ايران .. من دولة المشروع الى مشروع الدولة ؟؟

ايران .. من دولة المشروع الى مشروع الدولة ؟؟
آخر تحديث:

بقلم:عبد الخالق الشاهر

كانت معظم بحوثي ايام الشباب (النسبي) تتعلق بالمستقبل ” مستقبل العلاقات العراقية الايرانية” .. ” مستقبل العلاقات العراقية السورية ” وهكذا ، وتجدر الاشارة الى ان الدراسات المستقبلية هي من اهم واعقد الدراسات ، وعندما كنت اضع مواضيع البحوث المطلوبة من الطلبة في كلية الدفاع الوطني اركز على المستقبل ويبقى القرار لمجلس الكلية ، والمشكلة الحقيقية التي تواجه الباحث في هذا النوع من البحوث هي انها ليست جمع وترتيب ونظرة تأريخيه وغير ذلك بل هي مجازفة حقيقية في استقراء المستقبل من خلال معطيات الحاضر ، والمجازفة الاكبر هي ان تكتب عن مستقبل قريب وليس بعيد ، وهذا ما ينطبق على مقالي اليوم .

في لقاء متلفز لي قبل اكثر من عقد ونصف على شاشة الشرقية سئلت في نهاية اللقاء : هل ستوجه امريكا والغرب الضربة لإيران ؟؟ اجبت : انها كقطار يسير على سكة لا بد ان يصل المحطة يوما الا انها ليست بالقريبة فالولايات المتحدة/ (اسرائيل) واوروبا يعرفون ان ايران لم تدخل النادي النوي كما صرح الرئيس احمدي نجاد وأمامهم مسيرة معقدة وطويلة كي تمتلك السلاح النووي ، وقبلها سئلت لماذا الضجة حول المفاعل الايراني بالذات ؟؟ اجبت ليس الإيراني بالذات بل العراقي قبله ، والباكستاني قبل الاثنين كون امريكا والغرب مصابة بحساسية تجاه العروبة والاسلام ، خصوصا إذا كان راديكاليا ، لأن السلاح النووي هو السلاح الوحيد الذي صنع كي لا يستخدم بل كي يردع ، وأن قوة الردع تكمن في مصداقية الاستخدام من لدن مالكه فعندما تحاول السويد ان تردعك بالنووي فالمصداقية قريبة من الصفر بينما عندما يردعك طرف راديكالي عقيدي (عروبي او اسلامي) كالعراق وايران فأن نسبة المصداقية سترتفع تماما ، ويكون الردع مؤثرا ان تمكنت من حماية سلاحها النووي وامكانية ايصاله الى الهدف .. بالتالي فأن لا مجال لإهمال اي امتلاك لأي قدرة نووية او فوق تقليدية، لأن (الراديكالي) ان امتلك سلاح نووي واحد فستمكنه ان يردع القوى النووية برمتها فلا احد من تلك القوى مستعد ان يخسر محافظة كاملة من محافظات بلاده ، اما الرد فلا يهم الراديكالي كون الراديكالية تعني لديه تحقيق الهدف بطريقة عدم حساب المجازفة محسوبة كانت ام غير محسوبة .

اين وصل القطار ؟؟

القطار اليوم قريب من المحطة ، ولا داع للخوض في كل المعطيات ومنها (نظام دولي يتشكل على نحو جديد ، حرب عالمية ثالثة محتملة – نزوع الشعوب للتخلص من الشرور ( الحروب) الامريكية ضدها لصالح الشركات العابرة الأمريكية ، ركود عالمي مخيف قادم ، دولار سيتحول الى يوان وروبل ، وغير ذلك الكثير ) ..

الإدراك الايراني لقرب القطار من المحطة .

لعلي محق اذ ارى ان سياسة حافة الهاوية (Brinksmanship) التي لعبتها ايران طويلا مع الولايات المتحدة والتي لولا العراق لما تمكنت ان تستمر فيها لحد الآن .. قد وصلت الى نهايتها (الهاوية) وأن ايران ادركت ذلك وعرفت ان هذا هو الوقت المناسب لإنهاء التصعيد ، وأدركت انه لم تعد هناك مساحة او فرص لاستمراره ، فضلا عن انها ادركت ان مشروعا يوضع من قبل ثوار في سبعينات القرن الماضي لا بد من تطويره او تشذيبه لأن الحياة والبيئة الدولية والإقليمية لم تعد صالحة لتنفيذ ذلك المشروع ، هذا ان كان المشروع مناسبا في حينه او ان إن كان صح او خطأ ، وكان لثوار تشرين العراق دورا كبيرا في تعزيز هذا الادراك من خلال ما قاموا به ضد القنصلية الايرانية ومقرات الفصائل المسلحة المدعومة من ايران المتواجدة في الفرات الاوسط والجنوب حيث انها كانت تتصور خطأ ان جماهير الوسط والجنوب ولائها قريب لأيران ، ناهيك عن ان درس العراق في سياسة حافة الهاوية ما زال ماثلا في الاذهان .

المشروع الايراني والقبول الدولي

المشروع الإيراني معلن في الدستور الإيراني النافذ وبالتفصيل وهو مشروع كوني بدايته كانت بولاية الفقيه وتصدير الثورة مرورا بدستور الجمهورية الاسلامية النافذ الذي نص على (( مهمة جمهورية ايران الاسلامية توحيد الأمة الاسلامية سياسيا وثقافيا واقتصاديا ) وصولا الى فرض النفوذ وليس التدخل فقط ، فالمشروع الطموح الايراني لا يمر دون نفوذ مسلح ، ولعله من الواضح ان منطقة النفوذ هي الشرق الاوسط والمنطقة العربية منه بشكل خاص ، والذي هو باختصار محطة اولية لمن يريد ان يكون قوة عظمى او يحافظ على كونه قوة عظمى او يعيد بناء امبراطوريته العربية او الفارسية او العثمانية ، فهي تشكل مجالا حيويا للكثيرين ويشتد عليها التنافس وتتمحور الصراعات ، تحت شتى الأعذار والاهداف المعلنة والكاذبة في معظمها ، وستكون كما كانت من نصيب الأقوى ” الولايات المتحدة – الصين – روسيا الاتحادية – اوروبا – ” وقد تبقى لقمة هنا وأخرى هناك للقوى الإقليمية مثل ” “(اسرائيل) – ايران – تركيا ” وهذا هو المنطق الثابت نسبيا لحين تكاتف العرب وبناء امنهم القومي العربي الشامل ولن نقل (الوحدة) كي لا يزعل علينا من تهدد هذه الوحدة طموحاته وهم اكثر مما يتوقع

خلاصة القول ان المنطق يقول لدول المنطقة من العرب وغير العرب ان هناك سيولا جارفة قادمة للمنطقة ، وأن هناك عالم يتشكل على نحو جديد ، صراعاته ستكون بين عمالقة كبار فهل سيفوز بالمنطقة مشروع ( الحزام والطريق) ام مشروع من يمتلك (80) قاعدة عسكرية حول العالم والذي يعد كل منطقة في العالم جزء من الأمن القومي الامريكي منذ زمن كارتر ” امن الخليج جزء من الامن القومي الامريكي ” وهل سيفوز من حشد قطعه البحرية وغواصاته في البحر المتوسط ، ام يفوز مالك قاعدة حميميم التي ستتعزز بال (ss500) قريبا ، وهل اذا فازت روسيا الاتحادية ستسمح لمشروع صديقتها وداعمتها ايران ان يستمر؟؟ والجواب هو انها لو كانت ستسمح لما سمحت ( لإسرائيل) ان توجه كل هذه الضربات التي تعدت حتى الضرورة للفصائل المسلحة الموالية لإيران في سوريا ، واذا فازت صاحبة (اليوان) صديقة ايران ايضا فهي لن تقبل بتواجد نفوذ غير حكومي وغير مستقر على القناة الجافة (العراق) ولعل ايران ستستفيد منه اكثر فائدة (سكة الشلامجة) التي ستربط ايران بالقناة الجافة ، فضلا عن رغبة الكويت الجامحة … الكل يعملون على خدمة بلدانهم والاستفادة من هذه الجوهرة الا العراق لإن تأخير يوم واحد في هذا الاتجاه تعني خسارة ، ولا لوم للعراقيين فأن لدينا مشاريع اعظم فعودة سانت ليغو او عودة مجالس المحافظات سيوفر فرصة اعظم من الحزام والطريق .

المتغيرات الإيرانية

# هدوء الفصائل المسلحة الموالية لها

# تنشيط الدبلوماسية الايرانية بشكل مناسب ولعل اهم معطى في هذا المجال هو الاتفاق الايراني السعودي ، وكان الطرف الإيراني في المفاوضات الايرانية وزير الخارجية وليس قائد فيلق القدس السيد قاآني ، ولعل اهم ما جاء في الاتفاق هو فقرة ” عدم التدخل في الشؤون الداخلية (للدول) ” وهذا شرط ان نفذته الجمهورية الإسلامية وستنفذه بتقديري المتواضع كون الصين هي الراعية وهذا لوحده يؤشر متغير كبير في السياسة الايرانية ويؤكد الادراك الايراني بأن عليها التحول من دولة مشروع الى مشروع دولة لحين توضح صورة النظام الدولي الجديد ، وأيران لا ينقصها شيء كدولة فهي تمتلك عناصر القدرة الاستراتيجية كلها ، وينقصها فقط التخلي عن مشروعها او تغيير آلياته الى آليات عصرية تأخذ بنظر الاعتبار البيئة الدولية والإقليمية

لصالح من سيكون هذا المتغير

لصالح العراق اولا والخليج ثانيا والعرب ثالثا .. اما ايران نفسها فستكون نقلة رائعة في تأريخ الشعب الايراني وزعاماته وسيلمس الشعب الايراني النتائج الايجابية بشكل سريع

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *