مئوية الدوله العراقيه 1921 -2021 بناها الاجانب ودمرها ابنائها

مئوية الدوله العراقيه 1921 -2021 بناها الاجانب ودمرها ابنائها
آخر تحديث:

بقلم:حامد السهيل

حينما نقف ونراجع اوضاعنا الاقتصاديه / الاجتماعيه نجد اننا فى وضع لانحسد عليه, فقد خسرنا كل شىء بعدما كان لنا دوله لها “حكومه وطنيه” تدار وتنظم من قبل اجانب ” الاستعمار الانكليزى”, الذين اقتحموا العراق وكانوا على درجه عاليه من الوعى والعقل مدركين مصالحهم الاقتصاديه والستراتيجيه وقاموا ببناء دوله العراق الحديث, بلاد ما يعرف بـ ” ما بين النهرين”, هذا بعد 400 سنه من التعسف والاستبداد الشرقى العثمانى. وتعرفنا بشكل مباشر على الحداثه ومنجزاتها الفكريه وابداعات الثوره الصناعيه. الا ان هذه الدوله اخذت منذ تموز 1958 وصعود الطبقه الوسطى متمثله بالضباط الاحرار تضعف بشكل مستمر, وتكاد الفوضى والعنف والارهاب ان تكون من يوميات الجمهوريه الحديثه. لم يكن القادة الجدد, بالرغم من وطنيتهم العاليه رجال دوله ويتجاوزا خلافاتهم الشخصيه والطائفيه التى اخذت بعدا سياسيا,ان امراض الطفوله السياسيه , الغيره والحسد والتنافس فيما بينهم, بالاضافه الى النرجسيه وتضخم الشخصيه لدى الكثير منهم, جعلت الامل فى بناء دوله القانون والمؤسسات ومستقبل جدير بالشعب العراقى قد قضى عليها منذ الانقلاب الدموى عام 1963. وما تم بنائه والتطور النسبى الذى حصل على اثر انقلاب 1968مع صعود السيد البكر والسيد صدام حسين انتهى الى كوارث وماسى لا حصر لها خاصة مع افراد السيد الرئيس صدام حسين بالدوله والشعب, حيث قاده الى حروب ومغامرات عبثيه لايوجد لها اى مبر عقلانى, هذا بالاضافه عقوبات دوليه وحصارعدائى دام 13 سنه انهك الدوله والشعب على حد سواء. انها حقيقة مؤله ان يتولى الحكم اشحاص مثقلين بماضى اليم افرز شخصيه عدوانيه وعدائيه وانتقاميه على جميع المستويات. منذ 2003 نعيش فى خطر دائم, عمليات انتحاريه, لغم ينفجر فى اى لحظه فى الاسواق, الميادين العامه, المدارس ودور العباده, ان تحترق المستشفيات بالمرضى الذين قصدوها من اجل الشفاء, وكذلك البساتين والمحصول الزراعى, او نفوق الاسماك وتدمير حقول البيض والدواجن بالاضافه الى انهيار نظام التعليم فى جميع مراحله وتلاشى عمل وفاعلية المؤسسات الصحيه. على ان العراقيين يعيشون بدون كهرباء,او كهرباء متقطع خاصة فى موسم الصيف هى فى الحقيقه وصمة عار فى جبين جميع الذين شغلوا مراكز قياديه فى الحكومه, وليس اخيرا ان ينخفض منسوب مياه النهرين العظيمين دجلة والفرات بحيث يمكن عبورها فى بعض المناطق مشيا على الاقدام, علما بان المسؤلين لا حول لهم ولا قوه وذلك لانهم لايمتلكوا القرار الفاعل ولانهم ايضا لايقوا على ذلك. ان هذه الحاله الشاذه الغريبه تتجسد فى اللامسؤليه الطاغيه فى عمل جميع الوزارات والتى قادت الى هلامية الدوله وجعلت منها دولة فاشله, تضحم اجهزة الدوله خاصة فى اجهزتها العسكريه الدفاعيه وقوى الامن الداخلى التى تلاشت بها المهنيه والانضباط واصبحت مواقع لاستيعاب الشباب العاطلين عن العمل كما اصبحت هلاميه الاراده والفعل خاصة امام تحديات المليشيات المسلحه المدربه التى لها ارتباطات غير وطنيه وغير عراقيه. لقد تلاشت الثروه القوميه والمورد الاساسى ( النفط)اصبح عمليا رهينة لدى البنوك والصناديق الدوليه نتيجه القروض الكبيره التىقامت بها حكومات المحاصصه, هذا بالاضافه الى بيع ممتلكات من مصانعوحقول التربيه الحيوانيه والمتلكات العراقيه بسعر التراب وبدون اى ضوابط قانونيه. وتتجدد حالة “القاده”الذى لبسوا معاطف كبيره جدا على حجومهم, وللمرة الثالثهتصدشرائح الكبقة الوسطى, وحاصة الرثة منا الى السلطه ولكنها لا تحمل حسا وطنيا وانمالها ارتباطات غير عراقيه لايمكن ان توصف الا بالخيانه.

كان النظام الملكى و” ديمقراطيته شكليه” تقوم على مجلس نيابى ومجلس شيوخ, وفصل واستقلاليه السلطات التشريعيه, التنفيذيه والقضاء, تعمل وتتعامل مؤسسات الدوله مع المواطن وفق لواح وقوانين. ان عملية بناء الدوله فى الاحوال الاعتياديه تجابه الكثير من الصعوبات وهذه تأخذ حجما مضاعفا حينما يتحكم الاستعمار بالقرار الحاسم.

قام الانكليز بانشاء شبكه من الطرق والشوارع وانشاء ابنيه ومعسكرات فتحت المجال لاعداد كبيره من الايدى العامله العراقيه, وقامت الحكومه الوطنيه تدريجيا بتكوين شبكة البنيه التحتيه بتوسيع طرق المواصلات والسكك الحديديه التى اخذت تربط اهم المدن العراقيه بالعاصمه بغداد واخذ قطاع التعليم اهتماما واسعا وتطور كميا ونوعيا فى جميع مراحله, هذا بالاضافه الى ارسال الطلبه المتفوقين الى بعثات دراسيه للتخصص, كما حصل تطورا ملحوضا فى القطاع الصحى, كما جاءت مبادرة التامين الصحى غير الحكومى لقاء بدلات شهريه, كذلك توفرت خدمات الكهرباء والماء الصحى فى غالبية المدن العراقيه. لقد تطورت امكانية الحكومه فى تقديم الخدمات بعد معاهدة النفط مع الشركات العامله فى العراق سنة 1952 وبلغت حصتها من الارباح 50 مليون دولار التى عملت على زياده كميه ونوعيه فى المشاريع والخدمات, خاصة بعد اعتماد الحكومه النهج العلمى فى التخطيط والتنميه وقامت بتاسيس “مجلس الاعمار” وكلفت “مجموعة ارثر ليتل” لوضع خطط تنمويه لمستقبل العراق, التى قدمت دراسات متكامله لا زالت على درجه من الاهميه. ان هذا الاسلوب العلمى تم العمل به فى بناء وعمل مؤسسات الدوله والذى انعكس على اداء المسؤلين وموظفى الدوله خاصة فى الاداء الوظيفى وحماية المال العام. لقد تبلور اتجاهان سياسيان فى الساحه العراقيه, احزاب سياسيه- السيد نورى السعيد وجماعته الذين يؤكدوا على التفاعل الدائم مع السفاره البريطانيه والذى كان على قناعة ثامه باهميه بريطانيا للعراق, والاحزاب الاخرى, حزب الاستقلال برئاسة السيد مهدى كبه والذى اتخذ نهجا عروبيا, حزب الامه برئاسة السيد صالح جبر الذى ينسب الى المكون الشيعى وحزب الوطنى الديمقراطى برئاسه السيد كامل الجادرجى وجماعته الذى يقترب من احزاب الوسط الديمقراطى الاوربى. هذه الاحزاب شكلت المعارضه والتى تراقب اداء الحكومه وكان لها صدى فى الشارع العراق, هذا بالاضافه الى الحزب الشيوعى العراقى الذى كان ممنوعا والذى كفر وجرم واتهم الحكومه بالخيانه والعماله ونجح فى عمله الى حد كبير. فى مثل هذه الصراعات السياسيه وفى مجتمع لم تطور لديه ثقافه حوار وتفاعل مع الاخروطغيان الخطاب السياسى المشحون بالمشاعر والتمنيات وغياب الرؤيا السياسيه للمعارضه فى دولة حديثه بامكانيات محدوده جدا ومحدودة القرارالمستقل كانت شوارع العاصمه بغداد حاضرة لمظاهرات وانتفاضات شعبيه عارمه قدمت عددا من الضحايا تكاد لاتنقطع فى منذ نهاية الحرب العالميه الثانيه. هذه الرؤيا المأزومه كان لها خلفيتها, فقد قام الجنرال بكر صدقى بانقلاب عسكرى ىسنة 1936 نتيجة لتضخم الشخصيه والطموحات الفرديه,وبعد ان اصبح الجيش القوه الرئيسيه الفاعلة جاء انقلاب السيدرشيد على الكيلانى والضباط الاربعه الذى اعتمد على مساعدة النازيين بزعامة هتلر, واستبدال الانكليز بالنازيين الالمان, لايمكن النظر الى هذه الجماعه الا بالجهل التام فى النظريه السياسه والعلاقات الدوليه وتضخم الشخصيه, ان المشاعر والعواطف لايمكن ان تكون اقوى من الشروط الموضوعيه . لم تكن سنين الملكيه فى العراق عصرا ذهبيا ولم يتم القضاء على الفقر والمرض والتخلف ولم تحصل تغيرات فى بنية الحكم الى ما يشير تغيرا نوعيا فى البناء الاجتماعى وهيكلية السلطه الحاكمه, فقد اجتهد السيد نورى السعيد ان يكون رئيس وزراء دائم وكان بامكانه ان يوسع حركة نشاطه ويحصل على نسبة اكبر فى الحركه من اصدقائه الانكليز, هذا بالاضافه الى انه قد حصر الدوله فى تركيبتها القديمه دون فسح المجال امام جيل جديد يتطلع لاستلام مسؤليات وطنيه مهمه, كما انه اعتمد نظره طائفيه قامت على “ارجحية السنه ” فى مناصب الدوله والجيش وموظفين عاديين وجنود ومراتب وسطيه” لابناء الشيعه”. ان هذه النظره لها خلفيتها االتاريخيه وقدر لها ان تستمر وتستفحل وتقوم عليها انقلابات وادارة الدوله الى سنه 2003 حيث اصبحت بعد ذلك قاعدة للحكم المحاصصى. لقد تم بناء دوله لها رجال لم تتسخ اياديهم بالسرقه والاحتيال, وكانت لنا مؤسسات تقوم, الى حد ما على اسس علمية قويمه واعتماد التخطيط العلمى فى تنمية وتطوير المجتمع, بالرغم من ان التطورات كانت بطيئه ولكن كان لنا مستقبل يمكن التعرف على معالمه وكان هذا يتوافق مع مصالح الاستعمار انذاك. ان الحكومه لم تكن ارهابيه ومتسلطه ولم تكن الاجهزه الامنيه كما تطورت فى عهد الجمهوريات الى ايديولوجيا وقهر وتسلط. لقد وصل العراق الى درجة جيده من التطور الاجتماعى والاقتصادى وكان فى ذلك رائدا بين دول الشرق الاوسط , وكانت حركة الابداع والجديد فى الشعر والفن, المسرح والفنون التشكليه, فى العماره والطب وقطاع التعليم بمحتلف مستوياته, كان ابناء الخليج يقصدون كلياتنا للدراسه والتحضر ويفتخروا انهم من خريجى المدرسه العراقيه, وليس اخيرا تطور الايدى العامله العراقيه وتطور صناعات انتاجيه مهمه وجدت جوا مشجعا على الاستثمار وذلك لوضوح الرؤيا الاقتصاديه المعتمده من قبل المستعمر “اقتصادية السوق.” جاء انقلاب “ثورة 1958” قبل اوانها بما لايقل على 30-50 سنه وكان احد الاسباب التى عجلت فى نهايتها وصعود الطبقه الوسطى بمختلف تدرجاتها على السلطه منذ الانقلاب الدموى سنه 1963 . ان عمليات التغير الاجتماعى تحتاج الى فترة زمنيه اطول بكثير عما تحتاجه التغيرات فى البنيه الماديه. عمليات مثل تغير موقف وسلوك المواطن تجاه الدوله والدوله مع المواطن, احترام الاخر والتفاعل معه, تعميم لغة الحوار والتفاهم والابتعاد عن العنف والقوه وتجريم الاخر كانت عمليات اجتماعيه فى بداياتها وكان منهج الاحزاب السياسيه المعارضه اشد قوة وفاعليه فى حشد المواطنين ضد الدوله. وقد استخدمت الاحزاب الدعايه فى نشر وتعميم اخبار واحداث ملغمه عن الدوله مما وسع الخندق بين المواطن والدوله, وكان الخطاب السياسى عن الديمقراطيه والاستقلاليه مجرد وسيله للتحشيد دون حضور الشروط الموضوعيه والمقومات الفكريه التاريخيه, مما جعل القضاء واسقاط الحكومه عملية ضروريه ملحه ورمزا للعمل الوطنى الصحيح. كانت هذه الخلفية السياسيه والاجتماعيه للضباط الاحرار والشارع العراقى الذى كان مندفعا نحو التغيير دون ان يطور نظرة سياسيه ومشروع فى بناء وطن ومستقبل شعب. لقد نجحوافى احتلال السلطه وسقوط الملكيه, ولكنهم فشلوا ولم يستطيعوا الحفاظ عليها وذلك لان الضباط الاحرار لم يكونوا بمستوى بناء دوله وما زالت مرجعياتهم مناطقيه, طائفيه وقوميه وبعيدة جدا عن فكرة وفلسفة الدوله.

ان التغيرات النوعيه البسيطه التى حصلت فى العهد الملكى وبموافقه الانكليز لو قدر لها ان تستمر كان يمكن ان تتحول الى تراكم كمى اقتصادى/ اجتماعى ينتقل بالدوله والمجتمع الى مرحلة تاريخيه نوعية متقدمه.

المؤسس. لقد تبلور فى الساحه السياسيه اتجاهان, احزاب تؤيد العمل مع قوات الاحتلال واحزاب وشخصيات ترفض ذلك وتطالب بالاستقلال وانتقل هذا الخلاف والتوتر الى الشارع العراقى الذى كان فى حالة تأهب ومعارضه للاتفاقيات التى تعقدها الحكومه مع الانكليز, رفض معاهدة الهدنه عام 1948 ,انتفاضة كانون الثانى عام 1948التىاسقطت معاهدة بورتسموث, انتفاضة عمال شركة نقفط العراق 1948 , انتفاضة 1952 حول اجراء انتخابات مباشره والحد م صلاخية الملك.لقد تبلور الجيش 1937- 1941 كقوة ضاربهبعد اخماد انتفاضة الاشوريين 1933, واخماد انتفاضة عشائر الفرات الاوسط 1935 وقمع حركة البرزانيين واليزيديه عام 1935- 1936. كان انقلاب بكر صدقى عام 1936 اول انقلاب عسكرى عراقى وعربى فى الشرق الاوسط, اطاح حكومة ياسين الهاشمى

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *