لماذا يمتعض البعض من مصطلح “الميليشيات”؟؟

لماذا يمتعض البعض من مصطلح “الميليشيات”؟؟
آخر تحديث:

 

  صبحي ناظم توفيق

 

كلما إنتبهتُ إلى أحد الساسة العراقيين ممتعضاً عن كلمة “الميليشيات” فإني أستغرب لإعتبارهم إياها صفة معيبة ينبغي تأنيب من يتلفظ بها إلى حد تجريمه كونه يسيء إلى كتلته وجملة متطوعين للدفاع او الجهاد!!!

 

وقد إلتزمتُ الصمت طويلاً كي لا أجرح مشاعر أحد وأستجلب مشكلات على ذاتي أنا في غنىً عنها، حتى إنتبهتُ إلى السيد رئيس الوزراء “د.حيدر العبادي” والشيخ “الدكتور همام حمودي” -صاحبا شهادة دكتوراه والمتشبعان بالثقافة البريطانية والمتقنان للغة الإنكليزية-مدافعين بشدة عن صفة “الميليشيات” المناطة لـ((الحشد الشعبي)) كونهم مجاهدين لبّوا نداء المرجعية الرشيدة وضحوا في سبيل العقيدة والوطن، حينئذ نفد صبري فقررت تبيان الحقائق الآتية أزاء هذا الإشكال المشاع:-

 

  1. كلمة “ميليشيا MILITIA” مُعَرّفـَة وسط عدد من القواميس العسكرية والمدنية كونها:-

 

((قوة مسلحة إحتياطية مدربة جاهزة وغير خاضعة لقوانين الخدمة العسكرية السارية، وتقاتل عادة بأساليب حروب العصابات، وتـُستدعى للمشاركة في الدفاع عن الوطن زمن الطوارئ والحروب، وقد تكون -في بعض الحالات- بإمرة الجيش النظامي للدولة أو أية جهة تقررها سلطاتها)).

 

  1. في التأريخ الحديث هناك ((ميليشيات محتشمة)) لم تكن تتقبل أن ينخرط في صفوفها سوى أبناء الطبقات النبيلة من أمثال “فرسان آوروبا” و”ساموراي اليابان” تحديداً.

 

  1. يحمل التأريخ المعاصر “ميليشيات” تشكيلات مسلحة رسمية غير نظامية تتبع القيادة العسكرية العليا للدولة كما الحال في (الصين الشعبية وسويسرا والنمسا)، أعضاؤها موظفون مدنيون لدى دوائر الدولة، أو هم أصحاب مصالح ومحلات تجارية يعاد تدريبهم ميدانياً لأسابيع عديدة خلال عام تقويمي واحد إبتغاء تجديد معلوماتهم أو تحسينها، ناهيك عن تطوير لياقتهم البدنية نحو الأفضل وإعادة معلوماتهم بحق الأسلحة الشخصية المسجلة بذمّتهم من تلك التي أودعوها لدى مشاجب رسمية محروسة بشدة في قلب معسكراتهم الرسمية.

 

  1. أما الشيوعيون فنوضح لهم أن “فلاديمير لينين” شكل ميليشيات إنطلقت بالثورة البولشفية من “بطرسبورغ” عام (1917) وهي التي أجهزت على النظام القيصري في “موسكو” ليؤسس الشيوعيون دولة جديدة قفل أن تتحول

 

الميليشيات إلى قوات مسلحة نظامية تحت مسمى “الجيش الأحمر” عام (1922) الذي أمسى الجيش النظامي الرسمي للدولة.

 

  1. وكذلك عمل “ماوتسي تونغ” عند قيادة ميليشياته في مسيرتها الكبرى نحو “بكين” حتى جلوسه على كرسي الحكم عام (1949)… وكذلك أسس “جوزيف بروز تيتو” ميليشياته لمناهضة الإحتلال النازي لـ”يوغوسلافيا” في حرب عصابات أربكت “آلمانيا” وكلفتها كثيراً… كما تفاخر “آرنستو جي جيفارا” ورفيقه “فيدل كاسترو روز” وآخرون بميليشياتهم التي حققت ثورتهم على دكتاتورية “باتيستا” عام (1959)، مثلما تفاخر “هوشي منه” كونه قائداً سياسياً لـ”ميليشيات فييت كونغ” التي أوقعت هزيمة كارثية بحق الأمريكيين في “فييتنام الجنوبية” عام (1975).

 

  1. ويُضاف إليهم ميليشيات المجاهدين الأفغان ومن إنضمّ إليهم في مقارعة الإحتلال السوفييتي مطلع (1980) حتى أجبروا “موسكو” على الإنسحاب من ذلك البلد أواخر (1988).

 

  1. والأمثلة كثيرة على “ميليشيات” -يطول تعدادها- فرضت ذواتها وسط مواقف مشرفة في القرن العشرين لوحده في كل من “بلاد البلقان، إيطاليا، آلمانيا، إسبانيا، اليونان، الجزائر، العديد من الدول الأفريقية” وسواها ممن بذلت الغالي والنفيس في سبيل تحقيق غاياتها الوطنية والعقائدية المثلى، أو هي أسست قوات إحتياطية جاهزة وقتما تستدعيها الدولة لأداء واجب محدد أو مهمة يتطلبها ظرف معين يمر على الوطن.

 

  1. إلاّ أن العديد من وسائل الإعلام، وبالأخص تلك التابعة للحكومات والمليارديرية -وما أكثرها وخصوصاً في القرنين20 و21- أساءت كثيراً إلى لفظة “الميليشيات” حتى أضحى الإنسان المتابع للأخبار والأحداث يظنها على شكل ((عصابات تخدم أحزاباً وحركات سياسية متنوعة تؤمن بإستغلال قوة السلاح مأرباً لتحقيق أغراض متنوعة، ناهيك عن أثرياء يديرون “مافيات” مدعومة بالمال والسلاح تؤذي الوطن والمجتمع وحياة المواطن البسيط ومستقبل أولاده))، ولذلك ترسّخ في أذهانهم كره عميق أزاء كلمة “الميليشيات”… في حين أن “الميليشيات” لا تعدو كونها ((مصطلحاً عالمياً عسكرياً-إستراتيجياً-أدبياً محترماً غير مُعيب ولا غبار عليه مطلقاً)).

 

لذلك فعلى قادة “الحشد الشعبي” تحديداً والعديد من القادة السياسيين ألاّ ينزعجوا أو يتأثروا سلباً لدى سماعهم هذا المصطلح في وسائل الإعلام المعادية منها أو المناوئة أو الصديقة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *