الملف الانتخابي بين التسوية السياسية وقرار السيد المزور

الملف الانتخابي بين التسوية السياسية وقرار السيد المزور
آخر تحديث:

بغداد/شبكة أخبار العراق- مضى على الانتخابات العراقية شهر ونصف من دون أن تفضي عملية الاقتراع، التي شارك فيها أكثر من 11 مليون عراقي، عن أي نتائج رسمية، لتكون بذلك أطول عملية انتخابات يشهدها العالم، منذ اعتماد الانتخابات بمفهومها الحديث في اختيار أنظمة الحكم مطلع القرن الماضي. فالنتائج التي أعلنت ما زالت غير رسمية، ولم يصدقها القضاء، بل تقرر إعادة النظر بها.وترزح صناديق الاقتراع، الموزعة في 21 مخزناً في مختلف المناطق، تحت حماية أكثر من 5 آلاف عنصر من الجيش العراقي والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب، وذلك بعد أن التهمت النيران أحدها في بغداد، مطلع يونيو/حزيران الحالي. كما قتل موظف وأصيب عدد آخر بحادثة سقوط رفوف أجهزة تحقق هويات الناخبين الإلكترونية في بغداد أيضاً، في حادث اعتبر غير بريء، خصوصاً أن نحو 30 جهازاً تحوي بيانات آلاف الناخبين أتلفت ولم يعد من الممكن مراجعتها أو تدقيقها. وفي الوقت الذي يخضع فيه أعضاء مفوضية الانتخابات للإقامة الجبرية في البلاد، تم انتداب قضاة  من مجلس القضاء للحلول مكانهم، لكنهم يواجهون مشاكل فنية في كيفية إدارة عملية العد والفرز التي كان من المقرر أن تبدأ منذ أمس الإثنين 25/6. وأثار قرار مجلس القضاة، المنتدب للقيام بمهام مفوضية الانتخابات المجمدة عن العمل والتي يواجه سبعة من مسؤوليها من أصل تسعة تهم التزوير والتلاعب والفساد، موجة جدل سياسية جديدة، إذ أعلن أنه لن يقوم بعملية العد والفرز اليدوي لكل صناديق الاقتراع، وإنما للمحطات التي رفعت فيها شكاوى تزوير، وهو ما يعني 3 في المائة منها في أحسن الأحوال. ووفقاً لوزير عراقي بارز في بغداد فإن “القضاة المنتدبين يواجهون مشاكل في إدارة المفوضية وعملية بدء العد والفرز، كونهم يجهلون كثير من التفاصيل الفنية، وأبلغوا الحكومة بأنهم يواجهون مشكلة في فهم ما عليهم القيام به كونهم بالنهاية قضاة وليسوا خبراء انتخابات”. وأضاف الوزير العراقي، إن “قرار مجلس القضاة المنتدب للقيام بمهمة المفوضية حول إعادة العد والفرز اليدوي للمحطات المشكوك فيها فقط، والتي رفعت حولها شكاوى قضائية، قد يكون لسبب جهل القضاة بكيفية عد وفرز 11 مليون صوت انتخابي بشكل يدوي، ونقل البيانات وتدقيقها فضلاً عن مراجعة صناديق التحقق الإلكترونية التي يعتقد أن 40 في المائة من التزوير تم من خلالها”. وتابع، “بصراحة هناك تسوية لإنهاء ملف الانتخابات والقبول بالواقع كون الموضوع بات محرجاً للغاية، وطول المدة ليست في صالح أحد، لا أمنياً ولا سياسياً ولا اقتصادياً، وأصبحت العملية السياسية ورموزها في العراق محل تندر، حتى من باعة الشاي في شوارع بغداد”. وكشف أن “قرار العد والفرز الصادر عن المحكمة قابل للتفسير والتأويل، ولعل هذا هو ما استندت إليه مفوضية الانتخابات المنتدبة في قرارها بالعد والفرز للمحطات المشكوك فيها فقط”.

وكان بيان المفوضية أشار صراحة إلى أن إعادة عملية العد والفرز اليدوي للأصوات ستتم فقط في المراكز والمحطات الانتخابية التي وردت بشأنها شكاوى أو تقارير رسمية بشبهات تزوير. وبحسب المتحدث باسم المفوضية، القاضي ليث جبر حمزة، فإن القرار جاء عقب اجتماع لمجلس المفوضين من القضاة المنتدبين يوم 25/6، موضحاً أن “مجلس المفوضين قرر إعادة عملية العد والفرز يدوياً استناداً لما ورد في قرار المحكمة الاتحادية العليا، بالنسبة للمراكز الانتخابية الواردة بشأنها شكوى مقدمة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أو تقارير رسمية بشبهات تزوير فقط، دون غيرها سواء كانت في الداخل أو في الخارج”. وأضاف “هذا القرار جاء احتراماً لإرادة الناخب وحقوقه في المشاركة في الشؤون العامة وعدم إهدار صوته الذي جاء من دون أية مخالفة، إضافة إلى إعمال مبدأ أن ما تم صحيح في ظل قانون أو في نص في قانون يبقى مرعياً”. وأشار إلى أنه “سيتم الإيعاز لمديري المكاتب الانتخابية (من القضاة المنتدبين) في المحافظات، التي تم تقديم شكاوى فيها، بضرورة نقل الصناديق الخاصة بها، مع أجهزة التحقق الإلكتروني، بالتنسيق مع قيادة الشرطة في المحافظة وقيادة العمليات وتحت حراسة مشددة، إلى أماكن مخصصة في بغداد، وسيحدد في وقت لاحق مكان وزمان إجراء العد والفرز اليدوي بحضور ممثلي الأمم المتحدة والكيانات السياسية ووكلاء المرشحين”.

وأثار قرار المفوضية البديلة، والمؤلفة من تسعة قضاة منتدبين، موجة جدل جديدة بين الكتل السياسية المختلفة. وقال القيادي في تحالف الوطنية، بزعامة إياد علاوي، عبد الكريم عبطان، إن “قرار المحكمة واضح وصريح، ولا أعرف على أي شيء تم الاستناد لهذا القرار القاضي بأن يكون العد والفرز للمشكوك فيها فقط، فالقرار يقول في كل العراق”. وأضاف “أتوقع أن يكون هناك تسوية سياسية في هذه القضية، بينما المفروض ألا تتأثر المحكمة بالجانب السياسي”، مشيراً إلى أن تحالف الوطنية “سيتقدم بطعون”. وأضاف، في حديث صحفي، “هناك انحراف في تفسير هذه المادة، وأعتقد أنها سابقة خطيرة تهدد القضاء والانتخابات والقبة التي تمثل الشعب العراقي” في إشارة إلى البرلمان. وأوضح القيادي في التحالف الوطني، صادق المحنا، أنه “منذ البدء نعرف أن المزور بالعراق قوي، والذي زور له قدرة على التزوير مرة أخرى وحرف التحقيق وحرق الصناديق وتكسير الأجهزة، لا بل يؤثر على المحكمة والدولة ككل، وحتى الإقليم المحيط بالعراق”. وأضاف “المزورون يتربعون على الكراسي وسيديرون العملية السياسية خارج الدستور والقانون لأربع سنوات مقبلة، وأعتقد أن الانتخابات في عام 2022 ستكون انتخابات بالسلاح، وكل ما يجري هو مورفين للشعب، فهم يمررون ما يريدون”، متوقعاً ألا تستغرق عملية العد والفرز للمحطات المشكوك فيها سوى ساعات وليس أيام، معرباً، في الوقت ذاته، عن أسفه لزج القضاء بنفسه في “هذه المهزلة”. وحول ذلك، قال قيادي بارز في تحالف الفتح الانتخابي، إن “عدم تمديد عمر البرلمان يقابله الاستعجال بحسم النتائج والتصديق عليها، وهذه التسوية الحالية”، مؤكداً أن “التسوية نالت رضا غالبية الكتل السياسية”، معتبراً أن قرار المحكمة الاتحادية “يقبل التأويل، وتم تأويله”. واعتبرت حركة التغيير الكردية أن عدم إجراء العد والفرز اليدوي بشكل كامل هو مخالفة قانونية، داعية مجلس المفوضين إلى مراجعة قراره بهذا الخصوص، فيما رفضت الجبهة التركمانية قرار مجلس المفوضين من القضاة المنتدبين في إجراء العد والفرز اليدوي لصناديق الاقتراع المطعون بها والتي وردت شكاوى عنها فقط، واصفة الأمر بأنه “يخالف النص التشريعي وقرار المحكمة الاتحادية العليا”.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *