كرسي الرئاسة  .. تاريخ من المكر والدم

كرسي الرئاسة  .. تاريخ من المكر والدم
آخر تحديث:

  ثامر الحاج امين 

 من يقرأ التاريخ ويتأمل قليلاً ، يجد ان كرسي الرئاسة كان ومايزال وراء الكثير من الجرائم المنتهكة لحقوق الانسان وقمع حرياته في اختيار معتقده ، وكذلك في اختيار الطريق الذي يراه سبيلاً لتحقيق سعادته ، فكم من عيون سُملت كانت ترنو صوبه ، وكم من دماء أريقت وأطفال تيتمت ونساء ترملت وخراب عم البلدان وأثار الخوف والفزع بين شعوب الأرض يتحملها الهيكل المشؤوم الذي اسمه كرسي الرئاسة ، ومتى يصحومن سكرته هذا المتيم به ، فيدرك انه قد يكون الصعود اليه سهلا ًولكن النزول منه دائما لايتم الاّ على سجادة من دم ،  ومتى يعلم هذا الذي يستقتل من أجل الاحتفا ظ بنعمة كرسي الرئاسة إنه عديم الوفاء ، لأنه لايتشبث بمن يتشبث به ، فهو كالمرأة اللعوب التي أدمنت على استبدال عشاقها ، ولاتبالي اذا ماذهب عاشق ، فلا بد من آخر سيأتي ويرتمي في حضنها ،

وأية طرق سادية في القتل والتصفيات الجسدية من أجله اهتدى اليها العقل المريض ، فقد كان وراء ظهور المقاصل واعواد المشانق واحواض التيزاب ودوائر الأمن والمخابرات ، وكل التاريخ الملون بالمكروالدم كان من صناعة اصحابه المجانين ، حيث لايتورع الحالمون به من الخوض في مستنقع النذالة والمكر واستخدام أبشع فنون القتل بدم بارد ودون أن يرمش لهم جفن ، فهم يعتقدون ان كل شيء متاح ومغفور في الطريق اليه . يؤكذ ذلك الكاتب المكسيكي ” كارلوس فوينتس في روايته الرائعة ” كرسي الرئاسة ” بقوله ان من يصل الى الحكم يستحيل ان يكون شخصاً نقياً او بعيدا عن المستنقع القذر . كما تذكر كتب التاريخ ان الخلفاء الأمويين وعددهم 14 والخلفاء العباسيين وعددهم 22 ومجموعهم 36 ، سبعة عشر منهم قتلوا ، والأكثر مرارة ان غالبيتهم كانوا من الأبناء والأخوة والأقارب سعياً وراء المنصب ، فينسب للخليفة العباسي هارون الرشيد قوله لابنه المأمون : ” يابني المِلك عقيم ولو نازعتني أنت على الحكم لأخذت الذي في عينيك ” ، نعم عقيم لأنه يقطع الأرحام بالقتل والعقوق ، بل إن أمّاً قتلت ابنها في هذا الصراع المرير الدائم على السلطة  ، وتذكرحوادث التاريخ ايضا انه لما وضع رأس مصعب بن الزبير بين يدي عبد الملك بن مروان بكى وقال : لقد كان بيني وبين مصعب صحبة قديمة ، وكان من أحب الناس الي ّ ، ولكن هذا المِلك عقيم . كما لاننسى بشاعة الشاه عباس الصفوي ( 1571 ــ 1629 م ) الذي لم يطق ان يرى ابناءه  ينعمون بشعبية تحببهم الى نفوس العامة من الناس فأمر بقتل أحدهم وفقء عيون اثنين منهم ، أي جنون يتلبس الانسان فيرتكب من أجل الاحتفاظ بكرسي الرئاسة جرائم يندى لها جبين الانسانية حيث يتحول الى وحش لايعرف سوى القتل والتدمير ، والغريب ان كل هذا التاريخ الملون بالدم و البعض يجري بأقدامه الى جحيمه حالماً فقط بالنصف المملوء من الكأس ، ياترى ( أي سر فيك .. اني لست أدري ) .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *