قراءة في ديوان «عشق لايوازي جنوني» للشاعرة شذى فرج

قراءة في ديوان «عشق لايوازي جنوني» للشاعرة شذى فرج
آخر تحديث:

ناظم ناصر القريشي
عندما تنسكب الكلمات كألوان الرسام على الورقة أو ترتدي معاني الحب وتتماهى مع الوجدان لتتكلم عما في داخلنا نجد أن هذه الكلمات لا تحتاج الى تفسير فهي تحمل معانيها وتفسر نفسها بنفسها، كالابتسامة، كالنظر الى زهرة. فالشاعرة شذى فرج من خلال قصائدها تحاول أن تجعل من الحب كلمة الحياة، ومن كلمة أحبك البداية للسير في طريق الى هذه الحياة، لذا نجد الشاعرة هي قصائدها ذاتها، فتحرر الكلمات من القاموس المدرسي وتمنحها ملامح روحها.بكلمة الحب المباركة هذه ترسم لنا شذى فرج مشهداً واسعاً وعميقاً للحب ولما يتركه من جمال على الوجدان و الحياة وتفاصيلها. فتلغي الغياب وتعلن الحضور، وتحلق في فضاءات شاسعة كطائر جميل فارش جناحي الأمل و الأحلام ، لتدون لنا شعرا عبر مجموعة نصوص تنتمي للحياة ، رغم الحرب اليومية المستمرة والتي تعلن الموت في كل لحظة. في هذا الوقت نكون فيه مستمتعين بقراءة الديوان لنجد أن الشاعرة شغوفة بالفكرة، وكثافة الأحساس بالكلمات اللامنتهية، فالشاعرة حالمة ، غارقة في تشكيل نصوص الحب المعبرة عن الحياة عبر خلق صور باستخدام لغة تعكس شاعرية عالية و إحساس مرهف صاغته بأسلوب رقيق يتماهى مع الموسيقى و يتلائم تماما مع ما مطلوب منه من أداء إيقاعات القصيدة بالتناغم مع المعنى الذي يرافق الكلمات أو ذلك الكامن خلف باب التأويل والتأمل، وهذا ما نلاحظه في عتبة الديوان (عشق لايوازي جنوني). في النص الأول، خارطة الحب، والذي حملته او منحته رمزية عالية، فأنت لا تفرق بين الحبيب والوطن في هذه العلاقة الروحية والترابط الجدلي، فقد يكون الحبيب هو الوطن والوطن هو الحبيب: بدأنا نهرا جاريا وانتهينا بذات النهر ..! أي مفارقة للعشق تلك، كانت شفاهي ، تبحث عن وطن أمن ثم في نص العنب والخطيئة نجد هذه الحوارية التي خطة بالندى النقي فهي كموجات النهر متدفقة و بريئة تحمل الحياة بين حناياها باحثة عن ضفاف تحضنها بكل شوق وتستقر لديها لتكون البداية من جديد بعد أن يمتزج الحب والحياة معا فترتوي الجذور و تخضر الأغصان وتتفتح الأزهار لتعبر بألوانها و شذها عن إيقاعات هذا اللقاء هي: ما ما بال الحبيب لا يبالي …؟! هو: بل يبالي اذا تدفقت أرواح الاشتياق من أنفاسك.هي: وما الاشتياق أن لم يكن لك واليك ..؟! هو: وما في تلافيف رأسك الصغير من معان له ..؟ هي: كل ما في يناديك ..تدنو نصوص الديوان مسكون بالكثير من الأجواء الرومانسية الهادئة والذاهبة نحو التوهج وبث مناخ شعري من خلال تقديم الصورة الشعرية بأسلوب حوار موجز و معبر تكتب الشاعرة في هذا الديوان عن الحب وهو أحد فصول حياتها التي بنت عليه صرحها الشعري المتميز والذي يؤكد بأن الكتابة هي مغامرة في مقدار ما يبحث عنه الشاعر في الوصول عبر اللحظة الشعرية الى الجمال المطلق، وهذه المغامرة المفتوحة على كل الاحتمالات قد يرافقها المستحيل ليصير البحث عبارة عن تجليات للأنا عبر تداعيات اللاواعي للذات الشاعرة لذا تجد في نص «اتحاد الروح» بعض الكلمات على شكل قـُبل، والبعض الآخر اشواق، والآخر على شكل ابتسامة، «غيبوبة اللقاء كل حواسي تستصرخك تتوق اليك الجفون. تراها تذبل .. ومثل رسامة بارعة نوعت شذى فرج لوحاتها والوانها واضافت الموسيقى الى نصوصها رقة وشفافيـة ومزجت الحلم بالحقيقة وجعلتنا نهيم معها في ملكوت الإلهام وهي تقتفي اثر الكلمات وتستخرج أجمل الكنوز التي تختزنها الروح وتجعل منها مروج خضراء وزهورا وموجات وينابيع محبة على الورقة. لحنها الأساسي الحب، وثيمتها الحياة، وثيمتها الدهشة والخيال الخصب الذي يمنح المتلقي الرؤى والتأمل، فهي رغم الشوق والاشتياق تشحن زمنها بالكلمات كانما تجمع الماضي الذي يعني لها الغياب مع الحاضر دائما، كما الحب، رفيق الحياة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *