٣٤ ٪ نسبة النجاح في امتحانات الدراسة المتوسطة !!

٣٤ ٪ نسبة النجاح في امتحانات الدراسة المتوسطة !!
آخر تحديث:

بقلم:باسل عباس خضير

لم نستغرب أبدا ما أعلنته وزارة التربية حول نسبة النجاح للدراسة المتوسطة في الدور الأول للعام الدراسي 2018 / 2019 لأنه نتاج الإجراءات التربوية و التعليمية والإدارية التي يشهدها قطاع التربية بمختلف العناصر من المدخلات والعمليات  وما تواجهه من صعوبات وما تتخلله من تعقيدات في بيئتها الداخلية والخارجية ، وإذا كان البعض يعتقد بان النسبة منخفضة فان الآخرين يعدونها مرتفعة وربما تخللتها ( المساعدات والمكرمات ) لان الواقع التربوي من وجهة نظرهم في بلدنا بحالة هبوط وعلى درجة كبيرة من التعقيد وبما يجعلنا على حافة الهاوية والسقوط نظرا للاختلال الحاصل في المدخلات من الطلبة والمدرسين والأبنية والمستلزمات والمناهج والإدارات والدوافع وكل ما يتعلق بهذا الموضوع ، ومن الناحية الموضوعية فان تشخيص المشكلات ووضع الحلول الناجعة لها يحتاج إلى جهود كبيرة ودراسات مستفيضة وإمكانيات مادية وبشرية كبيرة لا يسع ذكرها بمقالتنا هذه بعدد من السطور ، والاهم من ذلك الإرادة على التغيير الايجابي لتجاوز الواقع الحالي والرجوع إلى الوراء على الأقل ( أي الحفاظ ما هو سائد قبل عشر سنوات مثلا ) بداية لبلوغ الطموحات ومواكبة التطورات العلمية السائدة في العالم ، ومما يثير مخاوف وقلق العوائل العراقية إن هذه النسب من النجاح لم تكون مطروقة من قبل ، فنسبة نجاح قدرها 34% مخيفة فعلا لأنها تضيف هموما للطالب وعائلته مما يضطرهم لبذل مجهودات إضافية خلال الأسابيع القادمة ودفع فواتير إضافية للتدريس الخصوصي لعلهم يحظون بالنجاح في الدور الثاني لاجتياز الدراسة المتوسطة ( وليس الدراسات العليا ) ، وما يخيب الآمال أكثر ماصدر عن الجهة المعنية في وزارة التربية التي قالت عن النسبة الحالية للنجاح أنها أفضل من العام الماضي وهي نسبة لا يعول عليها لان النسبة النهائية تحتسب بعد إعلان نتائج الدور الثاني مما يوحي بعدم الاكتراث لهذا الرقم المخيب للآمال ، ومن يعلم فقد تلجأ وزارة التربية لإضافة دور ثالث لرفع نسب النجاح كما فعلت في السنوات السابقة لرفع نسب نجاح الدراسة الإعدادية التي تتدنى نتائجها من عام إلى عام ، ومن بوادر هذا التوجه هو ما نشرته بعض وسائل الإعلام بان مجلس النواب بصدد إصدار توصية سيتم من خلالها السماح لجميع الطلبة الراسبين في الدور الأول بأداءامتحانات الدور الثاني بغض النظر عن عدد الدروس وكأن الخلل هو بعدد المحاولات .

ورغم إن أسباب ارتفاع نسب الرسوب تثير التساؤلات لدى الكثير واغلبها تلقي باللوم على الطالب ، إلا إن ذلك غير صحيح لكل الحالات فالراسبون بدرس وأكثر الذين تبلغ نسبتهم 68% من الممتحنين لا يتحملون لوحدهم أسباب الرسوب ولو تمت المراجعة الإحصائية للرسوب لاكتشفنا حالات كثيرة تثير الاستغراب ، فهناك مدارس بلغت فيها نسب النجاح 100% وأخرى لا تزبد عن 5% لان هناك تباينات جوهرية في الظروف المدرسية بين المحافظات كما إن هناك فروقات بين المدارس ضمن المحافظة الواحدة ، لان بعضها مدارس نموذجية في أبنيتها وأخرى طينية أو كرفانية كما إن هناك مدارس تحوي ملاكات من أعلام التربية في العراق وأخرى تحوي على محاضرين بالمجان وهناك مدارس توزع فيها الكتب والمصادر بشكل كامل وأخرى تعتمد على الاستنساخ أوان يتقاسم خمسة طلاب أو أكثر بكتاب ، وهناك أيضا مدارس تحتوي على مختبرات ومكتبات وقاعات للفعاليات غير الصفية وأخرى لا تتوفر فيها دورات المياه والحمامات ، كما تتباين إدارات المدارس في أدائها فهناك مدارس تعتمد على الكفاءات وأخرى تشغل إداراتها باعتبارات حزبية وعشائرية أو أنها تشترى من بعض المتنفذين ما يشاع ، وهناك مدارس أهلية عبارة عن واجهات لجمع المال أو الأصوات للانتخاباتوأخرى لا تتوفر لديها النثرية لإصلاح الحنفية أو المصباح ، وفي ضوء هذه الاختلافات والتناقضات يتم وضع الأسئلةمن اختصاصيين همهم الكبير هو المحافظة على المستوى العلمي حتى وان كانت إجابات الأسئلة الامتحانية في الهوامش أو بين السطور واغلبهم لم يعيشوا واقع المدارس في مخيمات النزوح أو في القرى والقصبات التي ربما تتقطع طرقها لأسابيع أو أيام لتساقط الإمطار أو انعدام الكهرباء أو لظروف أمنية تتعلق ب( الدكات ) أو ( النهوات ) أوغيرها من الشعائر والمناسبات التي تعيشها البلاد وهناك مدرسون لم يتدربوا على المناهج الجديدة قط .

ومن الأخبار التي تثلج الصدور بخصوص دراسة أسباب ارتفاع نسب الرسوب في امتحانات الدراسة المتوسطة ما أعلنهبعض النواب حول قيام لجنة التربية بإجراء تحقيق مع التربية حول هذا الإخفاق ، وكأن العراقي لا يعلم بان وزارة التربية المسؤولة عن مئات الآلاف من الطلبة من الأول الابتدائي ولغاية السادس الإعدادي لا يشغلها وزير منذ بداية تشكيل حكومة دولة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي وحتى اليوم رغم إن أسماء عديدة عرضت في مجلس النواب ولكن لم يجري التصويت عليها بسبب التوافقات ، فمنصب وزير التربية بموجب المحاصصة ( المقيتة) من حصة مكون معين وهذا المكون لم يتوافق على اسم واحد يحظى بالقبول لدرجة إن هناك من يهدد بدمج وزارة التربية مع وزارة التعليم إن لم الاتفاق على من يشغل هذا المنصب ، وإذا كان هناك من يعتقد بان الوزير ليس له علاقة بنتائج الامتحانات أو غيرها فانه واهم جدا لان منصب الوزير تكليف وليس تشريف وهو المسؤول الأول عن وزارته وبقيادته الناجحة ترتفع المعدلات والمؤشرات وإخفاقه يؤدي بنا إلى أكثر مما نحن عليه ، أما إشغال المنصب بالوكالة فانه يحمل الوكيل ما لا طاقة عليه إذ تكفي كل وزير هموم وزارته التي تواجه التحديات والفساد ، ونقول من باب الحياد إن بعض الطلبة يتحملون نتائج أدائهم في وقوعهم بالرسوب وهي حالة تتكرر في كل الامتحانات والبلدان ( في الامتحان يكرم المرء أو يهان ) ، ولكن من المؤسف حقا أن تمتد الخلافات السياسية والاختيارت غير الموضوعية والقرارات غير الفاعلة لتؤثر على حاضر ومستقبل التربية فيكون المتضرر هم الأبناء لان هذه الفئات العمرية هي من يعول عليها في بناء وقوة وتطور عراقنا الحبيب ، والتعمد في وضعهم بدوامة الفشل بسبب الكفاءة أو من خلال العفوية أو القصد اللئيم ربما يخلف لنا جيلا له استعدادت سلوكية غير مرغوبة وغير منتجة ، فنتائج العديد من الدراسات تشير إلى إن الممارسات غير المرغوبة والمرفوضة من المجتمعات القيمية تعود أكثر أسبابها إلى الشعور بضعف أو انعدام القدرة على الانجاز ، ونرجوا من الجهات المعنية ومن المخلصين أن يحسبوا بشكل دقيق النتائج المستقبلية لكل الظواهر والحالات لا بهدف زيادة نسب النجاح على حساب الاستحقاق وإنما بمعالجة الخلل الحقيقي الذي أدى لإرتفاع نسب الرسوب ، وفي ذلك حسنات في موازين أفعالهم والتعبير المؤكد عن الوطنية والمواطنة لمن يضع ولاءه للعراق .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *