بين الصحافة والأدب

بين الصحافة والأدب
آخر تحديث:

باقر صاحب
يمكن القول منذ البداية إن ما بين الصحافة والأدب سيبقى موضوعة متجددة على الدوام، تثار محليا وعربيا وعالميا، لأن الصحافة، في كل مكان، قبلة غالبية الأدباء العاطلين عن العمل، أو غير ذلك ممن يتركون مهنهم الأخرى، إلى حيث يجتذبهم عالم الصحافة بإغراءاتها ومتاعبها، إلى حيث المهنة الأقرب إلى اهتماماتهم الأدبية، كون الصحافة وسيطا حقيقيا بين الواقع والكلمة، فيما الأدب وسيط خيالي بين ذلك الواقع وتلك الكلمة، إذن هما يشتركان بوصفهما وسيطين مختلفي الأدوات بين الحياة والكتابة. الأديب الصحفي بين الوسيطين، يتعايش ليل نهار مع الكلمة والحقيقة والخيال.
قد تكون الصحافة المدرسة الثانية للأديب بعد مدرسة الحياة، المدرسة التي تعلمه ديناميكية الأخذ والعطاء، تعطيه شهرة الاسم الأدبي والصحفي معا، وتأخذ منه الجهد والوقت، اللذين يفيد منهما في الإنجاز الأدبي الفردي، تعلمه الصحافة الاحترافية القدرة الهائلة على الاختزال، وتأخذ منه عصارة فكره وربما قوة خياله في كتابة الموضوع الصحفي أيا كان تحقيقا أو تقريرا خبريا أو مقالة أو عمودا.
حاجة الأديب للعمل في الصحافة وحاجة الصحافة للاسم الأدبي تبقيان حاجتين متلازمتين، طالما ان الأول لا يستطيع  تأمين سبل العيش وهو عاطل عن العمل من نشر كتبه، مثلا، كما يحصل في الغرب. وعلى الثانية إدراك أن ديمومة بقائها تعتمد على الانضمام المستمر للأسماء الأدبية إليها.
 نقول ان متلازمة هذه الحاجة، ربما ستبقي الإعلام المقروء مزدهرا، على الرغم من مسميات عصر الصورة والميديا ومواقع التواصل الاجتماعي.نضيف لذلك أن كبار الكتاب، يفضلون الإطلال على القارئ من نافذة الصحافة اليومية، كي يديموا صلتهم مع القارئ والعالم، مع أن كتبهم تصدر باستمرار وتعاد طباعتها، على سبيل المثال، الشاعر أدونيس الذي يتواصل مقاليا مع أكثر من صحيفة ومجلة عربية، كما ان  الروائي العالمي الراحل ماركيز يعترف بفضل النشر في الصحافة في الحفاظ على مرونته في الكتابة، فعندما بدأ كتابة «قصة موت معلن»، سنة 1979، تبين له فقدانه مرونة الكتابة في الاستراحة بين كتابين، لذا عانى من مشقة البدء ففرض على نفسه آنذاك مهمة كتابة مقالة صحفية أسبوعية، كانت تنشر في صحف بلدان عديدة، يصف هذه المهمة بأنها « نظام انضباطي للحفاظ على سخونة يدي»

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *