزيون مُعترفاً بأنه ارتشى وأنّ الآخرين”كلّهم”يفعلون الشيء نفسه، ونائب آخر ظهر أمام التلفزيون يعد الناخبين بتوزيع أراض عليهم إنْ هم انتخبوه ورئيس قائمته، ونائبة ثالثة أقرّت أمام عدسة التلفزيون أيضاً بأنها وسواها”يتقاسمون الكيكة”، ولم نر ردّ فعلٍ حيالهم من الحكومة أو مجلس النواب أو السلطة القضائية، وبخاصة جهاز الادعاء العام.

الآن نحن في اللحظة الأخيرة للقضاء على الإرهاب، ومن المفترض أن تكون هي اللحظة الأولى لمكافحة الفساد على نحو جدّي، فالفساد هو الذي مكّن الإرهاب منّا.. والفساد هو الذي سيمكّن الإرهاب مرّة ثانية وثالثة وعاشرة.العراقيون سمعوا الكثير عن الفساد ومكافحته.. طبلات آذانهم تؤلمهم من فرط تكرار هذه الإسطوانة.. العراقيون لم يعودوا في حاجة إلى سماع حرف واحد في هذا الصدد.. إنهم يريدون أن يروا بأمّ العين عملاً حاسماً.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *