آخر تحديث:
بقلم:علي الكاش
قَالَ جالينوس” الْجَهْل بِالْجَهْلِ جهل مركب، لِأَن أَجْهَل وَأعلم أنني أَجْهَل، أحب إِلَيّ من أَن أَجْهَل وأجهل أنني أَجْهَل”. (تسهيل النظر).
عراق اليوم (كل يوم كربلاء) كما يرددها شيعة العراق، اي كل يوم كارثة، وقد ترجمها نظام الملالي والميليشيات العراقية التابعة له الى حقيقة ملموسة، فبعد نفوق ملايين الأسماك وأزمة السيول الجارفة القادمة من منبع الشر، والوباء الذي أصاب مئات الآلاف من الدواجن، جاءت الحرائق لتكمل صورة العراق الجديد، عراق السواد الذي بدأ يشكو من سواء القلوب وسواد الأرض، لكن هذه المرة ليس سواده بسبب ارضه الخصبة المعطاء، وإنما بسبب الرماد الناجم عن حرق المزارع، ويبدو ان الشر غالبا ما يستهدف المحافظات ذات الأكثرية السنية، فعمليات التدمير والتخريب وتجريف المزارع وتهجير السكان والتغيير الديمغرافي كما جرى في ديالى وصلاح الدين، حيث تم توطين نازحين من جنوب العراق مع مواشيهم في هذه المحافظات، واخيرا الحرائق التي إستهدفت المحافظات ذات الاكثرية من السنة، لكن المصيبة ان الفاعل الإيراني وأدواته في العراق يتصورا ان الخسارة هي لأهل السنة وليس خسارة للعراق، وهذا ناجم عن ضعف أو بالإحرى انعدام الوازع الوطني عند الميليشيات الشيعية وسمو المذهب عن المواطنة، الوطن الأم لشيعة العراق ايران وليس العراق، وهذه هي الحقيقة التي صرح بها الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وأثارت ضجة في حينها، لكن الأيام أثبت صحتها وصحة الهلال الشيعي الذي حذر منه جلالة ملك الأردن.
صرحت مديرية الدفاع المدني في العراق بأنه للفترة من 8/5 لغاية 8/6/2019 حدثت (272) حالة حرق للمزارع في محافظات العراق، وان سبب الحرائق:
-
ان 74 حادث بسبب التسريب والعطل الكهربائي 74 منها.
-
ان 35 حادث بفعل فاعل
-
25 حادث بسبب شرارة نار من الحاصدة.
-
22 حادث بسبب عقب سيكاره
-
32 حادث مصدر نار خارجي
-
84 حادث مجهول يتم تحديده من قبل التحقيقات الجنائية.
بالطبع الأسباب التي ذكرت تثير السخرية أكثر منها الحيرة، كما ان الحرائق لم تشمل محافظات العراق عموما كما أشار البيان، بل المحافظات السنية فقط. الأسباب الأول والثالث والرابع لا مبرر لها، بل نجزم بأنها غير حقيقية، وإلا لماذا لم تحصل مثل هذه الحرائق في السنوات الماضية مع ان ظروف الحرارة ووضع الكهرباء هو هو لم يتغير؟ ولماذا تزامنت الحرائق مع بقية الأسباب وهل هي صدفة؟ في العراق لا يوجد شيء إسمه الصدفة، وانما هناك دائما فاعل مجهول عند الحكومة، لكنه معروف عند الشعب العراقي.
كما ان الأراضي الزراعية للحنطة والشعير في القرى والأرياف النائية، وليست في المدن ولا يوجد فيها توصيلات كهربائية ولا أعمدة كهرباء، فكيف حصل المس الكهربائي، وما علاقة العطل بالأراضي طالما لا توجد أعمدة، ولا أبراج ضغط عالي.
الأسباب الثاني والخامس والسادس هي الأسباب الرئيسة الذي تتجمع في بوتقة واحدة، بل هو المنبع الذي تتفرع منه بقية الأسباب كروافد.
وهناك عدة محطات لابد من الوقوف فيها لكي نعيد البوصلة الحكومية المنحرفة الى إتجاهها الصحيح، وتتوضح الرؤية، وتدحض الباطل الحكومي.، وكذابهم الكبير.
-
لماذا لم يتطرق الدفاع المدني الى موضوع العدسات التي توضع بإتجاه الشمس فتولد شرارة الحرق، كما شاهدنا في العديد من المزارع؟
-
لماذا كذب رئيس الوزراء العراقي عندما زعم ان الحرارة والخصومات الشخصية تقف وراء الحرائق. بالطبع هذا يذكرنا بقوله ان المخدرات في العراق قادمة من الأرجنتين وليس حبيته ايران.
-
من هي الجهة المستفيدة من حرق المزارع؟ طالما ان تنظيم داعش داعش لم يدخل ضمن قائمة المشبوهين من وجهة نظر رئيس الوزراء وحكومته، وليست لداعش سابقة في هذا الأمر، فلأية جهة يمكن ان نوجه اصبع الإتهام؟
-
لماذا انحصرت الحرائق في المحافظات السنية. وعلى الرغم من الزعم بأن بعض الحرائق طالت محافظة في العراق الأوسط، لكن تبين انه كذب محض، الغرض منه تشويش الرؤية وإبعاد النظر عن إستهداف المحافظات السنية.
-
من هي الدول التي تصدر الحنطة والشعير الى العراق وليس من مصلحتها ان يسد العراق حاجته من هذه المحاصيل الستراتيجية؟ وتعتبر العراق سوقا رئيسا لمنتوجاتها الردئية وتطمح ان تصدر للعراق ما قيمته (20) مليار؟
-
هل من المعقول ان لا يصرح اي من أصحاب المزارع التي تعرضت للحرق عن وجود عطل في الحاصدات؟ وهل يمكن فعلا انهم لم يصلحوا العطل؟ ولماذا تعطلت معظم الحاصدات وأخذت تقذف الشرار في هذا الوقت بالذات؟ لماذا لم نسمع طوال عمرنا بأن مزرعة ما احترقت بفعل عطل في حاصدة؟ من المعروف ان الآلات الزراعية فيها اجراءات امان عالية، وغالبا ما تكون مرتفعة عن الأرض. ولو افترضنا جدلا ان الحاصدة عاطلة وترمي شرار، فكيف لم يلاحظ المزارع هذه الحالة؟ ولماذا لم يطفأ النار لأنها في البداية صغيرة، ويمكن السيطرة عليها؟
-
ما هي طبيعة المصدر الناري الذي تحدثت عنه مديرية الدفاع المدني؟ ولماذا لم يوضحه للرأي العام العراقي، طالما انها حددته، أي تعرفت عليه؟ عود الثقاب والمدفع والصاروخ كلها مصادر نيران.
-
لماذا يحاول رئيس الوزراء ومديرية الدفاع المدني تغير بوصلة الإتهام والتغطية عن المجرمين الحقيقيين؟ اليست التغطية عن الفاعلين تعني الإشتراك معهم في الجريمة؟
-
طلب رئيس الوزراء من وسائل الإعلام ان لا تبالغ في حجم الحرائق والأضرار الناجمة عنها! قائلا” هذه ظواهر طبيعية وربما بسبب الإهمال”. فهل كان صادقا في كلامه أم كاذبا كالعادة؟ فقد صرح (دريد حكمت) مدير زراعة محافظة نينوى ان المحافظة كانت تستعد العام الحالي لإنتاج (8) مليون طن من الحنظة ما يعني نصف انتاج العراق بالكامل. فأين المبالغة يا رئيس الوزراء؟ ولماذا زاد الإهمال خلال وزارتك الحالية؟
في نينوى احترقت (8) قرى عراقية بتأريخ 12/6/2018 أي بعد تصريح مديرية الدفاع المدني، بمعنى ان الحرائق مستمرة لغاية كتابة هذا المقال، وبلغ مجموع الحرائق في الموصل (153)، وفي كركوك احترق (800) دونم، والتهمت النار مزارع الدبس وداقوق والرشاد، كما أن المعهد الفني في الحويجة مازال يحترق، ناهيك عن حرائق ديالى التي لم تُحتسب لحد الآن، بإستثناء تعرض مزارع خانقين للحرق حوالي (627) دونم.
-
أين الأجهزة الأمنية مما يحدث؟ هل الأمن الغذائي ليس من مسؤولية قوى الأمن الوطني. علما ان جميع قادة القوى الأمنية والمخابرات والإستخبارات والأمن الوطني وفروعها من الشيعة فقط.
-
كيف نفسر البرود الحكومي تجاه الحرائق؟ يؤكد هذا الرأي ما صرح به مجلس النواب العراقي ( خالد المخرجي) النائب عن محافظة كركوك بأن” هناك برود حكومي في التعامل مع هذه القضية”. وكيف نفسر هذا البرود؟
-
إن كانت الحكومة عاجزة عن إطفاء الحرائق، لماذا لا تستعين بدول الجوار لإطفائها؟ أم ان الأمر بليل مدبر، وهناك تنسيق بين الحكومة وميليشياتها لتنفيذ أجندة خارجية واضحة للعيان؟
-
طالب رئيس كتلة الحل البرلمانية (جمال الكربولي) حكومة عادل عبد المهدي بتسليمه جهاز المخابرات متعهدا بأن يكشف للشعب العراقي عمن يقف وراء الحرائق، بعد ان فشلت الأجهزة الأمنية في الكشف عن الفاعلين الحقيقيين او تسترت عليهم، فليس من المعقول ان لا يُلقى القبض على مجرم واحد او مشتبه به على أقل تقدير.
-
ان الحدود السائبة مع ايران تفسح المجال لتسلل الكثير من العناصر الإرهابية للقدوم الى العراق، لأغراض التهريب والتخريب وتجارة المخدرات علاوة على تواجد الحرس الثوري في العراق والميليشيات العراقية المرتبطة بالحرس الثوري. مما يعني عدم إستبعاد الجارة اللدود كمتهم رئيس في هذه الحرائق، والمستفيد الوحيد من حرق العراق وليس مزارعه فقط.