شناشيل : ثورة ماو الثقافية وأزبال بغداد!

شناشيل : ثورة ماو الثقافية وأزبال بغداد!
آخر تحديث:

 

عدنان حسين

من الحكايات التي تُروى عن حقبة الثورة الثقافية في الصين (بدأت في العام 1966) – الأرجح انها غير صحيحة – ان ماو تسي تونغ وقيادة الحزب الشيوعي الذي كان يتزعمه أرادا أن يجدا حلّاً جذرياً لمشكلة انتشار الذباب في بلادهما الكبيرة، فأمرا الناس، وكان عدد سكان الصين آنئذ في حدود المليار نسمة، بمطاردة الذباب، وحُدّد لكل فرد عدد من الذباب الواجب اصطياده وتقديمه الى السلطات الحزبية والإدارية.

اذا كانت الحكاية صحيحة فلابدّ ان كل الشعب الصيني قد شارك في الحملة تلك، فما من أحد كان سيجرؤ على مخالفة تعاليم ماو وإرادته، ولابدّ ان الصين قد تخلّصت يومها من مئات مليارات الذباب، لكنني عندما زرت الصين بعد ثلاثين سنة من انطلاق الثورة الثقافية لم أجدها خالية من الذباب، لكنها لم تكن مُجتاحة اجتياحاً عظيماً به كما هي الحال في بلادنا.

مفهوم ان توفر أعداد فلكية من الذباب، ومثله سائر الهوام والحشرات، في بلادنا راجع الى ان مدننا جميعاً قد تحوّلت الى مزابل كبرى تنبت وسطها بيوت السكن ومؤسسات الدولة والمدارس والجامعات والمستشفيات والمستوصفات والمتاجر والدكاكين ، وكذا المطاعم التي لا تخلو حتى المصنفة منها درجة أولى أو بخمس نجوم من أعداد لا حصر لها من الذباب.

استعدتُ الحكاية الصينية المنسوبة الى ثورة ماو الثقافية في الصين، لأقترح على أمينة بغداد الجديدة أن تُطلق مبادرة تشجيعية لسكان العاصمة من أجل جمع النفايات في أكياس مُغلقة وتقديمها الى دوريات الأمانة مقابل مبلغ نقدي عن كل كيس .. الكبير بخمسمئة دينار والصغير بمئتين وخمسين، مثلاً. هذا يتطلب بطبيعة الحال أن توزع الأمانة الأكياس على الدور والمتاجر والمؤسسات الحكومية، وأن توفّر السيارات الخاصة بجمع القمامة . أظن ان هذا سيشجع معظم السكان على حفظ القمامة في الأكياس وعدم رميها على الأرصفة وفي زوايا الشوارع مثلما هو حاصل الآن .. كما انه سيشجع الكثير من الشبان العاطلين عن العمل على السعي لجمع أكبر قدر ممكن من القمامة.

أيام زمان كان باعة كوكا كولا وبيبسي كولا وسينالكو وسواها من المشروبات الغازية يحتفظون بخمسة فلوس أو عشرة رهناً عن كل قنينة، حتى إذا أعاد المشتري القنينة استرجع مبلغه المرهون. وكان ذلك التقليد باعثاً للبعض على التفتيش عن القناني الفارغة المهملة لبيعها الى باعة المشروبات أو وكلاء التوزيع في المدن والأحياء… أعني بهذا ان هناك تقاليد في مجتمعنا لإجراء من هذا النوع يمكن إحياؤه لحل هذه المشكلة التي يبدو انه حتى السيدة الأنيقة أمينة بغداد الجديدة، التي توسّمنا فيها خيراً كثيراً، عاجزة عن حلها .. أعني مشكلة الأزبال التي تغرق فيها العاصمة وسائر مدننا.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *