ليس العبادي ابنا أصيلا للعملية السياسية في العراق

ليس العبادي ابنا أصيلا للعملية السياسية في العراق
آخر تحديث:

بقلم:فاروق يوسف

اخترق العبادي المشهد باعتباره داعية اصلاح فإذا الجميع من بعده قد تحولوا إلى اصلاحيين، لكن بعد أن التصقت بهم تهم وشبهات الفساد.حتى عام 2014 لم يكن حيدر العبادي رقما يُذكر في المعادلة التي تقوم عليها العملية السياسية في العراق.الرجل الذي لا يمكنني التكهن بمستوى أحلامه السابقة لم يكن إلا ممثلا ثانويا في سياق استيلاء حزب الدعوة المفاجئ على السلطة.من المؤكد أن اختياره لمنصب رئيس الوزراء قد شكل ضربة لزعيمه الحزبي نوري المالكي الذي كان يخطط للمضي في حكم العراق في ولاية ثالثة.ما هو مؤكد أيضا أن المالكي وهو زعيم حزب الدعوة الذي ينتمي اليه العبادي لم يكن يتوقع أن يكون الأخير بديلا عنه. ذلك لأن أحدا لم يكلف نفسه في استشارته في موضوع جلل من ذلك النوع.

ربما انطوى اختيار العبادي لمنصب رئيس الوزراء على رسالة لم يفهمها المالكي في حينها جيدا، مفادها أن زمنك قد انتهى.ومن الأشياء المربكة في تاريخ عراق ما بعد الاحتلال الأميركي أن يتوهم رجل متواضع المواهب والقدرات العقلية مثل المالكي أنه سيكون منقذ العراق.الرجل المريض بنزعته الطائفية دمرته حقيقة أن يحتل عضو ثانوي في حزب الدعوة مكانه وهو الذي ألبسه منافقوه ثيابا أكبر من حجمه.العبادي الذي يتحدث الإنكليزية وقد عاش الجزء الأكبر من حياته في لندن وهو مواطن بريطاني لا يمكن أن يشكل اختياره في سياق التسوية الأميركية ــ الإيرانية في العراق مصدر رضا بالنسبة للمالكي.

هو في كل الأحوال خصمه الذي صار ينظر إلى استمراره عضوا في حزب الدعوة بعين الشك.اليوم وبعد أربع سنوات من السلطة لا يمكن توقع أن يعود العبادي إلى مرجعيته الحزبية باعتبارها رصيده في إقامة حوار مع الآخرين.لقد حررت السلطة العبادي من تبعيته لحزب الدعوة. وهو ما لم يكن متوقعا حدوثه لو لم يتم اختياره لمنصب رئاسة الوزراء بديلا لزعيمه نوري المالكي الذي لم يكن سعيدا بذلك الاختيار.كان المالكي قد راهن على فشل العبادي في إدارة الكثير من الملفات المعقدة التي تركها مفتوحة على الأزمات. ولو لم تكن هناك مسألة “داعش” وما خلفته من حرج في التاريخ السياسي العراقي في مرحلة ما بعد الاحتلال لما اجتاز العبادي عتبة ذلك الاختبار الصعب.

يدرك المالكي أن أية حكومة ستخلف حكومته لا بد أن تكون فاسدة، ذلك لأنها ستكون محكومة بفساده. وهو ما خطط له طويلا. فالرجل الذي يستخف به الكثيرون في أماكن يجله فيها البعض من منافقيه صار يعرف الكثير من ألغاز العملية السياسية التي لم يكن حيدر العبادي جزءا منها.وحين نستعمل مصطلح “العملية السياسية” في العراق لا نقصد إدارة الدولة وتصريف شؤونها بل المقصود من ذلك المصطلح طريقة وأسلوب ترويض الكتل والأحزاب السياسية المشاركة في نظام المحاصصة.لذلك فإن نجاح العبادي في اجتياز ذلك الفخ بطريقة غير متوقعة تمهيدا لانتقاله إلى الاختبار السياسي الحقيقي كان بمثابة الصدمة التي أنهت آمال المالكي في استعادة الحكم.

وكما أظن أن ذلك النجاح انما يكمن سببه في أن العبادي لم يكن مُعداً أصلا للقيام بدور قيادي في العراق الجديد. فهو رجل الربع ساعة الأخيرة. وهو ما أهله لان يكون مستعدا لأداء دور ما كان من الممكن أن يؤديه رجال الصف الأول ممَن اعتبرهم المحتل الأميركي عرابي العملية السياسية أو نظام المحاصصة الطائفية في العراق.لم يكن ليخطر في ذهن أي واحد من السياسيين المعتمدين أميركيا أن يلعب دور المصلح، على الأقل على مستوى دعائي. فتلك العملية السياسية المتعثرة أصلا والتي أقيمت على أساس معادلات لا علاقة لها ببناء البلد وحماية المجتمع لا تحتاج إلى اصلاح من وجهة نظرهم.لقد اخترق العبادي المشهد باعتباره داعية اصلاح فإذا الجميع من بعده قد تحولوا إلى اصلاحيين، لكن بعد أن التصقت بهم تهم وشبهات الفساد.ولأن العبادي ليس ابنا أصيلا للعملية السياسية في العراق بل هو الابن البديل فإن شعور القوى السياسية وبضمنها حزب الدعوة بخطره بات يستدعي منها أن توحد صفوفها وتقف ضده من أجل إعاقة محاولته الفوز بولاية ثانية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *