مستقبل الكتابة

مستقبل الكتابة
آخر تحديث:

باقر صاحب

هناك من يقول إن مستقبل الكتاب خاصة الورقي منه أُشبع بحثاً، إلى الدرجة التي عدت  إثارته من جديد، ليست له الأهمية السابقة ذاتها، فمن المسلمات إن المستقبل، بما يتعلق بنوع الكتاب، حسم نسبياً للكتاب الالكتروني، مع احتفاظ الكتاب الورقي بأهميته خاصة بالنسبة للأجيال التي عاصرت ازدهار هذا الكتاب منذ القرن الماضي، بعد انتشار المطابع ودور النشر وازدهار حركة التأليف، فضلاً عن كثرة القراء المهتمين، كل حسب أوضاع بلاده، بآخر  إصدارات أساطين المعرفة والإبداع .وقد يقول قائل إن مستقبل الكتاب الورقي مازال مثيراً للجدل، والدليل التزايد الملحوظ لظاهرة تنظيم معارض الكتب الورقية في العواصم والمدن العربية والأجنبية، واستقطابها لرواد الكتب من أجيال مختلفة، تصاحبها ندوات أدبية وثقافية واحتفاليات توقيع الكتب لمؤلفين ومؤلفات تتباين مستويات شهرتهم وحضورهم الإبداعي والثقافي، على سبيل المثال  المعرض الدولي للكتاب الذي يقام هذه الأيام في بغداد، معرض يراد له أن تطبق شهرته الآفاق، مثل نظائره في العواصم العربية على الأقل، وهو خطوة رائعة في استقطاب العراقيين من مختلف الأجيال، وإعادتهم إلى حاضنة المعرفة والإبداع.
وفي الوقت الذي نعتقد فيه أن ازدياد المطابع ودور النشر والاهتمام المتصاعد بتصميم الكتاب وإخراجه الفني، لاستقطاب العامة والمتخصصين، فإن هناك من يحمل نظرة متشائمة بشأن مستقبل الكتابة، هناك من يرثي الكتابة كلية، وليس الكتاب فقط، بنوعيه  الورقي والالكتروني. رثاء الكتابة هنا يأتي لجهة انتشار الاهتمام بالكتب الأكثر شعبية لأغراض الربح التجاري، ازدهار ما نستطيع أن نسميه المقاولات الثقافية، وقد يكون الكاتب التونسي خالد النجار في مقالته ( في رثاء الكتاب والكتابة) أحد المتشائمين من مستقبل الكتابة، لاسيما أننا نعرف أن الرثاء لغوياً يعني زوال المرثي، سواء أكان شخصية مادية كرموز الأمم، أو معنوية قد تشير إلى موت الكتاب والكتابة سريرياً، يقول النجار” أوجدوا ظاهرة رديئة هي ظاهرة الكتاب الأكثر قراءة، وأوجدوا لذلك مواقع «الغودريدز»، وهي مواقع دعائية أكثر منها مواقع معرفة بالكتاب الجيد، يعني صار عدد القراء، وليس النقاد، هو المحدد لقيمة الكتاب، ويضعون لذلك نجوم تقييم بالضبط كنجوم الفنادق الجيدة، مما أزاح وظيفة الناقد الكلاسيكية عن عرشها، والحقيقة هي على النقيض من ذلك، لأن عدد القراء لا يعني أن الكتاب جيد، بل الكتب الأكثر شعبية هي الكتب الأكثر رداءة، فالثقافة الراقية كانت وظلت عبر التاريخ نخبوية ” .انتشار مثل هذا النوع من الكتابات في الصحف والمواقع الالكترونية يعد ناقوس خطر على أننا نتوغل في زمن الرداءة عالمياً، ومن يكن كاتباً جاداً، فهو كمن ناله العطش وهو يتسكع في جزيرة ابتذال.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *