الشعب العراقي يسخر من قرار مجلس محافظة بغداد بزيادة ارتفاع السياج الحديدي للجسور لمنع الانتحار!

الشعب العراقي يسخر من قرار مجلس محافظة بغداد بزيادة ارتفاع السياج الحديدي للجسور لمنع الانتحار!
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- اثار قرار مجلس محافظة بغداد وضع حاجز بعلو مترين على جسور العاصمة لـ”منع” تزايد حالات الانتحار سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي من “سطحية” تفكير المجلس، فيما انتقد آخرون بشكل لاذع “فهم” رئيسه رياض العضاض لأسباب تزايد تلك الحالات، وإدانته للمنتحرين بـ”مخالفة الشرائع السماوية”، مع “التغافل” عن الظروف التي تدفعهم لذلك.العضاض قال في كتاب رسمي موجه الى وزارة الداخلية، فيما بدا أنه رد على مقترح سابق لها بتسييج الجسور، إن “حالات الانتحار تزايدت في عموم البلد مع غياب احصائيات دقيقة عن حجم الحالة وتفاقهما، لكن تقارير المراكز المعنية بحقوق الانسان تشير الى أنها بلغت 2000 حالة للفترة بين 2015_2017 وهي ارقام مفزعة، رغم تحذير وتحريم الشرائع السماوية والأعراف الاجتماعية والقانون الوضعي للانتحار” مضيفا، أن “اسباب الانتحار متعددة منها الشعور بالعجز واليأس والاكتئاب وإنهيار معنويات الشخص والانطواء والعزلة والشعور بأن الفرد وحيدا وأن انتماءه محبط”.

وأشار الى أن “حالات الانتحار تحدث بين الأشخاص الذين تعرضوا الى عنف اسري في طفولتهم أو شبابهم أو فقدوا أشخاص في غاية الأهمية، كذلك تظهر حالات الانتحار في المجموعات المنعزلة إجتماعيا مثل السجناء، كما ترتفع معدلات الانتحار بين الفئات التي تعاني من الاضطهاد، وقد يلجأ اليها بعض الأشخاص عند شعورهم أنهم عبء على الآخرين،” مبينا أن “اساليب الانتحار متعددة منها تعاطي السم والمخدرات والكحول والأدوية بنسبة كبيرة والأسلحة النارية وغيرها”.

رغم تعدد ردود الأفعال التي شهدتها مواقع التواصل، الا أن أصحابها، ومنهم صحفيون وناشطون، اجمعوا على اتهام العضاض بـ”الكذب” في كل فقرة وردت في كتابه وأولها عدد حالات الانتحار الحقيقية التي شهدتها العاصمة خلال الفترة التي أشار اليها، فرغم تحفظ وزارتي الداخلية والصحة على نشر إحصائيات دقيقة بحالات الانتحار مُستقويتين بعدم تشريع قانون “حق الحصول على المعلومة” حتى الآن، ليس في عدم تزويد الصحفيين بعدد تلك الحالات وحسب، وإنما على تزويد منظمات حكومية بها، كالمفوضية العليا لحقوق الانسان لكي تعد إحصائيات رسمية وفقها.

أعلى رقم سجلته المفوضية لحالات الانتحار في العراق، كان 500 حالة عام 2013 لمحافظة ذي قار الحصة الأكبر منها، قبل أن ينخفض العدد الى 251 حالة انتحار عام 2016 تؤكد صحفية “القضاء” التابعة لمجلس القضاء الأعلى أن 38 حالة منها سُجلت في بغداد، فيما حددت منظمة الصحة العالمية في تقرير نشرته عام 2015 نسبة حالات الانتحار في العراق بـ 1.7 حالة لكل 100 ألف نسمة خلال العقد الأخير.

صحفيون أكدوا أن العراق لم يسجل حالات الانتحار الـ2000 التي قال رئيس مجلس محافظة بغداد رياض العضاض أنها حصلت خلال الفترة من 2015 _2017، مشددين على أنه “يكذب ويبرر موافقته على تسييج جسور العاصمة بالكذب”.

هذا بالنسبة للأرقام، أما الأسباب التي عزا اليها العضاض ارتفاع حالات الانتحار فقد أظهرت المنتحرين، بحسب مُدونين، لا يعانون من الفقر والبطالة التي تقف في مقدمة الأسباب التي ترد في حديث أعضاء مفوضية حقوق الانسان وكذلك التقارير الصحافية بشأن حالات الانتحار في العراق، وهي من أسباب شعورهم بالإحباط والكآبة وأنهم عبء على الآخرين، مما قد يدفعهم للانتحار، وخاصة فئة الشباب.

فضلا عن ذلك، يُضيف مجلس محافظة بغداد، كما يرى أولئك المدونون، سببا آخر لتفشي الاحاسيس السلبية بين سُكان العاصمة عند تسييج الجسور العائمة فوق المياه، أحد متنفساتهم خاصة في فصل الصيف، وهي بنظرهم إعادة للحواجز الكونكريتية التي رُفعت، خلال الأيام الماضية، من عدة شوارع ببغداد، لكن بطريقة أخرى.

مجلس بغداد لم يعالج، والكلام للُمدونين، أهم أسلوبين أشر استخدامها في الانتحار، وهما المخدرات والأسلحة النارية، فالمخدرات متفشية وخاصة في بعض المقاهي، التي زادت أمانة بغداد من رُاودها الشباب العاطلين عن العمل بعد أن أزالت بسطاتهم من عدة مناطق دون تقديم البديل لهم، في حين تُباع الأسلحة النارية علنا في مدينة الصدر، ومحال “مُجازة” من قبل وزارة الداخلية.

الكثيرون رأوا أن مشروع تسييج الجسور سيفتح الباب لفساد جديد، فالأمر، بحسبهم، يتطلب لجان مشتريات ولجان تخمين، في حين تساءل آخرون عن سبب التركيز على الجسور، وراح غيرهم يتوقع خطوات مجلس محافظة بغداد في حال عدم نجاح خطته هذه بـ”تقليل” حالات الانتحار وما اذا كان سيغلق الصيدليات ومحال بيع الحبال ويجرم أصحابها ويهدم البنايات المُرتفعة ويوقف حركة القطارات كونها تُلبي حاجة المنتحرين.

وفيما سخر بعض مستخدمي مواقع التواصل من استخدام رئيس مجلس بغداد لمصطلحات انجليزية تُظهره “ذو عقلية جبارة وأن أفكاره نتاج دراسات مُستفيضة”، نصحه عدد منهم بإنشاء مشاريع لتشغيل الشباب وبناء مدارس والارتقاء بالتعليم، والعمل على إزالة العاصمة من على رأس مؤشر “ميرسر” كأسوأ مدينة للعيش في العالم، عبر تحسين جودة المعيشة فيها.

مُدونون كُثر شبهوا قرار تسييج جسور بغداد لمنع حالات الانتحار في ظل عدم معالجة الأسباب الفعلية التي تدفع الناس، وخاصة الشباب، الى التفكير بالانتحار كتفشي البطالة والفقر والفساد في ملف التعيينات، بقرار البرلمان قبل عدة أيام بحظر لعبة “بوبجي” كونها “تحرض على العنف” تاركا انتشار السلاح خارج إطار القانون دون معالجة، فضلا عن عدم محاسبته لنواب استخدموا أسلحتهم وأطلقوا النار علنا سواء في الرد على ضيوف ببرامج متلفزة أزعجهم كلامهم، أو لـ”الاحتفال” برأس السنة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *