ييتس.. أعظم شعراء القرن العشرين

ييتس.. أعظم شعراء القرن العشرين
آخر تحديث:

جاين سياباتاري  
من الصعب تحديد أهمية شخصية في الأدب الإنكليزي كـ «ويليام بتلر ييتس» وتقدير الدور الذي لعبه وما زال يلعبه حتى يومنا هذا، يقول الناقد والشاعر «جيمس لونغنباخ»: «يماثل ييتس الآن شكسبير وجونسون وديكنسون من حيث الأهمية»مؤلفون أمثال «تشينوا أتشيبي» و«جوان ديديون» اختاروا عناوين مثالية نظريا من سطوره البارزة التي لا تنسى- «أشياء تتداعى» و«السير بتراخٍ صوب بيت لحم» على التوالي- كما وصفه «تي. أس. إليوت» بأنه «واحد من اولئك الذين يكون التاريخ هو تاريخ عصرهم، والذين هم جزء من وعي عصر لا يمكن فهمه من  دونهم».ولد يوم 13 حزيران سنة 1865 في ايرلندا ونشأ بلندن ضمن الوسط البوهيمي لوالده الرسام، كان ييتس متمسكا بالتقاليد وألف السونيتات على مدى نصف قرن، معرفته بشكل وأسلوب القصيدة الإنكليزية والأدب الايرلندي وعلم الأساطير الكلتية- المستوحى جزئيا من فصول الصيف التي قضاها بمسقط رأس والدته؛ مقاطعة «سلايغو» غرب ايرلندا- أدت إلى إنتاجه مجموعة أعمال استثنائية.لو أنه توقف عن الكتابة نهاية القرن التاسع عشر لوجدنا في رصيده مجموعة مثيرة للاعجاب من الأشعار الرعوية التي تعكس الحنين إلى الماضي- لكنه لم يفعل ذلك لحسن الحظ؛ لأن عمله خلال القرن العشرين أسهم في تقديم الحداثة- وخلق لغة جديدة لفهم مشاكل وجمال الحركة الحداثية، وهذه المساهمة هي التي تجذب شعراء  اليوم.

الحقيقة والعدالة

قبل قرن تغير شعر ييتس إلى الأبد بسبب ما دعاه «الوحشية المتزايدة للعالم»، في قصيدة «فصح 1916» كتب عن ثورة عيد الفصح في ايرلندا التي قتل فيها بعض أصدقائه على يد فرقة إعدام، ذكر أسماء الشهداء وختمها بالعبارة المشهورة «ولد جمال مريع».واصل طريقه الجديد مع «العودة الثانية» التي كتبها عام 1919 ونشرت في 1921، وتعد استجابة للحرب العالمية الأولى والثورة الروسية والحرب الأهلية الايرلندية، إذ كتب «دبليو. أتش. أودن» في قصيدته التي رثى بها ييتس سنة 1939: «دفعك أذى ايرلندا المجنونة إلى الشعر».شأنه شأن جميع أشكال الفنون العظيمة جدد عمل ييتس نفسه مع كل جيل، كما إن أشعاره تلاقي دائما صدى أقوى لدى الشعراء الذين تقلقهم وتشغلهم الحرب والمعارضة المدنية، تقول الشاعرة «تيس غالاغر» التي قرأت أعماله للمرة الأولى خلال حرب فيتنام: «كان سياسيا، مهتما بوطنه وثمن حرياته واولئك الذين دفعوا ثمن تحوله إلى وطن».أشارت الشاعرة «أونر مور» إلى «العودة الثانية» على أنها قصيدة تقرأ بمفهوم حديث لسنة 1968 الفوضوية: «كان يكتب في أعقاب الحرب العالمية الأولى- دون علمه باندلاع ثانية لاحقا- شعرت أنا وغيري من الذين كانوا في بداية العشرينات من العمر بالرعب لصحة ودقة سطوره؛ ’أخيار الناس يعوزهم الإيمان.. فيما أراذلهم يملؤهم شغف الأهواء‘ وتجد وحشا مرعبا يفوق الوصف ’يحدق بنظرة فارغة لا رحمة فيها كالشمس‘«.قال ييتس مرة أن غاية الفن هي «أن تحمل في فكرة واحدة الحقيقة والعدالة»، وفقا للشاعر «توم سلاي» الذي تتحدث مجموعته الجديدة «المحطة زد» عن تجربته كصحفي في لبنان والصومال والعراق وليبيا: «تقرأ شيئا مماثلا وتطبقه على الحقائق الثابتة لبلد مثل العراق، وبذلك تحصل على لقاح ضد جميع التفاهات العاطفية».

الشاعر والرجل

واجه ييتس المأساة البشرية بشكل مباشر، لكن لم تثبت موضوعاته فحسب خلودها وإنما أسلوبه في الكتابة أيضا، تقول الشاعرة «إيفان بولاند» المولودة في دبلن وتدير برنامج الكتابة الإبداعية بجامعة ستانفورد: «اعتبرته دائما شاعري المفضل.. كان لييتس تأثير هائل على القصيدة الغنائية للقرن العشرين».وأوضحت: «أعاد حيوية إمكانيات المقطع الشعري خاصة في أعماله اللاحقة، وأكثر من هذا فإنه قدم أدوارا وشخصيات القصيدة بطرق جديدة امتازت بعدم الوضوح المتعمد وبعاطفيتها خلال السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر».وأضافت بولاند: «إرث ييتس ومثاله الأهم لكل من يقرأ أو يكتب الشعر هو الوصية الإنسانية في أعماله الأخيرة- وهذا نتاج طبيعي للعيش عبر قرنين والتقدم في السن ببساطة- لكونه شاعر احتفل بالبطولة والقوة في بعض قصائده المبكرة ظهرت التغييرات ضمن الأعمال اللاحقة، فتناقصت صفته كشاعر تدريجيا وتزايدت كرجل يشيخ، أصبح هذا المزيج المؤلف من الشاعر الذي لا يقهر والإنسان الضعيف انفصالا متطرفا ومدمرا عن الرومانسية، وأثناء هذه العملية ظهرت قصائد جديدة حازمة ومقنعة».أثر على كل شاعر يكتب باللغة الإنكليزية اليوم سواء أدرك الأخير ذلك أم لا، بحسب لونغنباخ: «غير ييتس القصيدة الغنائية إلى حد كبير لتختلف عن كل ما عرفناه عنها خلال القرن الأخير، إذ أخذ الفكرة الرزينة للقصيدة التي تؤلف وفقا لمناسبة ما- كأن تكون زفاف أو ولادة أو تتويج أو وفاة- وحولها إلى نوع القصيدة الأكثر جدية ومركزية في لغتنا».ذكر لونغنباخ أن هذا التأثير يمس «شعراء يبدون مختلفين جدا سطحيا؛ مثل «فرانك أوهارا» و»شيموس هيني» و»إليزابيث بيشوب» و»سوزان هاو» كذلك».

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *