شناشيل : تظاهرة خمس نجوم  

آخر تحديث:

 عدنان حسين

لستُ أقصد بهذا العنوان التظاهرة الكبيرة التي نُظّمت في بغداد أمس احتجاجاً على الوجود العسكري التركي على الأراضي العراقية ومطالبةً بالانسحاب الفوري للقوات التركية.

صحيح ان متظاهري أمس قد حظوا بمعاملة من فئة خمس نجوم منذ انطلاقهم من بيوتهم باتجاه ساحة التحرير وعند وصولهم إلى هناك ثم عند انصرافهم منها حتى عودتهم الى بيوتهم، فقبل نحو أربع وعشرين ساعة من موعد انطلاق التظاهرة بدأت القوات الأمنية بإغلاق الشوارع والجسور المؤدية إلى ساحة التحرير، وسهّلت مهمة إقامة منصة لقادة التظاهرة وخطبائها ودخول أجهزة التصوير والبث التلفزيونية والإذاعية الخفيفة والثقيلة كيما تكون الخدمة الإعلامية المقدّمة هي الأخرى بمستوى خمس نجوم.

ومن كافة مناطق بغداد وأحيائها وفّرت القوى السياسية والعسكرية الداعية لتظاهرة أمس سيارات كبيرة (باصات) لنقل المتظاهرين من أبواب بيوتهم تقريباً إلى نقاط قريبة من ساحة التحرير، فضلاً عن توفير الأعلام والشعارات والمشروبات وسائر متطلبات التظاهر.

مع ان الخدمات المقدمة إلى متظاهري أمس هي من فئة خمس نجوم، إلا أنني أمنح هذه الرتبة للتظاهرات التي انطلقت في الحادي والثلاثين من تموز الماضي وتواصلت حتى الآن وستستمر لأسابيع وأشهر قادمة. تلك التظاهرات يستحق كل واحد من منظميها والمشاركين فيها ترصيع كتفيه بخمس نجوم، فهي تظاهرات تلقائية عفوية تداعت إليها ثلة من الشباب الناشطين ليس وراءهم حزب أو قوة مسلحة، واستجابت لندائهم عشرات الآلاف من النساء والرجال في العاصمة وعشر محافظات أخرى. وتلك التظاهرات لم تقف خلفها دوافع المناكفة أو المنافسة أو المزايدة السياسية وإنما كل غاياتها ومقاصدها وطنية عامة من شأن انجازها تحقيق الأمن والسلام والعدالة ولاجتماعية والرفاه، وبالنتيجة تأمين كرامة المواطن وسيادة الوطن.

تظاهرات الخمس نجوم التي أعنيها طالبت ولم تزل بتحرير أراضينا التي يحتلها داعش، وإصلاح النظام السياسي والإداري بإلغاء نظام المحاصصة، ومكافحة الفساد الإداري والمالي وتوفير الخدمات العامة وإحياء الاقتصاد الوطني الذي يوشك على لفظ أنفاسه الأخيرة والقضاء على الفقر والبطالة وإصلاح النظام القضائي.

في تظاهرة أمس في ساحة التحرير لفتت انتباهي لافتة كُتب عليها “سيادتنا كرامتنا”.. نعم بالتأكيد السيادة الوطنية للبلاد تعني كرامة الوطن والمواطن، لكن هذه الكرامة تتحقق قبل هذا بنظام حكم ديمقراطي لا يقوم على المحاصصات الطائفية والقومية والحزبية.. والكرامة تتحقق في إنقاذ الدولة والمجتمع من وباء الفساد الإداري والمالي الذي كان وراء الخراب الاقتصادي والاجتماعي الأسطوري الذي نشهده الآن وكان وراء انفتاح حدودنا أمام داعش وسائر القوى والدول الجارة والبعيدة التي تتدخل في شؤوننا الداخلية وتنتهك سيادتنا الوطنية وكرامتنا الوطنية على مدار الساعة.

نعم حركة التظاهرات المتواصلة منذ 31 تموز الماضي تستحق عن جدارة خمس نجوم من الذهب الخالص، لأنها المعوّل عليها في دحر الإرهاب وتحرير الأراضي المحتلة ومكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واستعادة ثروات الشعب المنهوبة ومنع التطاول على السيادة الوطنية والكرامة الوطنية .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *