عودة القصة القصيرة إلى المشهد السردي

عودة القصة القصيرة إلى المشهد السردي
آخر تحديث:

حسن فالح
بعد ان تسيدت الرواية المشهد الثقافي في الساحة الادبية من بين باقي الاجناس الادبية الاخرى وصار للرواية روادها الذين لا يعنون الا بقراءتها، وأصبحت هناك جوائز عالمية ومحلية تشتغل على منطقة الرواية، ظهرت بعض الاراء التي ترى ان القصة القصيرة تراجعت من صدارة المشهد السردي، ويرى آخرون ان القصة القصيرة على وشك الموت ولا حظ لها امام ما حققته الرواية. لكن هنا ينط سؤال من بين سلة الاسئلة المزدحمة بشأن مثل هذا الرأي؛ أليست الرواية هي نفسها القصة الطويلة التي تعددت شخصياتها واماكنها وما زادت هذه على تلك الا بحبكتها وبحثها وتقصيها وتعدد شخصياتها واجواءها؟ لكن الاصل واحد بيد ان الرواية لا يمكن ان تؤسس نفسها من غير حدوتة بسيطة يعتمدها الكاتب مثل اللبنة الاولى التي يبني عليها بنيانه السردي الروائي. ومن باب اخر لا يمكن فصل القصة عن الرواية فالثانية لا تقوم اذا ما تواجدت الاولى. واذا ما عرفنا القصة القصيرة على انها فن نثري يصور جانب واحد لشخصية واحدة او عدة شخصيات نتأكد من انها الاصل الذي تقوم عليه الرواية التي تصور جوانب عدة لشخصيات عدة معتمدة على الزمان والمكان والحوار الذي نشأ على اساس قصة. ويمكن الاشارة هنا الى ان كتابة القصة القصيرة تحتاج الى جهد في التكثيف الصوري والمعنى، فيعمد الكاتب الى ضخ الجمل بطريقة تجعله يلبس الكلمات اكثر من وجه وقناع، فتعطي انطباع لأكثر من رؤية يمكن من خلالها ان يشاهد القارئ حرفة الكاتب في كيفية صناعة قصة واقول صناعتها لانها تحتاج الى حرفية اذا ما اعتبرناها حرفة وتبرز هذه الحرفة في المساحة التي على اساسها يجب ان يدرك الكاتب انه يكتب قصة فيجهز ادواته ويشتغل على اساس المساحة التي يعتمدها جنس القصة في الكتابة لضيق المساحة مقارنة بالمساحة التي يمكن ان تعطى اليه في كتابته للرواية التي تتحمل استفاضة واسترسال السرد فيها بكل حرية.
وحتى لا يصيب القصة القصيرة الضمور في نموها الطبيعي وتبقى في سباقها مع الرواية في انتشارها وطلعوها، انبثقت بعض الجوائز التي تعنى بالقصة القصيرة وتأتي هذه الجوائز من ادراك اهمية وجمال فن القصة القصيرة التي عانت في العقدين الاخيرين من ابتعاد الكتاب والناشرين والقارئ العربي عنها، بسبب تسيد جنس الرواية، وجاءت هذه الجوائز لتكرم الكاتب العربي والناشر وتحملهم الى ضفة الانتشار والترجمات من اللغة العربية الى لغات اخرى، ومن هذه الجوائز جائزة الملتقى  الكويتية التي تلتفت الى القصة القصيرة، وكان قد فاز بهذه الجائزة في العام الماضي القاص الفلسطيني مازن معروف عن مجموعته القصصية نكات للمسلحين الصادرة عن دار رياض الريس.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *