مسرحية «يارب»..جرأة في الخروج عن المألوف

مسرحية «يارب»..جرأة في الخروج عن المألوف
آخر تحديث:

د. صالح الصحن

اثارت مسرحية «يا رب» التي صفق لها الكثير من الحاضرين جدلا هامسا لما تحمل من جرأة واضحة في الخروج عن المالوف شكلا ومضمونا.. ونحن ازاء نص مسرحي خاص للكاتب علي عبد النبي الزيدي الذي يحمل عذابات الشكوى لله الواحد الاحد للخلاص من افة الموت والقتل التي تلاحق الحياة بسرعة فائقة الخطورة.المسرحية تجربة جديدة للمخرج الشاب مصطفى ستار بطولة الفنان فلاح ابراهيم والفنانة د. سهى سالم والفنانة زمن الربيعي.وفي زمن تجف فيه العروض تتوالد الافكار والدعوات الجديدة لدى المسرحيين الشباب للخروج من المازق اللا منتج للمسرحيات بعد سأم الاشكال المبتذلة البائسة من العروض، التي لا تمت بادنى صلة الى  الذائقة المسرحية,.واستخدم اسلوب توظيف الصورة في المسرح فقد اعد المخرج شريطا استهلاليا للتمهيد عما سيعرض على خشبة المسرح, والتي اجاد في ادائه الفنان المبدع سنان العزاوي.ان ما يمكن الاشارة اليه ان المدخل الاول بدأ بقراءة مقطع طويل من القران الكريم باداء مثير ولافت حد البكاء..وهو غير مالوف حقا في اغلب الطقوس المسرحية المحلية الامر الذي يفصح عن جرأة واضحة في الاشتغال على ما كنا نظن ونعتقد ونؤمن به انه من المحرمات ,ذلك هو توظيف شخصيات الانبياء مع درايتنا ان مئات الافلام والمسرحيات تناولت حياة الانبياء نفذت في الغرب وبجرأة عالية جدا. وان اختيار شخصية النبي موسى «عليه السلام» من الخطوات التي نالت الاعجاب برغم الثوب الحديث الذي البسها فيه المخرج ,بقصد يدعو له في رسالته الفكرية.. اما اسلوب مخاطبة جلالة الله سبحانه وتعالى وباسلوب فاق حدود الدعوات ليصل حد التساؤلات والاستفهامات فأمر لا يخلو من حذر ولكنه خال من التجاوزات! اما القضية الكبرى للموضوع وهي مناجاة وتساؤلات ودعوات الام التي جسدتها باقتدار الفنانة المبدعة سهى سالم للخلاص من قتل الابناء فهي صرخة تحملها حتى الاتربة التي تمشي عليها الامهات.. ورغم الجرأة التي سجلتها مسرحية «يا رب» شكلا ومضمونا اود الاشارة الى بعض الملاحظات.

ملاحظات على العمل

1. يجدر بجهة الانتاج ان تؤمن امكانية فضاء مهيب يحمل ملامح الجلال والاكبار للوادي المقدس وان يصمم على وفق الاستشارة الفكرية والحرفية. 2ـ خلا العمل من حركة الفعل والانفعالات الظاهرة واكتفى باداء القاء وتبادل الحوار بين الممثلين وهم في حالة جلوس باستثناء بعض حالات التغيير والوقوف والقليل من الحركة، وبما يسجل ان نسبة الحوار طغت على الحركة.. وفي هذا ربما تقصد المخرج للتخلص من بطولة الاجساد والالوان والاشكال وحركاتها الكبيرة. 3. كان الايقاع مصمما ببطء شديد قد يعتقده المخرج متناغما مع الاجواء المهيبة والقضية المطروحة.. ولكن عليه ان يخفف من وطأة الزمن الطويل بقدر معقول. 4ـ  ابتعد المخرج عن الموسيقى التصويرية بما يسجل الحاجة الضرورية لها في حين, وفي حالة اخرى استخدم في الشريط مع اداء الممثلة سهى سالم خطا صوتيا خفيفا مرافا وهو تلاوة للقران الكريم وعلى طريقة الباكراوند وهو غير محبب اصلا لانه ليس بموسيقى ولا مؤثرات صوتية. 5ـ  كنا نتمنى ان لا تكون ملابس الممثلين حديثة هكذا رغم ان العمل ليس تاريخيا ,انما هو قراءة لواقع حالي ولكنه يشير الى حالة تاريخية. 6. في وسط المسرحية ..تبدل اداء الممثلين من اللغة الفصحى الى العامية وبأسلوب ساخر وبمنتهى البساطة والطرافة بما نعتقده امرا لا يناسب ولا يليق بمقام الموضوع وشخصياته المقدسة من اجل حفنة من تخفيف الايقاع. 7ـ  كان اداء الممثلين الفنان فلاح ابراهيم والفنانة سهى سالم بمستوى تسجيل حضور كبير على المسرح نظرا للوعي المسرحي الكبير والمعرفة الحرفية العالية التي يتمتعان بها جراء التجربة…. بالاضافة الى حضور الفتاة الانيقة مسرحيا زمن الربيعي. 7ـ حملت المسرحية رسالة فكرية عالية رافضة لقوى الموت والدمار وداعية الى الحياة والسلام ولاجئة الى الله العلي القوي العظيم. بقي ان نسجل التقدير والاعجاب للمسرح العراقي الذي يجب ان يلج كل المواضيع والفضاءات والزوايا وان يرتقي الى مستوى التاهل في الخلق والابتكار وتجاوز الحدود والقواعد, لكن بقدر عال من المعالجة الفكرية والجمالية ..تحية اعجاب وتقدير لكل المبدعين المتالقين في مسرحية يا رب…. والى مزيد من التجارب والنجاحات.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *