أسئلة عراقية معلقة تزيد التوترات

أسئلة عراقية معلقة تزيد التوترات
آخر تحديث:

بقلم:صبحي ساله يي

في المساحة السياسية بين الطموح والواقع في العراق، وما بعد التهدئة والانفراج، تبدو الكثير من الأسئلة الكبرى معلقة في حسابات القوى السياسية المشاركة في تحالف إدارة الدولة وحكومة محمد شياع السوداني التي تجاوزت مئة يوم من عمرها، غالبيتها تأتي متزامنة من الجانبين الكردي والسني اللذين يبديان توجسهما وانزعاجهما من تأخر الحكومة الجديدة في تلبية مطالبهما المُلحة.أما الطرف الرئيسي في الحكومة، وأعني به شيعة السلطة، فيبدو أنه يمارس ضغوطا سلبية على المواقف السياسية ويمازج بين المشهد السياسي الحالي وتعقيدات سابقة، يحاول بصورة أو بأخرى أن يوفر الغطاء السياسي لكل إجراءات حكومة السوداني وينحاز لها ولأجنداتها المهمة والصعبة. ويحاول أن يستغل الخلافات الداخلية الكردية – الكردية والسنية – السنية ليعتبر موقفهم سلبياً ومستغرباً لأسباب مختلفة، لذلك يتغافل عن مطالباتهم ولا يريد قراءة الاحتمالات بصورة واقعية وإدراك ثقل التحديات التي تواجه العراق والعراقيين بصورة عامة. وإن استوجبت الأحداث إصدار بيانات، فإنه في العادة يصدر بيانات مرتبكة ومتجهة نحو المثاليات، وملامحها الحقيقية تثير فضول الرأي العام وتدفع المراقبين للبحث عن تفاصيلها ومحاولة مقارنتها بالغربال الذي يحاول حجب نور الشمس.

جميع قادة الطرف الرئيسي في الحكومة ودون استثناء يتصورون أن بإمكانهم لعب دورين في الوقت ذاته، لذلك يحرصون على ترتيب أولوياتهم الداخلية والذاتية والتهرب من المسؤولية وإيهام الآخرين بامتلاك تصورات معينة ورفض التصعيد، والتشبث بمغازلتهم للكرد والعرب السنة بزيارات واجتماعات وعبارات وتصريحات ومصطلحات تهدف إلى تفريغ شحنة الشك والريبة من ممارساتهم ونشاطاتهم، وجميعهم مشتركون بشكل أو بآخر في إعاقة تنفيذ اتفاقاتهم المبرمة مع الطرفين الآخرين.

أما الأسئلة المعلقة، فإنها لا تأخذ مداها الحقيقي، بعضها يتعطل في منتصف الطريق بسبب الحرص على تصفية الأجواء وتعظيم المصالح المشتركة، أو على خلفية الخشية من التصعيد والمواجهة المحتملة واتساع دوائر الخلافات وتدهور صورة حكومة السوداني أمام العراقيين وغيرهم وهي بالكاد أكملت شهرها الثالث، وبعضها يصل إلى موائد التفاوض، ولكن المناورات المتدافعة تمنع الأسئلة من الحصول على الإجابات المقنعة.حتى الآن، ورغم البيئة السياسية المتقلبة، ربما لم يحن الوقت المناسب لإضافة المزيد من الأزمات من خلال إعلان الكرد والسنة أنهم غير مستعدين للمضي مع الإطار التنسيقي في جموحه السياسي والحكومي لحسابات إستراتيجية تتعلق بتصوراتهم للأزمات العراقية التي تحمل الكثير من الأوجه والتبعات وتحتاج إلى حذر ودقة متناهية وأثمان باهظة، ولكن من غير المستبعد ولا ينبغي أن يكون مفاجأة، وبالذات عندما يجدون أنفسهم إذا ما تصدع تحالف إدارة الدولة تحت ضغط تصادم الإرادات، أمام تصورات وأوضاع جديدة تلقي بظلالها الكثيفة على مستقبل تحالفهم، وأمام إعادة ترتيب أوراق وفرص حلحلة مشكلاتهم بوسائل أخرى بعيدة عن تقديم المزيد من التنازلات.

لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحصل خلال الأسابيع المقبلة، كما أنه لا أحد ينتظر مواجهة مسائل بالغة الحساسية ونقاط خلافية بين المشاركين في حكومة السوداني بالأمنيات والخطط البديلة غير المبررة المليئة بالمآخذ. وليس من المنطق السكوت عما يجري من استخفاف بالحقوق والوقوف دون حراك والاكتفاء بمشاهدة الخطر المحدق، وتوجيه انتقادات واعتراضات لفظية دون اتخاذ خطوات إجرائية منطقية ومقنعة سياسياً وشعبياً ووطنياً.خلاصة الكلام: كلما طال الانتظار، كلما أصبح المسار الصحيح لحل الخلافات الجوهرية أكثر عرضة للتصعيد والعرقلة والتراجع عن الاتفاق، وللوصول إلى الاستقرار النهائي لا بد من قبول الحقائق.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *