النازية الهنغارية والنازية البابلية..!

النازية الهنغارية والنازية البابلية..!
آخر تحديث:

 

  جاسم المطير 

في شهري آب وأيلول  استطاعت الشمس الساطعة على القارة الاوربية أن تكشف الفرق الشاسع بين الدولة الغربية والدولة الشرقية، بين الدولة المدنية  العلمانية في الغرب، والدولة الدينية في الشرق، بين الاخلاقية الغربية الناشئة عن الديمقراطية ،واخلاقية الحكام الشرقيين الحاملين مهاميز قتل الناس باسم الدين فيما يسرق المال العام بخيوط ممتدة تحت نفس الاسم   .  خلال هذه الفترة وقبلها  استقبلت حكومات وشعوب بلاد الدول العلمانية   الآلاف من المهاجرين اللاجئين  من سوريا والعراق وافغانستان فاستقروا معززين مكرمين في النمسا وألمانيا اللتين ليس فيهما وزارة باسم (وزارة الهجرة والمهجرين) كما هو الحال في بلادنا الاسلامية حيث تصطدم  حولها وداخلها بالكثير من القادة والسادة والشيوخ الكذابين والغشاشين والسارقين .

 

في سوريا والعراق صار حال كل مواطن مهاجر يفعل في الجبال والوديان الأوربية ما فعله قبل 3 آلاف سنة النبي موسى في صحراء سيناء حين كان يطلق اعمدة الدخان نهاراً ويشعل النار ليلا  كي يهتدي المهاجرون من اتباعه إلى مكان آمن..! بينما المهاجرون العرب والمسلمون في القرن الحادي والعشرين يركبون سفينة نوح البلاستيكية  للبحث عن جنة عدن ليس  في مدينة القرنة ولا على نهر الفرات حتى  ولا في مدينة حلب، بل في الارض الجرمانية ..!

 

هنا في ارض الله العربية – الاسلامية  لا يجد الشبان غير بكاء امهاتهم  وعويل  زوجاتهم..  هنا حياة قاسية وقادة سياسيون  مسلمون قساة مثل الفراعنة .  يفرح  الغلاة منهم  حين يشاهدون على الشاشة التلفزيونية دماءً  تسيل على اسفلت الشوارع حيث يرعبون  الناس الابرياء أو يقتلونهم كما يحرقون الاشجار اليابسة والخضراء مما يضطر النساء العراقيات، المسلمات والمسيحيات واليزيديات، ومثلهن السوريات والكرديات  إلى حمل اطفالهن وهن يعبرن ، بمشقات الجوع والعطش والتعب والمهانة ، عتبات بحر ايجة وبحر مرمرة والبحر الاسود والبحر الابيض  المتوسط.

 

الشيء المثير في رحلات المهاجرين العرب والمسلمين إلى أوربا ما نسمعه ونشاهده ونقرأه عن موقف الحكومة الهنغارية من قضية عبور المهاجرين من اراضيها الى ألمانيا والنمسا وغيرهما من الدول التي تبرق فيها روح المحبة الانسانية . لكن الشيء الغريب حقاً، ان النازية الهنغارية كشــّرت عن انيابها السود بوجه المهاجرين  متناسية ،تماما ً، الإنشاد الشعري للاشتراكية،  المتميز بروح الاممية وحب الشعوب ، كما تخلوا  حتى عن بعض اللقاحات الانسانية للنظام الرأسمالي الغارقين في اسراره منذ انهيار النظام الاشتراكي عام 1991 .

 

ظهرتْ الطبيعة الهنغارية معتمة في عيون الشبان الباحثين عن أمنٍ في أرضٍ غير مستعدة للتلطخ بدماء أو دموع اللاجئين إليها . لكن مصورة صحفية شمطاء ، بوْلاء، من تلفزيون(N1  )   اسمها (بيترا لازلو)  تناست   العقل الصحفي الإنساني البارق،  و رقشـّت نفسها وكامرتها بجلد الوحوش النازيين حين قامت بعرقلة وضرب لاجئ يحمل طفله هاربين من مطاردات الشرطة  الهنغارية فأوقعتهما أرضاً ،    تماماً مثلما تحوّلت شرطة مكافحة الشغب في بابل ظهر يوم 13 – 9 إلى اسلوب نازي بمحاصرة الشبان المتظاهرين في مدينة الحلة ورميهم بالرصاص الحار بكفوفٍ باردة  ليبرهنوا أن ذاتهم الهمجية هي  من أصولٍ  مارسها هتلر وموسوليني وبينوشيه وصدام حسين وغيرهم.

 

الشرطة البابلية تدفع الشبان العراقيين الى  الهجرة ،

 

الشرطة الهنغارية النازية تمنعهم من الاستقرار بعد الهجرة.

 

يا للعجب ، أيضاً،  حين آوى الاجتماع الــ144  لوزراء الخارجية العرب المنعقد في 13 –  9 – 2015 الى الصمت التام حين لم يرغب أن يقلب ولا ورقة واحدة من صفحات هجرة مليون عربي هربوا من الخوف العربي ، من الموت العربي، الى رحاب الرحمة والسكون والحرية في القارة الاوربية ليتعلموا منها معاني الوجود الانساني ومعالم الكرامة النقية في بلدان لا تنجرح في بحارها أية سمكة ولا يُخدش فيها ريش نورس. كما لا تحتاج سماؤها لا الى دخان النبي موسى ولا إلى  ناره. من يدري ربما يزداد عدد المهاجرين إلى مليون ثانٍ أو ثالثٍ طالما يظل وزراء الخارجية والداخلية والعمل العرب غالقين  ملفاتهم وسط بلاد تغط الى انوف حكامها بوحل الفساد والاضطهاد  .

 

اليوم اجتمع في بروكسل وزراء داخلية الاتحاد الأوربي لمعالجة قضايا اللاجئين وما نالها من أخطاء أو نقصان بينما  الحكام العرب لا يكلفون انفسهم بأية اطلالة  من نافذة قصورهم على مشاكل الشبان المهاجرين، الذين ينقضي نهارهم في البطالة وليلهم في الأرق ليظلوا في حالات القلق ،  يفكرون في عبور البحار والجبال متجهين نحو (الشمال) بعد يقينهم أن (الجنوب) المتمثل بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي رغم انها دول غنية و اسلامية لكنها جميعها تدير ظهرها لأشقائهم من الشبان السوريين والعراقيين وتتعامل مع ازمتهم ببرود واهمال كما اتضح جلياً بمؤتمر وزراء الخارجية العرب . 

 

هكذا تبدو الأخوة العربية ،

 

هكذا يبدو التضامن  الإسلامي.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *