شناشيل : إصلاحيّون “للقِشْر”!

شناشيل : إصلاحيّون “للقِشْر”!
آخر تحديث:

 

 عدنان حسين

كُلُّهم إصلاحيّون للعظم، أو “للقشر” بتعبيرنا الشعبيّ… كلّهم مع الإصلاح، يريدونه ويؤيدونه ويتحمّسون له ويطالبون به. والمعنيّ هنا أفراد الطبقة السياسيّة المتنفّذة في السلطة، فلم نسمع يوماً أنَّ أحداً منهم، وزيراً كان أم نائباً أم زعيماً حزبيّاً، إنّه يناهض الإصلاح أو يتحفّظ عليه بمستوى من المستويات.

لكنْ أي إصلاح هم يريدون ويؤيدون ويتحمسون له ويطالبون به؟

في الواقع هم لا يكترثون بمعنى الإصلاح وشكله ولونه وحدوده، والبعض منهم لا يعرف بالضبط ما الذي يطالب به دُعاة الإصلاح. وعليه فإنَّ الإصلاح الذي هم معه هو أي شيء على أن لا يقترب منهم ولا يمسّ لهم ردن دشداشة أو ياقة قميص أو طرف عمامة. ليكن ما يكون الإصلاح، لكنْ بشرط ألّا يأخذ “ثلمة” من امتيازاتهم المالية والسياسية والإدارية.

اتّحاد القوى العراقية، على سبيل المثال، اعترض منذ يومين على قرار رئيس الحكومة بتعيين رئيس جديد لجهاز المخابرات الوطني خارج سياقات المحاصصة التي هي جوهر المطالبة بالإصلاح والشعار الرئيس للحركات الاحتجاجية المتواصلة منذ شباط 2011 حتى اليوم.

لا يعترض اتحاد القوى على الرئيس الجديد للجهاز،لأنه من فلول نظام صدام أرباب السوابق الإجرامية الذين تزخر بهم أجهزة الدولة العليا، ولا لأنه عديم الكفاءة وغير آهلٍ للمنصب، ولا لأنه فاسد إدارياً ومالياً مثلاً.. إنهم يعترضون على تعيينه،لأنه ليس منهم.. الذي منهم هو فقط الجدير بالمنصب حتى لو كان من أرباب السوابق ومن الفاسدين! وللحقّ هذا لا يقتصر على اتحاد القوى وإنما يشمل باقي الشركاء في السلطة.

اتحاد القوى منزعج،لأنَّ مصطفى الكاظمي ليس عضواً في واحد من إحزابهم وتجمعاتهم، وهو في الواقع ليس عضواً في أي حزب، ولم يترشح عن طريقهم بعد أن “يدفع المقسوم” ويتعهّد بخدمة مانحيه المنصب وليس خدمة البلاد وأهل البلاد.

في بيانه لم ينسَ اتحاد القوى أن “يُذكّر” بأنه يؤيد “حزم الإصلاح المؤسسي”، لكنه استدرك ليذكّر رئيس الوزراء “ببنود الاتفاق السياسي الذي شكّل حكومته والذي منح تحالف القوى العراقية حقّ الترشيح لشغل هذا المنصب بقصد تحقيق التوازن والتماثل بين مكّونات الشعب العراقي من دون تمييز وإقصاء”!. كما إنه لم يغفل عن أن يُعرّج على “أحكام الدستور في مادته (80/خامساً) الذي أعطى مجلس الوزراء وليس رئيس الوزراء حقّ التوصية إلى مجلس النواب بتعيين رئيس جهاز المخابرات الوطني، وهو ما أكدته المادة (61/خامساً/ ج) التي أعطت الحقّ الحصري لمجلس النواب بالموافقة على تعيين رئيس الجهاز بناءً على اقتراح مجلس الوزراء”.

هذا الكلام الأخير بالذات مُضحك للغاية، فعلى مدى عشر سنين كانت الحكومات السابقة كلّها ورؤساؤها وأعضاؤها ينتهكون الدستور وأحكامه مئات المرّات في ميادين عدّة بينها ميدان التعيينات في المناصب العليا، ومنها بالأخص إشغال المناصب بالوكالة لسنوات عديدة متتالية، ومجلس النواب لا يعترض ولا يتحفّظ، بل كان يُصادق على الكثير من الخروق، لأنّ القوى المتحكّمة بالمجلس مستفيدة من هذه الخروق مالياً وسياسياً.

ألم أقلْ إنّهم جميعاً إصلاحيون “للقشر”… لكنْ في ما خَصّ غيرَهم.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *