قانون الانتخابات ومصادرة ارادة الناخب العراقي

قانون الانتخابات ومصادرة ارادة الناخب العراقي
آخر تحديث:

 بغداد/ شبكة أخبار العراق – تقرير …تتصاعد دعوات محلية ودولية للعراق بانتهاج الطريق الديمقراطي الحقيقي والمؤسسي في اختبار وبناء المؤسسات بعيدا عن الفردية في الاختيار والمحسوبية والتزكية الحزبية.وتأتي هذه الدعوات وسط القلق وعدم حسم عدد من القوانين التي تشكل ركيزة مهمة من ركائز البناء الديمقراطي الصحيح ومنها قانون الانتخابات البرلمانية.إلا ان السؤال المشروع الذي يتبادر الى الذهن هو ، كيفية الوصول الى بناء ديمقراطي متكامل ووصول أعضاء وممثلين حقيقيين لناخبيهم بإرادة واعية وبولادة شرعية من رحم الصندوق الانتخابي بما يحقق للجماهير فضاء واسعا من الحرية وضمانة أساسية لتطبيق بنود الدستور الذي ينص على اختيار نواب الشعب بطريقة الاقتراع السري المباشر واحترام قرار المحكمة الاتحادية الذي نص على عدم إعطاء أصوات ناخبين إلى أشخاص لم يصوتوا لهم لان ذلك يعد سرقة واضحة لإرادة الجماهير.وهناك اراء أطلقتها جهات شعبية ومنظمات المجتمع المدني مفادها ان بعض الكتل الكبيرة في البرلمان تحاول تمرير قانون الانتخابات البرلمانية وخاصة إضافة فقرة /المقاعد التعويضية أو المقاعد الوطنية/ وهو ما يعني تعيين نواب في البرلمان يصل عددهم الى نحو /50/ نائبا من قبل رؤساء الكتل دون خوضهم العملية الانتخابية ودون إرادة الشعب في اختيارهم ما يعني تجاهلا كبيرا لإرادة الجماهير.يقول النائب رافع عبد الجبار للوكالة الوطنية العراقية للانباء /نينا/ ” اثيرت هذه الأيام بالتزامن مع تعديل قانون الانتخابات ، فكرة العودة الى الدائرة الانتخابية الواحدة والقائمة المغلقة ، وتم طرح هذه الفكرة من كتلتين سياسيتين أحداهما تبنت المقترح الأول لحصد الأصوات في كل المحافظات بالإضافة إلى ان تكون نسبة المشاركة في محافظاتهم لا تقل عن 80% ان لم اقل اكثر ، والأخرى تبنت القائمة المغلقة “.واضاف ” ان هناك دوافع كثيرة دفعت بعض الكتل ، منها حجز مقعد لشخصيات باتت لم تجد المقبولية لدى الناخب وهي لا زالت ذات حظوة لدى كتلها وترى انه لابد من حفظ موقعها في البرلمان المقبل , بالإضافة الى محاولة فرض شخصيات تجدها تتوافق مع توجهاتها ، فيما تدعي بعض الكتل ان الناخب لا يعرف ماذا ينتخب ، اذ أفرزت الدورة البرلمانية الثانية – القائمة المفتوحة – وانتخابات مجالس المحافظات الاخيرة شخصيات غير مؤهلة – حسب رأيهم – وان الاختيار تم اما عن عشائرية او مناطقية “. اشار الى ” ان سياسة التجهيل مورست بشكل فاضح من خلال الخطاب الطائفي الذي استخدمته الكتل السياسية لكسب أصوات الناخبين سواء الخطاب الطائفي العرقي او الديني او المذهبي , وكأن الجميع باتوا مهمشين في هذا الوطن ولا بد من نصرة ممثليهم للأخذ بحقوقهم المسلوبة ما ترك فجوة واسعة بين المكونات وزادت من فرقتهم دون وجود خطاب وطني يجمعهم حتى صار العنوان الثانوي لهم , ما ينبيء بمستقبل مظلم لمستقبل وحدة العراق “.وتابع :” هناك منظمات مجتمع مدني وشرائح مختلفة تطلق صرخة صامتة ومعارضة للوضع السياسي الحالي وتعترض على أداء السياسيين وعدم قدرتهم على ترجمة مطالب ومشاعر الشعب الى برامج عمل تخدمه والنهوض بواقع العراق في ظل الموازنات الانفجارية ، وهي ظاهرة تستحق اعادة النظر “.وشدد عبد الجبار على أهمية الإبقاء على الدوائر الانتخابية المتعددة والقائمة المفتوحة لانها تحقق رغبة الشعب واحترام إرادته في اختيار من يمثله واحترام النظام الديمقراطي الذي تم اعتماده لإدارة الدولة.واستطرد :” لذلك فنحن مع الأصوات الحرة ومؤسسات المجتمع المدني وهي تقف للحيلولة دون تمرير قانون الانتخابات البرلمانية بإضافة فقرة /المقاعد التعويضية أو المقاعد الوطنية/ وكشف زيف مدعي الديمقراطية الذين يريدون مصادرة الحرية التي تنفسها الشعب بعد سنين من التضحيات “.من جهته يقول عبد الأمير المجر /كاتب وأديب/ ” بات واضحا ان الكتل الكبيرة بدأت تدرك عزلتها عن الجماهير وأيقنت إن حضورها المؤثر في الساحة بدأ ينحسر ، والدليل انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة التي امتنع العدد الأكبر من الناخبين عن التصويت ، ما يعني إن هناك قوى /صغيرة/ بدأت تتفاعل على الساحة وتكتسب جماهيرية ، قد لا تكون حاسمة ، لكنها بالتأكيد ستكون مجهضة لمشروع الكتل الكبيرة في الانفراد بالسلطة والقرار “.واضاف ” ان ذلك يعني إن رحلة التغيير بدأت فعلا ، ومن خلال قانون انتخابات وفر لهذه القوى الصاعدة فرصة للحضور ، فكان لابد من إيقاف هذا المد وعدم السماح له بالوصول إلى أهدافه ، غير متناسين هنا ان الناس سئمت المتاجرة بالمشاعر الدينية والطائفية التي يتبناها البعض ، وتريد حياة حقيقية وخدمات وعمل ، وهذا لم يتحقق بالشكل المطلوب في ظل هذا الواقع السياسي المريض “.يصف الأديب والصحفي هاشم لعيبي ، العملية الديمقراطية في العراق بأنها عرجاء بالولادة ” لانها بنيت بعقلية مركزية دكتاتورية تلبس ثوباً ديمقراطياً ، فهي ما بين فترة وأخرى تصطدم بقوة التناقض بين النمطين وتحاول إيجاد الحلول التوافقية التي تغيّب في كثير من الأحيان إرادة الجماهير.واستطرد :” ان اعتماد القائمة المغلقة مروراً إلى النصف مفتوحة وليس انتهاء بالمقاعد التعويضية ، تكشف هذه المراحل اضطرار القوى السياسية إلى ممارسة الديمقراطية دون الإيمان بها ويعينها على ذلك وعي العامة الذي ما زال يحتفظ بصورة مشرقة للمركزية ويحن أحيانا إلى الدكتاتورية “.وقال ” من هنا تتشكل الأزمة ويعاد إنتاجها عندما تعيد الجماهير المأخوذة بالرمز والعشق للقابض على السلطة وتنتخب ذات الوجوه مدفوعةً بمخاوف متنوعة يصنعها قادة الصدفة ويعملون على تعميقها لعدو مختلق يرسمونه بصورة تهدد الشعائر أحيانا والقومية أحيانا أخرى وبذلك يحصل التمترس الطائفي والقومي والمذهبي فيجد الناخب نفسه خلف تلك الخنادق مذعوراً يحاول الإبقاء على وجوده المهدد فيحصل هؤلاء القادة على الأصوات الكثيرة وتفشل القوى الوطنية في الحصول على ثقة الناخب فتتحول الديمقراطية إلى دكتاتورية رؤساء الكتل “.وأضاف ” لن تنتهي هذه الحلقة المفرغة إلا بظهور قوة وطنية من الكفاءات المنبثقة من رحم الشعب تدفع بكل هذه الطبقة السياسية بعيداً تمهيداً لولادة عملية ديمقراطية تمشي بخطوات واثقة ولا تولد عرجاء “.ويشاطره الرأي الناشط في حقوق الإنسان حيدر عبد البطاط ، إذ يقول ” أثبتت الأحداث والتطورات خلال السنوات السابقة في موضوع الانتخابات العراقية ، انه لم ينجز قانون يلبي طموحات مطالب الشعب العراقي بالشكل المقبول وما صدر من قرارات سابقة حصل فيها تجاوز على إرادة الناخب العراقي جراء العمل بمبدأ التوافق والذي يعني تقاسم السلطة بين الأحزاب بغض النظر عن الاستحقاق الانتخابي والكفاءات “.وتابع : هذا يعني ان تأخذ كل طائفة أو حزب حصته من كعكة الحكم في العراق ، وبالنتيجة أصبح الولاء والتأييد للمرجعيات المذهبية ولرؤساء العشائر بدلا من ان يكون لأحزاب وطنية ومشاريع سياسية وبرامج انتخابية “.واضاف ” ان المتابع للشأن الانتخابي يرى مخالفات عديدة حصلت على إثرها مطالب متعددة من منظمات المجتمع المدني وأصدرت خلالها المنظمات بيانات متعددة مثل موضوع المقاعد التعويضية ويعد موضع إقراره تعديا سافرا على حق المحافظات الانتخابي وعلى أرادة الجماهير وانتهاك أهم الأسس والتقاليد الديمقراطية المعروفة والمتداولة في العالم “.ويشير البطاط الى ان مجلس النواب اصدر قراراً يتضمن اعتبار احد الأشخاص عضواً في مجلس النواب بدلاً عن احد النواب الذي تولى وزارة في التشكيلة الحالية ، وهذا الإجراء مخالف لقانون الانتخابات لسنة 2005 المعدل وخصوصاً نص المادة 3 أولا /بان يكون الترشيح بطريقة القائمة المفتوحة وأن كل نائب يمثل مائة إلف ناخب/.وتابع :” كما أن نص المادة 2 من القانون النافذ نصت على /تكون كل محافظة وفقاً للحدود الإدارية الرسمية دائرة انتخابية واحدة تختص بعدة مقاعد متناسبة بعدد السكان في المحافظة حسب أخر الإحصائيات المعتمدة/ إي إن تعويض المقعد الشاغر يكون من المحافظة نفسها أي من الدائرة الانتخابية نفسها حتى يكون تمثيل عدد المقاعد متناسباً مع عدد السكان في المحافظة حسب نص المادة المذكورة “.وأضاف ” أن إشغال المقعد من غير سكان المحافظة سيكون مخالفاً لنص القانون المذكور ، لذا يكون الترشيح القانوني والشرعي هو من أبناء المحافظة وللعضو الذي يليه في الترتيب من القائمة في المحافظة نفسها ، وان هذه المخالفة واضحة لنصوص الدستور وقوانين الانتخابات “.وقال ” شرع البرلمان قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم /6/ لسنة 2006 الذي أكد بشكل لا يقبل اللبس فيه آلية الاستبدال وفصل بين المقاعد التعويضية إذ نصت المادة (2) الفقرة (2) من هذا القانون على ما يلي /إذا كان المقعد الشاغر ضمن مقاعد المحافظة التي حددها القانون الانتخابي فيعوض من الكتلة التي ينتمي إليها العضو المشمول ضمن قائمة المحافظة/ “.وتمنى على أعضاء البرلمان ان لا تتكرر المشاهد السابقة ، معتبرا ان تكرار تلك القوانين التي في حال إقرارها ، يهدد العملية الديمقراطية في العراق.ورأى ” ان تعليق الأمل على صناديق الاقتراع والانتخابات المتكررة بهدف تغيير الوضع السياسي القائم هو الأمل في بناء عراق مستقر ينعم أبناؤه بإرادة الشعب ، وان الإخلال بأساس العملية الديمقراطية والمتمثل بالانتخابات سيبدد الحلم العراقي في بناء ديمقراطية حقيقية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *