مستقبل العراق الى اين؟

مستقبل العراق الى اين؟
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق- في الحقيقة لا احد بامكانه ان يتخيل صورة للعراق والعرب عموما بعد خمسين سنة من الان.. كل المراقبين والباحثين والمحللين لايمكنهم اليوم تخيل ما يمكن ان يحدث للعراق حتى في المستقبل القريب جدا، وأكفأهم يمكنه ان يعطيك الخيارات المتاحة للعراق ما بعد تحرير الموصل، بعضهم يعتقد ان العراق ماض الى التقسيم، والبعض الاخر يعتقد ان ثمة فرصة للاصلاح والثورة، كل هذه تصورات وربما امنيات يطلقها المحللون استنادا الى اهوائهم وربما ايضا لترويج افكار من يدفع لهم، الاكراد مثلا ينادون بالانفصال منذ ايام صدام حسين، ولكنهم لم يفعلوا ولم يقرروا للان، انما هي تهديدات لاغراض الحصول على اكبر ما يمكن من المكاسب، والسنة يطلقون دعوات الاقلمة بين حين واخر ولكنهم لم ولن يكونوا جادين ابدا، ذلك ان حياتهم الاجتماعية وتاريخهم الاجتماعي والسياسي لم يكن محصورا بمحافظة دون اخرى، انما هم متواجدون في كربلاء مثلما متواجدون في البصرة، ولكن هل هذا يعني ان التقسيم لن يقع، ام ان الثورة لن تقع، كل هذه احتمالات قائمة مثل احتمال عدم حصولها ايضا، فالمستقبل في حقيقته هو ما نصنعه نحن، ونحن في العراق لانعرف بالضبط ما سوف نصنع، هل سنجزئ البلاد ام سنقوم بثورة ، ومن الذي سيقوم بها، هل التيار الصدري من سيقودها، اذن كيف هي احوالنا بعد ذلك؟..اننا في الحقيقة، عراقيون وعرب ومسلمون نغرد خارج السرب، ونعيش على الهامش وخارج ايقاع الزمن والحضارة، بل نتجه في بعض الاحيان عكس الاتجاه، ففي حين يتجه العالم الى مايسمى بعصر الانتماء الكوكبي، اي ان يتحرك العالم كله بتناغم حضاري وتعاون وتفاهم مشترك مع مستوى متقارب من الحقوق والحريات والواجبات، نحاول تقسيم انفسنا الى طوائف ومذاهب وعشائر وميليشيات، والامرُّ والادهى اننا مازلنا نخفي في دواخلنا خلافاتنا الغبية حول علي وعمر وعثمان، لنصبح ضحية بيد من يطمع للسيطرة علينا، أو لتنمية شعبه وتحقيق رفاهيته وسعادته على حساب موتنا وبؤسنا اليومي..وفي النموذج البريطاني استقال ديفيد كاميرون لأنه لا يقوى على إدارة المرحلة المقبلة التي ستكون فيها بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه فإن نوري المالكي الذي أرتقى بالعراق إلى لمرتبة الأولى في قائمة الدول التي ينخرها الفساد لا يزال يخطط للعودة رئيسا للوزراء في بلد، سلمه بنفسه لنزاع طائفي بين مجموعات من القتلة.لم يكن في إمكان كاميرون أن يختطف قرار الشعب البريطاني في حين نجح المالكي في أن يختطف شعبا بأكمله ليوزعه بين قطارين. قطار يذهب إلى العدم وآخر يذهب إلى إيران، وهو المخطط الذي تعبر عنه خطوط الفصل الوهمية بين داعش والحشد الشعبي، وهما كيانان وحشيان يكمل أحدهما الآخر.بسبب دعوته إلى الاستفتاء الشعبي أخرج كاميرون بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فلم يقاوم شعوره بالذنب. اما المالكي فإنه لا يزال يلوح بمقولته الشهيرة التي تؤكد تمسكه بالسلطة بالرغم من أنه أخرج العراق من التاريخ.لا يجرؤ أحد في العراق على السؤال “إلى أين تذهبون بنا؟”فالكلمة، بل مساحة الكلام كلها لقطاع الطرق، أمراء الميليشيات الذين باتت صناعة المستقبل في عهدتهم. فهم الذين يقررون اتجاهات السير، يمينا أو يسارا، جحيما أو ايرانا. وفي سياق تلك المعادلة فإن الذاهبين إلى إيران لن يكون مصيرهم المؤجل أفضل من مصير أولئك الذين ذهبوا عاجلا إلى العدم من خلال بوابة الجحيم.فليس معقولا أن ينتظر الشعب خيرا بعد أن سلم رقبته للجهلة ممَن قضوا الجزء الأكبر من حياتهم في خدمة الحرس الثوري الإيراني.الخوف من المستقبل هو الذي هز قناعات كاميرون في إمكانية صلاحيته لإدارة المرحلة المقبلة في حين تدفع ثقة أمراء الحرب الطائفية بإيران العراق إلى هاوية لا قرار لها، هي الظلمة التي لن يخرج منها ذلك البلد المنكوب أبدا.فلو افترضنا حسن النية لدى إيران، فما الذي يمكن أن تقدمه للعراقيين؟ألديها شيء حسن تقدمه؟ لو كان لديها ذلك الشيء الحسن لمَ لا تقدمه لشعبها؟وليس من باب المبالغة والتهويل القول إن الذهاب إلى إيران بات حتميا بالنسبة للعراق بعد أن استسلم الجميع لإرادة امراء الحرب الذين صارت لهم اليد الطولى في كل ما يشهده العراق من تحولات مأساوية بذريعة الحرب على داعش التي هي في حقيقتها حرب على كل من يعارض تسليم مستقبل البلد للميليشيات الموالية لإيران.ومما يؤسف له أن العراقيين لم يعد لديهم ما يعتزون به في حياتهم سوى الحشد الشعبي الذي انساق عدد من مثقفيهم وراء كذبة أنه ضمانة أمن العراق.شيء من اللامعقول يدفع بالعراقيين إلى تبني مفاهيم تشذ بالحياة عن سويتها.فحين يتبنى المثقفون الرواية الرسمية التي تبرئ القتلة من جرائمهم بل ويصنع أولئك المثقفون من رموز الجريمة ايقونات للحرية فإن ذلك يُعد مؤشرا على غلبة ثقافة الانحطاط والجهل وانهيار قيم العدالة والتنوير والتقدم والرقي.ستنتهي عما قريب حقبة داعش. ليس بسبب بطولات وتضحيات الحشد الشعبي كما يُشاع بل لأن قرارا أميركيا قد صدر بذلك بعد أن صار مؤكدا أن مناطق كاملة من العراق قد محيت ولن تعود إلى سابق عهدها.غير أن الحقبة الإيرانية التي صارت نذرها تخيم على حياة العراقيين من خلال استيلاء امراء الحرب الطائفية على القرار السياسي لن تنتهي في وقت معلوم. ذلك لأن الإرادة الأميركية ستكون حينها في إجازة.لن يكون نافعا اليوم توجيه سؤال من نوع “لمَ سلمتم العراق إلى ايران؟” إلى عرابي الاحتلال من الاميركيين.بالقوة نفسها لن تكون مساءلة سياسيي العراق عن أسباب كرههم للشعب العراقي نافعة أيضا. فمَن غير المتوقع أن يتخلى أحد منهم عن منصبه، حتى وإن اعترف بفشله.غير أن السؤال المصيري سيلح على العراقيين بكأبته التي لا تبحث عن جواب “ما الذي فعلناه بأنفسنا؟

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *