لا بد أن يكون غبيا أو غافلا جاهلا أو انتهازيا كبيرا ولديه استعدادٌ فطري لخيانة وطنه وشعبه أيُّ فلسطيني يخدع نفسه وأهله، ويحاول أن يقنعهم بأن الحكام الإيرانيين صادقون في وعودهم الفلسطينية التي ظل مرشدهم الأعلى الإيراني وكبار مستشاريه ومعاونيه يبشرون بها، وبأنهم عازمون، فعلا، على تنفيذها في يوم من الأيام.
فمن أول يوم هبط فيه الخميني على أرض مطار طهران 1979 وإلى اليوم وهذا النظاميروج لفكرة تصدير الثورة، مؤكدا أن العبور من العراق إلى سوريا ولبنان ليس له سوى هدف واحد، هو تحرير الأرض العربية الفلسطينية، والثأر للشعب الفلسطيني، ومحو إسرائيل، وطرد أمريكا من المنطقة كلها، وإقامة دولة العدل الإلهي الرشيدة بعد ذلك.
وتحت هذه الذريعة أصبح كل غزو يقوم به حرسُه الثوري لدولة عربية، مباشرةً، أو بواسطة أي ذراع من أذرعه العراقية واللبنانية والفلسطينية والسورية واليمنية التي أنشأها ومولها وسلحها، إنما هو خطوةٌ على الصراط المستقيم المُوصِل، في النهاية، إلى فلسطين،وتحريرها من النهر إلى البحر كاملة دون نقصان.
ومن أول حربٍ خاضها نظام الخميني، مباشرة، بجيوشه وسلاحه مع غريمه صدام حسين 1980، وما تلاها من حروب أخرى خاضها ورثتُه بالواسطة، وهو يمارس القتل والحرق والتهجير والتخريب والنهب والسلب، ويوسع دائرة نفوذه، فقط من أجل أن يصل إلى حدود إسرائيل.
حتى تحقق له ما أراد، وتمكن، أخيرا، من إقامة الهلال الشيعي الذي وعدنا بجعله قمرا،ثم وصل إلى شواطيء البحر الأبيض والبحر الأحمر، وأصبح الكيان الإسرائيلي في مرمى صواريخه التي باركها الله ورسوله والإمام الغائب، وسط تهليل (أولاده)الفسطينيين واللبنانيين والعراقيين والسوريين واليمنيين.
ولكن الذي حصل هو أن كل الكوارث البشرية والمالية والسياسية والأمنية التي أنزلهاالحرس الثوري وقائده قاسم سليماني ومليشيات أكرم الكعبي وقيس الخزعلي وهادي العامري وحسن نصر الله والحوثي بشعوب إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، على مدى أربعين عاما، لم تكن من أجل فلسطين، ولا من أجل أي عربي أو مسلم آخر آخر حتى لو كان من أكثر الناس عبودية وولاءً له، وتفانيا في خدمة أهدافه القومية العنصرية الفارسية التي لن تتحقق.
فقد ثبت بالدليل القاطع الموثق المرئي والملموس أن هذا النظام أكذبُ أنظمة الحكم الغوغائية التهريجية الديكتاتورية التي عرفتها المنطقة والعالم، وأشدُها قهرا لأهله وجيرانه، ولكنه أكثرها جبنا، أمام أعدائها، ونفاقا وانتهازية وتقية.
فإسرائيل التي تصول صواريخها وطائراتها ومدافعها في سماء سوريا ولبنان، وتحصد كل يوم أرواح العشرات، والمئات، من ضباطه وجنوده وأنصاره، وتدك العديد من معسكراته ومخابيء صواريخه وطائراته ومليشياته، وأمريكا التي لا تكف عن إرسال هداياها الصاروخية القاتلة إلى مواقعه العسكرية ومليشياته، وهو لا يفعل شيئا سوى أن يأمر مليشياته العراقية بإطلاق بضعة صواريخ خائبة على مبنى السفارة الأمريكية في بغداد، أو على معسكرات أمريكية في العراق، من أماكن مجهولة، كما يفعل اللصوص الجبناء.
وقد عثرت جهزة الأمن الحكومية على منصة إطلاق الصواريخ داخل عجلة صغيرة، بعد أن نقلت إلى هذا الموقع بعد استخدامها في موقع آخر..
وفي وقت لاحق، قالت مصادر الأمن الحكومية إن أحد الصواريخ قد انفجر في مقر الحشد الشعبي شرق بغداد، خلال محاولة إطلاقه على السفارة الأميركية، وقَتل ثلاثةوجرح اثنين آخرين.
وهنا نسأل، متى إذن ستزحف جيوش الولي الفقيه ومليشياتِه التي طالما باهى بجبروتهالتمحو لنا إسرائيل، ولكي تعيد لنا فلسطين كاملة، وعاصمتُها القدس الشريف، وتطرد أمريكا من المنطقة، كما وعدنا الإمام الخميني ووريثه الإمام علي خامنئي؟، الله أعلم.
ألم يأتِكم نبأ تمثال القتيل قاسم سليماني وهو يشير بإصبع كفه اليمين إلى فلسطين؟، وألم تطلعوا على آخر تصريح أدلى به أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، الجنرال محسن رضائي قال فيه؟: “ نحن جادون في إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، ولو ردّت اسرائيل على استهداف عين الأسد لساوينا تل أبيب بالتراب”؟.
ولكن حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، طمأن الفلسطينيين، بصريح العبارة، فقال لهم في مقابلة تلفزيونية أمس: إن” هناك إمكاناتٍ كبيرة للقضاء على إسرائيل، لكن الظروف ما زالت غير ملائمة.”
ثم ماذا؟ وما الداعي للعجلة؟. فقد انتظروا فيلق القدس أربعين سنة لتحرير فلسطينومحو إسرائيل، وليس صعبا عليهم أن ينتظروا أربعين سنة أخرى. وفي العجلة الندامة، وفي التأني السلامة، والله مع الصابرين.