كيف تكتب هيفس خارج الإطار التقليدي

كيف تكتب هيفس خارج الإطار التقليدي
آخر تحديث:

ترجمة ـ عادل العامل

 بعد ترجمتي رواية الكاتبة الأرجنتينية جيسيلا هيفس، ( آيسيا  Ischia)، يقول البروفيسور غريدي رَي، أستاذ الأدب الأميركي اللاتيني بجامعة أوكلاهوما، جلست معها لمناقشة كيف تنسجم الرواية، وهي حول فتاة في رحلة اكتشاف الذات، مع تقليد الأدب الأرجنتيني والأميركي اللاتيني للقرنين العشرين والحادي والعشرين، إضافة لبعض الستراتيجيات الأدبية التي تستخدمها الكاتبة وتتعامل بها مع السرد. وقد ذكرت هيفس، في الحوار، أن هناك تقليدا تجريبيا متسعا في الأرجنتين وأميركا اللاتينية، من خوليو كورتاثار وكتاب فترة «الازدهار» إلى سيزار أيرا في الأرجنتين، مارتن آدن في بيرو، وكلاريس ليسبيكتور في البرازيل، مثلا، عدا ما كان هناك من محاولات تجريبية في القرن التاسع عشر، بحيث يمكن القول إن الكتابة التجريبية جزء مهم من الانتاج الأدبي الأميركي اللاتيني. وحين كتبت (آيسيا) العام 1999، تقول هيفس، فإن ما كان في فكري هو اللعب بفكرة أن القصة لم تكن تحدث. كنت أفكر بقصة افتراضية. ولكونها افتراضية، فإني كنت مهتمة بأنها تجتاز منطقة غير دقيقة بين ما هو محتمل وما هو غير محتمل، تقريبا على مستوى الأحلام، لكن مع القليل من الغموض. وأردت أن أستكشف هذا الاحتمال عن طريق سردٍ سيكون عليه الانكباب على مشكلة الزمان والمكان. فمع أن الزمان موجود ونحن واعون لوجوده فإنه أيضا شيء ما عابر سرعان ما يتبدد. وإدراكنا كما هو مفترض طولي، لكن ذلك لأننا نضع معا خطة أو برنامجا ومن حوله تركيبا يعطي شكلا دقيقا لهذه اللامادية immateriality التي نعيشها يوميا؛ ذلك هو البعد الوقتي. وبهذا المعنى، فإن قوة الكتابة تكمن في القوة على تغيير ذلك التركيب، تفكيكه، وتحطيمه. وفكرة التدخل في ذلك الظرف الوقتي/ المكاني هي ما دفعني في الأول لرواية القصة. وأردت في الوقت نفسه أن أُظهر عدم ثبات التركيب الذي ننظر إليه كحقيقة ولكنه الذي يمكن أن تتغير مادته اعتمادا على مدى تغير محيطنا أيضا. كما اخترت الصيغة الشرطية للسرد، وبهذه الأداة، التي رأيت أنها ستقذف بالقراء في هاوية من الكلمات، فإن الحشو الكلامي المستمر المفرط يضعهم في الموقف غير المريح المتمثل في قول «إن هذا لم يحدث» أو «ربما قد حدث هذا». وهكذا، فإنها منطقة متشعبة المسالك. ورأى البروفيسور رَي أن المرء قد يقرأ هذه الرواية كخطوٍ سريع جدا بسبب سماتها الأسلوبية العديدة كافتقارها للفقرات وتمايل معين لكتابة تيار الوعي، متسائلا عما إذا كان ذلك مقصودا أم أن ذلك كان بفعل مقدار الوقت الذي تطلبته كتابة الرواية. فأوضحت الكاتبة أن الكثير من الآليات التي استخدمتها في كتابة الرواية كان بغرض زج القراء في تتابع القصص، والحبكات، ويوميات الرحلة التي تذبذبت بين ما هو خارج السيطرة تماما وسخيف وحالة من السوداوية melancholy والحزن. لكن ما هو أكثر، انها كانت مهتمة بتيار الوعي، المرتبط باستخدام الصيغة الشرطية، لخلق الكثافة التي تجعل الواحد يلهث. وقالت الكاتبة حول استخدامها الكثير من المفردات الوصفية والعبارات المكررة، التي لاحظها المحاور لديها، إنها تقضي وقتا كثيرا في عمل قائمة بالأشياء، وهذه المشاهد الوصفية الطويلة توفر بيانا ماديا لقصة سريعة الزوال أيضا. ويعبر ذلك عن حاجة بطلة القصة، وراويتها في الوقت نفسه، إلى تثبيت نفسها لشيء أكثر رسوخا. لكن فكرة عمل قائمة بالأشياء، أواللحظات، أوالأغاني هي طريقة لجعل القراء يشعرون بعدم الراحة أيضا، وصرف انتباههم وإعادة توجيهه نحو تراكم عناصر وأشكال سردية تتراقص، كالقصة نفسها، حول موقف معين. وذلك أمر مضاد للكتابة التقليدية، حيث هناك اقتصاد معين بالكلمات، والمواقف، والأوصاف. وهذا قرار واعٍ من الكاتب. وعلى كل حال فإني، تقول هيفس، كنت مهتمة أكثر بتطوير حافز قوي للمراكمة، مثل الحافز الوقتي القوي المبين في وقتٍ معقول ظاهريا، لكن ليس بالضرورة في وقت حقيقي. وإجمالا، أردت أن أخلق هذه التحويلات الخارجة عن القصة الرئيسة كطريقة للكتابة من جهة جانبية، من الحواشي، ولإعطاء انتباه أقل للاتجاه الذي ستسير فيه القصة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *