شناشيل : شكوى ضد الحكومة والداخلية

شناشيل : شكوى ضد الحكومة والداخلية
آخر تحديث:

 

 عدنان حسين

منذ البداية كنت أرى أن ما كان ينقص حركة الاحتجاجات المتواصلة منذ تموز الماضي عدم ظهور قيادات محلية وأخرى وطنية لها عبر البلاد، تتشكل من أبرز النشطاء، نساء ورجالاً، فحركة شعبية بهذه السعة وهذا الزخم وهذه المطالب ما كان ينبغي أن تبقى من دون قيادات.

ولو كانت هذه القيادات قائمة لأصبح لزاماً عليها الآن أن تتقدم بشكوى مستعجلة إلى القضاء ضد الحكومة ووزارة الداخلية بتهمة الخرق الفاضح للدستور في ما خصّ التظاهرات (بالطبع هناك خروقات دستورية أخرى لا عدّ لها ولا حصر تجري يومياً تقريباً). فمنذ إنطلاق التظاهرات ظلّت السلطات الأمنية تمنع على المتظاهرين الاستعانة بالأجهزة المكبرة للصوت، وتحول دون دخول أجهزة البث التلفزيوني الحي إلى ساحات التظاهر. بالطبع هذه إجراءات مخالفة للقانون لأنه لا الدستور ولا أي قانون آخر تضمن نصاً يبرر أو يسوّغ إجراء السلطات الأمنية هذا، فهذه الاجهزة ليست جارحة أو قاتلة.

يوم السبت من الأسبوع الماضي شهدت ساحة التحرير في بغداد تظاهرة تحتج على دخول قوات تركية إلى مناطق في محافظة نينوى. وفي هذه المرة لم تتعامل السلطات الأمنية مع المتظاهرين كتعاملها مع متظاهري أيام الجمعة المطالبين بإصلاح النظام السياسي وإلغاء نظام المحاصصة ومكافحة الفساد الإداري والمالي ورفع المستوى المتردي للخدمات العامة، وسوى ذلك من المطالب التي أيدتها ودعمتها الحكومة ومجلس النواب والمرجعية الدينية في النجف. السلطات الأمنية سمحت لمتظاهري يوم السبت بنصب منصة كبيرة للخطابة تحت نصب الحرية مزودة بكل أنواع الصوتيات، وبدخول أجهزة البث التلفزيوني والاذاعي المباشر. والواقع ان السلطات الأمنية ما كان لها أن تفعل خلاف ذلك لأنها كانت ستتجاوز على الدستور والقانون.

القاعدة القانونية التي كانت ستستند إليها شكوى متظاهري الجمعة ضد الحكومة ووزارة الداخلية هي أن الدستور نصّ في مادته الرابعة عشرة على : ” العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي”. كما نصّ في المادة السادسة عشرة على: “تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين، وتكفل الدولة إتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك”. إجراءات السلطات الأمنية بخصوص منع الاستعانة بمكبرات الصوت ودخول أجهزة البث المباشر إلى ساحات التظاهر فيها انتهاك صارخ لهاتين المادتين الدستوريتين لأنها تتجاوز على مبدأ المساواة وعلى مبدأ تكافؤ الفرص. السلطات الأمنية كالت بمكيالين مختلفين لصالح متظاهري يوم السبت من الأسبوع الماضي وضد متظاهري أيام الجمعة.

ما حدث مع تظاهرة السبت شجع متظاهري الجمعة، أول من أمس،على إدخال مكبرات صوت الى ساحة التحرير، لكن السلطات الأمنية اعترضت وسعت إلى مصادرتها .. المتظاهرون حاججوا عناصر الأمن بما جرى في مظاهرة السبت من الأسبوع الماضي .. كاد أن يحصل حادث غير حميد، لكنّ يبدو ان المسؤول الأمني عن الساحة أدرك أخيراً بان عليه أن يتصرف بعقلانية فترك المكبرات للمتظاهرين، لكن لا ضمانة بأن هذه العقلانية ستتواصل في أيام الجمعة التالية.

أظن أن الوقت لم يفت لكي يتقدم نشطاء تظاهرات الجمعة بالشكوى إلى القضاء من أجل تثبيت حقهم في حيازة مكبرات الصوت وحق المؤسسات الاعلامية في إدخال أجهزة البث المباشر إلى ساحات التظاهر.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *