تركيا تتمدد جنوبا.. لِمَ لا؟!

تركيا تتمدد جنوبا.. لِمَ لا؟!
آخر تحديث:

 

 علي علي

يبدو أن عام 2003 أثبت بجدارة فائقة أنه عام شؤم ونكد وتطير، على العكس من الانطباع الذي رافق ماحدث فيه من أمر، كان من المفترض أن تتغير فيه بوصلة العراقيين باتجاه الرفاهية ودعة العيش، بعد عقود الظلم والجور، لكن واقع الحال لم يطابق أحلام العراقيين لامن قريب ولامن بعيد، بل أن الكوابيس والقلق والرعب ظلت ملازمة إياهم منذ سقوط صنم المقبور. فلقد زاد الذين أعقبوه في مسك زمام أمور البلد في الطين بلة، وكما يقول مثلنا؛ “جمل الغركان غطه”، ولا أظن اثنين يختلفان على أن سلبيات كثيرة ظهرت بعد ذاك العام تفوق كثيرا سلبيات عهد المقبور ذاته، وقطعا هذا لايعني أنه كان إيجابيا، بل يعني أن الذين أخلفوه يتمتعون بقدرة منقطعة النظير ومهارة عالية، في اقتياد البلاد الى وادٍ غير ذي أمان، وذلك باتخاذهم أقرب المنحدرات وأشدها نكوصا، وراحوا يدحرجون العباد في هوتها السحيقة، ولم يفتهم أن يتبجحوا بالقول أنهم يقودون عجلة البلاد الى حيث الأمن والأمان والسلم والسلام.

ومن المؤكد أن “دزينة” السنوات العجاف التي مرت على العراقيين لم تكن لتشفي غليلهم وتبري عليلهم، فهم عليلون بداء ليس الشفاء منه سهلا، بل هو مستحيل، ذلك أنه استفحل بهم واستشرى في نفوسهم وعقولهم علاوة على أجسادهم، ذاك هو داء اللاوطنية واللاهوية. وفوق ضررهم وشررهم على المواطن فيما أوصلوه اليه، فهم لايتوانون عن الولوغ في صراعاتهم فيما بينهم، غافلين مستغفلين عن نداءات شعبهم الذي أشار اليهم ببنانه البنفسجي ثلاث مرات، متأملا منهم الأخذ بيده في مسيرة المليون ميل، والتي لاندري متى تبدأ الخطوة الأولى بالاتجاه الصحيح فيها، إذ ان اثني عشر عاما لم تكفهم لتصويب الخطى وتوحيد الرؤى، حيث بات التقدم في المسير بضع خطوات، يعقبه تقهقر أضعافا مضاعفة. كما بلغ ما يتفتق من رحم ساستنا من خروقات بحق الوطنية والمهنية فضلا عن الإنسانية والأخلاقية، حدا يصعب معه التصحيح والتصليح والتقويم، إذ أن ما يقابله من حلول خجولة لاتكاد تصيب من عين النجاح ومرمى الفلاح إلا بقدر مايصيب الأعمى مرماه. ولعلي أصيب إن شبهت حال ساستنا في المشاكل وحلولها بمثلنا الدارج: (الشگ جبير والركَعة صغيرة).

أذكر أحدوثة ليس لها من الواقع شيء لكن لها من المعاني الكثير، إذ جاء في أحد الأيام رجل كان يملك حصانا الى طبيب بيطري، وكان الحصان مريضا، فقال الطبيب البيطري لصاحب الحصان: إذا لم يتعافَ الحصان في ثلاثة أيام، نقتله. فذهب خروف كان قد سمع الحوار الدائر بينهما وقال للحصان انهض! لكن الحصان كان متعبا جدا… وفي اليوم الثاني قال له انهض بسرعة، لكن الحصان لم يقدر أبدا… ولما كان اليوم الثالث قال الخروف للحصان: إنهض وإلا سيقتلونك، فنهض الحصان أخيرا. فقال صاحب الحصان وهو سعيد جدا: لقد نهض الحصان يجب أن نحتفل، اذبحوا الخروف.

وبعيدا عن الأمثال حيث أنها تضرب ولاتقاس، فإن حال العراقيين بات من سيئ الى أسوأ، من دون أمل يلوح في أفقهم المدلهم، ولطالما خدعوا ببصيص يتراءى لهم من كوة في نهايته، سرعان ما أفل ثانية وغرقوا في ظلمائهم التي صارت رقما قياسيا يفوزون فيه بمسابقات عالمية في مستوى الفقر والفساد والجريمة والبطالة، ولهم فيها قصب السبق بين دول فقيرة، لاتملك من الثروات عشر معشار ما يمتلكه العراق. ومادامت هذه حال قادة العراق، فإن من الطبيعي أن تتمدد تركيا على مايحلو لها جنوبا حيث “لواء” الموصل، وتتربع هناك بآلتها العسكرية من دونما خوف او وازع او رقيب.

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *